تحقيقات وتقارير

تجويع متعمد .. الموت البطيء يتربص بسكان الفاشر

تقرير ــ صلاح أبكر محمد

تتسلل كلثوم إبراهيم عبد الله من منزلها في مخيم أبو شوك شمالي الفاشر بولاية شمال دارفور، قبل شروق الشمس من أجل الوقوف في طابور طويل أمام معصرة الزيت للحصول على كمية ضئيلة من الأمباز لسد جوع صغارها.

تبدو كلثوم، وهي تقف ساعات طويلة في طابور الأمباز، مثل شيخ صوفي يتحمل مشقة الحياة في جلد، رغم أن المأساة التي تعيشها من صنع الإنسان، وتحديدًا من قوات الدعم السريع التي اتخذت التجويع استراتيجية لإسقاط الفاشر.

تعيش هذه المرأة، ضمن مئات الآلاف من المدنيين الذين لم يستطيعوا الفرار، في مدينة تمنع عنها قوات الدعم السريع الإغاثة والسلع والأدوية المنقذة للحياة، بعد أن تحكمت في طرق الإمداد بشن هجمات مروعة على جميع القرى قرب الفاشر.

لم تكتفِ قوات الدعم السريع بالحصار، بل شنت هجمات على المستشفيات والأسواق لإنهاء سبل الحياة في المدينة التي لم يتبقَّ فيها سوى سوق واحد انعدمت منه معظم السلع بما في ذلك الدخن والذرة الرفيعة.

وأزاء هذا الوضع، وفي ظل ارتفاع أسعار السلع المتوفرة في السوق الوحيد العامل، اضطرت كلثوم مثل غيرها إلى الاعتماد في الغذاء على الأمباز من أجل البقاء على قيد الحياة، في ظل اكتظاظ المطابخ الجماعية ــ التكايا ــ بالجوعى.

تدرج الحصار

وجبة الامباز قبل طحنه إلى حبيبات واستخدامه كغذاء بإضافة السكر أو الملح أو الصلصلة قبل تناوله

تقول كلثوم، بعد أن تنهدت بآسٍ، إننا نضطر لتناول الأمباز، وهو بقايا الفول السوداني والسمسم بعد استخراج الزيت منه، ويُستخدم علفًا للحيوانات، بعد أن أصبحت المواد الغذائية بعيدة المنال لانعدامها وارتفاع أسعارها، حيث يتفاقم الوضع في ظل ندرة السيولة النقدية.

وتشير إلى أن إعداد وجبة الأمباز لا يتطلب الأمر، حيث يُخلط بالصلصة ويُتناول مع العصيدة، وهي غذاء يُصنع من القمح أو الذرة الرفيعة، كما يمكن تناوله بإضافة الملح لعدم استطاعتها توفير السكر.

تصف كلثوم التي تبلغ من العمر 40 عامًا الوضع في الفاشر بأنه “موت بطيء”، حيث يتجول الكثير من الأشخاص في الشوارع بلا هدف بحثًا عن الطعام.

بدأت قوات الدعم السريع حصارها على الفاشر في 24 أبريل 2024، فور سيطرتها على مليط، حوالي 60 كيلومترًا شمالي المدينة، عقب إعلان عدد من الحركات المسلحة بدارفور انضمامها للقتال في صفوف الجيش السوداني.

وأدت سيطرة الدعم السريع على مليط إلى إغلاق الطريق الحيوي الذي تمر عبره المواد الغذائية والأدوية والمساعدات الإنسانية القادمة من شمال وشرق السودان ومن ليبيا والطينة التشادية إلى الفاشر.

أدرك مجلس الأمن الدولي مبكرًا آثار حظر وصول الإمدادات إلى الفاشر، حيث طالب في 13 يونيو 2024 الدعم السريع بإنهاء حصارها على الفاشر ووقف القتال داخل وحول المدينة.

ولم تكترث القوات لهذا القرار الدولي، حيث واصلت حصارها الذي امتد نحو شرق المدينة، ثم إلى الجنوب الشرقي، قبل أن يتحول إلى الغرب بقطع الطريق الرابط بين مدينتي طويلة والفاشر، وهو أيضًا طريق أساسي تصل عبره مواد غذائية وأدوية من تشاد، إضافة إلى المنتجات الزراعية القادمة من منطقة جبل مرة.

وضاعفت الدعم السريع الخناق على الفاشر باجتياح مخيم زمزم في أبريل السابق، كما شددت قيود دخول السلع الغذائية والوقود التي كانت تحدث عبر التهريب، بتشييد خنادق عميقة حول المدينة.

تعثر محاولات الإنقاذ

عمل الجيش في الأشهر الأولى من حصار الفاشر على إنزال المواد الغذائية والأدوية عبر الإنزال الجوي بواسطة الطائرات الحربية، لكن توقف بعد إسقاط الدعم السريع طائرة حربية أثناء محاولتها إسقاط السلع على المدينة في 3 أبريل المنصرم.

كان هذا الإنزال بارقة أمل أمام مئات الآلاف من الجوعى في الفاشر بأن هناك “من لم ينساهم”، لكن حادثة إسقاط الطائرة جعلت سكان المدينة والنازحين أمام الجوع “وجهًا لوجه”.

وأعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في 4 مايو المنصرم، تحرك قافلة إنسانية من بورتسودان شرقي السودان إلى الفاشر، بعد أشهر طويلة من تعطيل وصول الإمدادات إلى المدينة.

وصلت القافلة المكونة من 15 شاحنة تحمل مواد غذائية، إضافة إلى شاحنتين من منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، محملة بأدوية ومعدات ومستهلكات طبية، ومكملات غذائية للأطفال، بعد أن قطعت مسافة تُقدَّر بنحو 1800 كيلومتر إلى بلدة الكومة، الواقعة على بُعد 78 كيلومترًا شمال شرقي مدينة الفاشر، وسرعان ما تعرضت لقصف جوي.

وحدث القصف في 2 يونيو السابق، مما أدى إلى إحراق عدة شاحنات ومقتل 5 عمال إنسانيين، وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي واليونيسف.

أطفال يتناولون طعام في مطبخ جماعي بمدينة الفاشر

موسمان بلا زراعة

لم تقتصر مآسي الفاشر على حظر وصول الإمدادات وتدمير الأسواق والمستشفيات ومصادر المياه، وإنما امتدت إلى تعطيل سبل العيش، بما في ذلك الأنشطة الزراعية.

يقول المزارع إسحق محمد أحمد عيسى إنه كان يعتمد على الزراعة لكسب قوت يومه، قبل أن تجبره الحرب المستعرة في الفاشر على النزوح إلى أحد مراكز الإيواء داخل المدينة.

ويوضح أنه اعتاد نقل محصوله من أراضيه الزراعية في منطقة شنقل طوباي جنوب غرب الفاشر إلى منزله بحي التضامن شرقي المدينة، وهي منطقة خاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع.

ويتابع إسحق: “نحو 80% من سكان دارفور يعتمدون على الزراعة كمصدر رئيسي للغذاء، لكن الحرب أخرجت معظم المزارعين في شمال دارفور من دائرة الإنتاج، ما أدى إلى نقص حاد في المواد الغذائية، خصوصًا مع الحصار الذي يمنع دخول الإمدادات إلى الفاشر”.

اليوم، لم يتبق له سوى بعض محصول “العدسية” الذي حصده قبل عامين. ويعيش هو وأسرته على هذه الكمية المحدودة، ولا يحصل على وجبة تحتوي على اللحم إلا عندما يتلقى حوالة مالية من ابنه المغترب.

ومع تفاقم الأزمة الغذائية، لم يعد إسحق يطعم أسرته فقط، بل يشارك ما لديه من طعام مع أكثر من 20 شخصًا من جيرانه النازحين. يقول بصوت مثقل بالتعب: “هو طعام لا يكفي للشبع، لكنه يبقينا على قيد الحياة”.

إن تعطل الأنشطة الزراعية في الفاشر، بما في ذلك زراعة الخضر والفاكهة، جعل مائدة السكان تفتقر إلى تنوع الأطعمة قبل أن يصبح الأمباز الوجبة الوحيدة المتوفرة.

وتحدّث مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في 8 يوليو المنصرم عن تقييم أجراه شركاء العمل الإنساني، يُظهر أن 38% من الأطفال دون سن الخامسة في مراكز النزوح بمدينة الفاشر يعانون من سوء تغذية حاد، بينهم 11% يعانون من سوء تغذية حاد وشديد.

ويُشير إلى أن انهيار خدمات المياه والصرف الصحي، وانخفاض تغطية التطعيم، أديا إلى زيادة حادة في خطر تفشي الأمراض.

وأجبرت الحرب والحصار أكثر من 782 ألف شخص على النزوح من مدينة الفاشر ومخيم زمزم، وفقًا لمنظمة الهجرة الدولية، فيما يتحدث برنامج الأغذية العالمي عن وجود 300 ألف مدني لا يزالون محاصرين في الفاشر، حيث أرسل تحويلات نقدية إلى 256 ألفًا منهم في يونيو الماضي.

متطوعون في أحد المطابخ الجماعية يقدمون الوجبات الغذائية لمجموعة من النساء والأطفال

باب خلفي للحياة

جراء الحصار المطبق الذي تفرضه قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، لم يبقَ أمام السكان إلا إدخال السلع والمواد التموينية إلى المدينة عبر بوابة التهريب.

يقول التاجر موسى إنه مع اشتداد الحصار أصبح التهريب أمرًا خطيرًا، وتوقف بعض المهربين عن نشاطهم بعد ضبط قوات الدعم السريع عددًا منهم ومصادرة بضائعهم.

الدراجات النارية لإدخال البضائع

ويضيف: “في الأيام الأولى للحصار، استخدم التجار الدراجات النارية لإدخال البضائع من مناطق شنقل طوباي، طويلة، مليط والكومة، ومع زيادة وطأة الحصار، تحول المهربون إلى استخدام الدواب، وعربات الكارو، قبل أن تضع قوات الدعم السريع حدًا نهائيًا لعمليات التهريب ومنع دخول السلع إلى المدينة بصورة نهائية”.

جدول يوضح فروقات أسعار السلع بين الفاشر ونيالا

تشتد الضائقة المعيشية على سكان مدينة الفاشر مع مرور كل يوم، حيث أدى الحصار إلى حدوث ندرة في السلع وشُح في السيولة النقدية، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة.

وأفاد التاجر موسى محمد إبراهيم بأن آثار الحصار تظهر في فروقات أسعار السلع الأساسية والضرورية بين مدينتي (الفاشر ونيالا).

وبرزت مبادرات التكايا، في ظل محاولات السكان للتعامل مع الواقع الذي فرضه الحصار الخانق على مدينة الفاشر، حيث تطوع بعض شباب المدينة لتقديم وجبات غذائية للنازحين في مراكز الإيواء والمواطنين في الأحياء.

وتوجد في المدينة أكثر من 15 تكية ومطبخ جماعي، أبرزها “تكية الفاشر” التي تضم ثمانية مطابخ جماعية، بالإضافة إلى “تكية مبادرة الفاشر”، و”تكية شير في الخير”، إلى جانب مطابخ أخرى.

حياة بائسة

بينما أوضح المتطوع في “تكية شير في الخير”، محي الدين الصحاف، أن التكية تقدم وجبتين في يومي “الاثنين والخميس” من كل أسبوع، بدعم من المتبرعين عبر مجموعة في تطبيق “واتساب”.

وبحسب الصحاف، تواجه هذه “التكايا” صعوبات كبيرة في إعداد الوجبات، بسبب القصف المدفعي المتكرر والاشتباكات اليومية بين أطراف النزاع، الأمر الذي يعرض المتطوعين للخطر ويعيق وصولهم إلى الأسواق لشراء مستلزمات المطبخ، مشيرًا إلى أنه نتيجة لذلك، أصبح إعداد الوجبات يتم بواسطة المستفيدين أنفسهم، بإشراف إداري من المبادرة.

نساء يعدن طعامًا في تكية الفاشر لا يكفى سوى لعدد ضئيل من الجوعى

وأوضح أن الوجبات تُعد بما هو متاح من المواد الغذائية في الأسواق وظروف الوضع الأمني، مثل “العدسية أو العصيدة، وأحيانًا لحوم”.

وتكتظ مراكز الإيواء بمدينة الفاشر ومخيم أبو شوك شمال المدينة بالنازحين، بعد موجة النزوح العكسي من مخيم زمزم، وصرّح حسن صابر جمعة، مدير إدارة النازحين بمفوضية العون الإنساني بولاية شمال دارفور، بأن عدد مراكز الإيواء داخل المدينة ومخيم أبو شوك بلغ 45 مركزًا، تستضيف نحو 16 ألف أسرة، أي ما يقارب 80 ألف نسمة.

وأوضح أن الأوضاع المعيشية في هذه المراكز بالغة السوء، حيث ينتشر الجوع وسوء التغذية الحاد بين الأطفال والنساء. وأشار إلى أن الأُسر باتت تعتمد على “الأمباز” وما تقدمه المطابخ الجماعية من وقت لآخر.

وأرجع الأزمة إلى النقص الحاد في المواد الغذائية في المدينة، بسبب الحصار المفروض على المدينة، والذي أدى إلى توقف المنظمات الدولية والوطنية عن تقديم المساعدات الإنسانية.

وأكد صابر أنه رغم ذلك، تبذل المفوضية جهودًا كبيرة للحصول على الدعم وتقديمه للنازحين، بالتركيز على الحالات الحرجة داخل مراكز الإيواء. كما دعا إلى السماح للمنظمات الدولية بالتدخل العاجل، والوصول إلى المدينة لتقييم احتياجات السكان المدنيين، لا سيما في مجالات المياه والغذاء والصحة.

على وشك النفاد

وتداخلت عوامل الحصار وارتفاع أسعار السلع بمبالغ لا يمكن لمعظم السكان مجاراتها، إلى اعتماد المواطنين على “الأمباز”، الذي تحول إلى غذاء يومي لآلاف الناس.

إعداد الوجبات في أحد المطابخ الجماعية

ويقول فرح عثمان، صاحب معصرة زيوت محلية في المدينة، إن الطلب على الأمباز بلغ ذروته، حيث “أبيع أكثر من 100 كيلوغرام يوميًا، ويصطف الناس منذ ساعات الصباح الأولى للحصول على الأمباز الطازج، الذي أصبح أكثر طلبًا من القديم”.

ويشير إلى أن الأمباز بات على وشك النفاد، بسبب عدم وجود وارد من الفول السوداني.

ويوضح عثمان أن الأسعار ارتفعت بشكل غير مسبوق، حيث “بلغ سعر قنطار الفول في الفاشر 400 ألف جنيه، وهو أكثر من عشرة أضعاف سعره في مدينة نيالا التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حيث يُباع هناك بنحو 35 ألفًا فقط”.

ورفض قادة في الدعم السريع التعليق على الحصار المفروض على الفاشر.

 

صرخة امرأة

تروي ست البنات فصول معاناة متجددة تعيشها مع أطفالها داخل مركز الإيواء بجامعة الفاشر، بعد أن أصبح الحصول على وجبة في اليوم غاية كل من بقي في المدينة.

وتقول إنها نزحت مع أطفالها إلى “المركز بلا شيء. لا نملك قوت يومنا، ونعتمد على التكايا في الحصول على بعض الوجبات. وإن لم نجد شيئًا، نأكل الأمباز”.

وتتابع: “وجبة الإفطار عادةً ما تكون عصيدة وملاح أمباز بالصلصة، أما في المساء، فكثيرًا ما نكتفي بأمباز بالملح. وفي أحيان أخرى، لا يجد أطفالي شيئًا يأكلونه”.

فرت ست البنات إسماعيل محمد وهي تحمل طفليها الأصغر والأوسط، بينما يمسك طفلها الأكبر بطرف ثوبها، وهي تركض بحثًا عن النجاة من طاحونة الموت التي يدور رحاها في أحياء وشوارع مدينة الجنينة بغرب دارفور.

هربت ست البنات وأطفالها من الموت في الجنينة إلى المجهول، بعد أن فقدت التواصل مع زوجها مع احتدام القتال في المدينة، فلا تدري أين تدفع بهم الأقدار.

تقول ست البنات إنها ظلت تركض حتى خرجت من حدود مدينة الجنينة، ومن ثم وجدت نفسها تسلك الطريق المؤدية إلى منطقة سرف عمرة، التي تبعد نحو 90 كيلومترًا في الاتجاه الشمالي الشرقي، ومنها قطعت حوالي 270 كيلومترًا إلى مخيم زمزم للنازحين، 12 كيلومترًا جنوبي مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور.

وتوضح أنه بعد أقل من عام على وصولها إلى زمزم، لم يعد المخيم ملاذًا آمنًا كما كانت تظن، حيث سرعان ما فرضت قوات الدعم السريع حصارًا خانقًا على الفاشر والمناطق المحيطة بها، بما في ذلك مخيم زمزم الذي لاذت إليه.

حبات من الأمباز الذي يتناوله
سكان مدينة الفاشر

وتشير إلى أنه رغم هذا الحصار وما أسفر عنه من جوع ومعاناة، وسوء التغذية الذي يتربص بصغارها وآلاف الأطفال، فقد استيقظت ذات فجر على أصوات القصف المدفعي الكثيف واقتحام قوات الدعم السريع للمخيم، في مشهد أعاد لها كابوس المعارك التي أجبرتها على الفرار من مدينة الجنينة، فلم يكن أمامها إلا تكرار تجربة الفرار مرة أخرى.

تقول ست البنات إنها فرت من المخيم إلى مركز الإيواء منهكة الجسد، مع قليل من الأمل في إنقاذ أطفالها من آلة الحرب التي ظلت تطاردهم لأكثر من عامين. ورغم ذلك، شيدت (راكوبة) من المواد المحلية، احتضنت فيها أبناءها، ومن ثم بدأت رحلة البحث عن حبات من “الأمباز” لصغيراتها، لعل بطونهم تقاوم لسعات الجوع.

يُنشر هذا التقرير ضمن مشروع “انترنيوز” الخاص بتغطية الوضع الإنساني والانتهاكات وتأثير النزاع في السودان على الاقتصاد والبنية التحتية وتدهور البيئة.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى