
في قلب المعارك الدائرة في شمال دارفور، تحول المهندس المعماري محمد عبد الله إلى مقاتل، منضمًا إلى صفوف القوات المشتركة التي تقاتل إلى جانب الجيش السوداني. هذا التحول يأتي في مواجهة مليشيات الدعم السريع التي تفرض حصارًا خانقًا على مدينة الفاشر بهدف السيطرة عليها.
من موقع بناء إلى ساحة معركة
في حديث مع بي بي سي عبر رسائل صوتية، أكد عبد الله أن قراره لم يكن سهلًا، فقد كان في السابق معارضًا للعنف، لكنه وجد نفسه مدفوعًا للدفاع عن أرض أجداده. “كنت أعمل في البناء قبل الحرب، ولكن ما حدث لاحقًا دفعني للانضمام إلى القتال لحماية مدينتنا”، يقول عبد الله. وأوضح أن الانتهاكات التي مارستها قوات الدعم السريع، من قتل وتهجير، كانت الدافع الرئيس لقراره، مؤكدًا أنه لن يقف مكتوف الأيدي. بعد تدريب استمر لخمسة أشهر، بات عبد الله جاهزًا لخوض القتال، مصممًا على مواصلته حتى استعادة المدينة بالكامل.
تغيير المواقف يعيد إشعال الحرب
على عكس مدن أخرى في السودان، بقيت الفاشر بمنأى عن الحرب لأكثر من عام . لكن في 11 أبريل 2024، تغيرت الأوضاع بشكل جذري. فبعد أن كانت الحركات المسلحة على الحياد، قررت حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، الانضمام إلى الجيش.
هذا التحول برره مناوي بأنه لا يمكن الوقوف على الحياد بينما يتعرض أهلهم للقتل، في إشارة إلى الأحداث التي شهدتها مدينة نيالا.
معركة وجود وكرامة
يصف محمد عبد الله القتال بأنه “معركة وجود وكرامة، وليست مجرد قتال من أجل فوز عسكري”. هذا الشعور يشاركه فيه العديد من مقاتلي القوات المشتركة التي تنشط بشكل كبير وفعّال إلى جانب الجيش في التصدي لهجمات الدعم السريع.
بدورها، تصف آسيا الخليفة، المتحدثة باسم القوات المشتركة، القتال بأنه “واجب مقدس” ضد “ميليشيا إرهابية”، مشيرة إلى أنهم صدوا أكثر من 220 هجومًا على الفاشر. وتؤكد أن الدفاع عن مقر الجيش في “الفرقة السادسة” هو دفاع عن المدينة بأكملها، حيث أن سقوطه يعني سقوط الفاشر.
الدعم السريع يرى الفاشر هدفًا حاسمًا
من جهته، يرى ضابط رفيع في قوات الدعم السريع أن السيطرة على الفاشر هي مفتاح السيطرة على إقليم دارفور بأكمله، حيث إنها المدينة الوحيدة المتبقية تحت سيطرة الجيش. واعترف الضابط بأنهم تكبدوا خسائر بشرية فادحة في معارك الفاشر، مؤكدًا أن الأمر تحول إلى تحدٍ شخصي لن يتراجعوا عنه حتى تحقيق السيطرة الكاملة على المدينة.