اخبار

جنوب السودان تخرق اتفاق دولي مع السودان

متابعات _ اوراد نيوز

متابعات _ اوراد نيوز

كشف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن تصاعد ملحوظ في تمركز قوات الأمن التابعة لدولة جنوب السودان وعناصر من قوات الدعم السريع في منطقة أبيي المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان. ويمثل هذا الانتشار خرقًا لاتفاقية عام 2011 الموقعة بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان، والتي تنظم الترتيبات الأمنية والإدارية المؤقتة في المنطقة.

جاء هذا الكشف في تقرير قدمه غوتيريش لمجلس الأمن الدولي في مطلع مايو الحالي، والذي استعرض تنفيذ ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة لأبيي خلال الفترة الممتدة من 2 أكتوبر 2024 إلى 15 أبريل 2025.

ووفقًا للتقرير الذي نقلته “سودان تربيون”، فقد تمركزت قوات أمن جنوب السودان، بما لا يقل عن 600 جندي وشرطي، بشكل مستمر في الجزء الجنوبي من أبيي، في تحدٍ واضح لاتفاق 2011. وأشار التقرير إلى أن هذا العدد يمثل زيادة مقارنة بالفترة التي سبقت التقرير الحالي، مما دفع القوة الأمنية المؤقتة إلى توجيه مذكرتين احتجاجيتين شفهيتين لحكومة جنوب السودان بشأن هذا الوجود العسكري.

وأوضح التقرير أن قيادة البعثة الأممية أكدت مرارًا وتكرارًا على ضرورة سحب هذه القوات خلال اجتماعات عقدت مع سلطات جنوب السودان في ديسمبر 2024 وفبراير ومارس 2025. وكشف التقرير أيضًا عن قيام قوات الدفاع الشعبي، وهي جيش جنوب السودان، بإنشاء مواقع في منطقة أقوك وإقامة نقاط تفتيش عند تقاطعي أتوني وكوريوش، بالإضافة إلى احتلال مبانٍ مدنية، من بينها ثلاث مدارس ومركز تابع للجنة الحماية في أقوك.

وأكد التقرير أن استيلاء الجيش والشرطة على مرافق لجنة الحماية في أقوك أعاق قدرة شرطة الأمم المتحدة على العمل المشترك مع اللجنة وتقديم الدعم والتوجيه اللازمين، كما أثر سلبًا على حقوق المدنيين في الحصول على التعليم وسبل العيش والرعاية الصحية.

وبيّن التقرير أن وجود قوات الأمن في جنوب أبيي يحد من قدرة القوة الأمنية المؤقتة على القيام بدوريات في المنطقة الواقعة جنوب تقاطع أتوني وإنشاء قاعدة عمليات لها هناك.

وذكر التقرير أن شرطة جنوب السودان أنشأت نقطة تفتيش في منطقة باناكواش، التي تبعد 12 كيلومترًا شمال أقصى نقطة جنوبية في المنطقة الحدودية الآمنة والمنزوعة السلاح، مما فرض قيودًا على حركة دوريات الآلية المشتركة لمراقبة الحدود، وهو ما يعد انتهاكًا لاتفاق مركز القوات.

وأشار التقرير إلى أن قوات أمن جنوب السودان تنتشر أيضًا في منطقتي فنيكانق وكوبري، في مخالفة صريحة للطبيعة المنزوعة السلاح للمنطقة الحدودية الآمنة.

ولفت التقرير إلى استمرار تدفق الأسلحة الصغيرة والخفيفة إلى الجزء الشمالي من أبيي، بالإضافة إلى ورود تقارير عن وجود أفراد مرتبطين بقوات الدعم السريع في سوق أميت.

وأوضح التقرير أن القوة الأمنية المؤقتة قامت في 12 مارس الماضي باعتراض شخص يرتدي زي قوات الدعم السريع بالقرب من قاعدتها في دفرة. وفي اليوم نفسه، تجمع شخصان ادعيا أنهما القائد ونائبه المسؤولان عن الدعم السريع في دفرة، بالإضافة إلى مجموعة من المتظاهرين الذين طالبوا بالإفراج عن الشخص المحتجز، والذي أُطلق سراحه لاحقًا.

وذكر التقرير أن دورية تابعة للقوة الأمنية المؤقتة رصدت في 13 مارس الماضي حوالي 25 فردًا نظاميًا وجنديًا من قوات الدعم السريع بالقرب من قرية مكينس في القطاع الشمالي، حيث قيل إنهم كانوا يحققون في حادثة سرقة.

وأفاد التقرير بأن القوة الأمنية المؤقتة عقدت اجتماعات مع حكومة جنوب السودان يومي 23 و24 مارس الماضي، ناقشت خلالها التهديد الذي تمثله قوات الدعم السريع لحرية تنقل أفراد القوة الأممية.

وفي 28 فبراير الماضي، شنّت قوات الدعم السريع هجومًا على قافلة لوجستية تابعة للقوة الأمنية المؤقتة في منطقة نياما بولاية غرب كردفان، كانت في طريقها من أبيي إلى مقر الآلية المشتركة لمراقبة الحدود والتحقق في كادوقلي بجنوب دارفور. وخلال الهجوم، اختطفت عناصر الدعم السريع أربعة من جنود حفظ السلام وثمانية سائقين، وصادرت معدات تابعة للأمم المتحدة، قبل أن تطلق سراح الجنود دون إعادة ثماني شاحنات وقود استولت عليها أثناء الهجوم.

وأشار التقرير إلى أن النزاع الدائر في السودان أدى إلى منع الشركات الخاصة المتعاقدة مع الأمم المتحدة من إعادة إمداد مقر الآلية المشتركة لمراقبة الحدود والتحقق في كادوقلي، مما استلزم تسيير قوافل لوجستية يرافقها جنود حفظ السلام. وأوضح أن هذه القوافل تواجه نقاط تفتيش متعددة تابعة لقوات الدعم السريع على طول الطريق، مما يشكل خطرًا على أمنها.

وبيّن الأمين العام للأمم المتحدة أن العملية السياسية في أبيي لا تزال متأثرة بالنزاع في السودان والتحديات الداخلية في جنوب السودان، دون تحقيق أي تقدم يذكر فيما يتعلق بتسوية الوضع النهائي للمنطقة وقضايا الحدود.

وأشار إلى أن حكومة جنوب السودان عقدت منتدى المحافظين الثامن في جوبا خلال الفترة من 26 نوفمبر إلى 2 ديسمبر 2024، حيث أوصى بتشغيل مطار خاضيان “أتوني” وإرسال قوات شرطة إلى أبيي. وذكر أن المنتدى أوصى أيضًا بمناقشة الهيئة التشريعية لمنطقة أبيي الإدارية لنتائج استفتاء عام 2013 وإقرارها، وإحالة قرارها إلى حكومة جوبا لاعتماده أو تأييده.

وقد أقرت اللجنة الإدارية لأبيي نتائج الاستفتاء في 27 ديسمبر 2024، بناءً على توصية منتدى المحافظين، كما اعتمدتها مجموعة الحوكمة التابعة لجنوب السودان قبل أن تقدم مذكرة إلى مجلس الوزراء الذي لم يدرجها في جدول أعماله حتى الآن.

تجدر الإشارة إلى أن السودان وجنوب السودان فشلا في التوصل إلى اتفاق بشأن الجهة التي يحق لها المشاركة في استفتاء تقرير مصير أبيي المنصوص عليه في اتفاق السلام الشامل لعام 2005، وذلك بسبب رفض قبيلة الدينكا نقوك مشاركة الرحل من قبيلة المسيرية في الاستفتاء. وكانت قبيلة دينكا نقوك قد نظمت في عام 2013 استفتاءً من جانب واحد أقر تبعية المنطقة لجنوب السودان، إلا أن الخرطوم رفضت الاعتراف به، كما رفضت تطبيق اتفاق يقضي بتكوين إدارة مشتركة في المنطقة لحين الاتفاق على مستقبلها.

وأفاد التقرير بأن مجموعة من زعماء قبيلة المسيرية قدموا مذكرة إلى الأمم المتحدة يعربون فيها عن رفضهم للخطوات المتخذة لاعتماد نتائج الاستفتاء، كما أبدت وزارة الخارجية السودانية قلقها إزاء تصريحات أدلى بها مسؤولون من جنوب السودان بشأن أبيي.

وذكر التقرير أن القوة الأمنية المؤقتة عقدت مناقشات مع مسؤولين سودانيين، من بينهم وزيرا الدفاع والخارجية، والذين أبدوا استعدادهم لاستئناف اجتماعات الآلية السياسية والأمنية المشتركة ولجنة الرقابة المشتركة في أبيي. وبيّن التقرير أن البعثة الأممية أرسلت مذكرتين إلى حكومتي الخرطوم وجوبا في ديسمبر 2024 وفبراير 2025، أكدت فيهما استعدادها لدعم تنشيط الآليات السياسية المشتركة.

يُذكر أن اجتماعات الآلية السياسية والأمنية المشتركة واللجنة الحدودية قد توقفت منذ اندلاع النزاع في السودان في 15 أبريل 2023. وقد أعرب غوتيريش عن ارتياحه لاستعداد السودان لاستئناف اجتماعات لجنة الرقابة المشتركة، ودعا حكومة جوبا إلى الانخراط في هذه العملية.

ولم تستغل الخرطوم وجوبا تحسن العلاقات الذي أعقب عزل الرئيس عمر البشير من السلطة في أبريل 2019 في وضع حد لخلافاتهما بشأن منطقة أبيي والحدود المشتركة.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى