
التثاؤب سلوك بشري شائع اعتدنا ربطه بالنعاس أو الملل، لكن حين يتكرر بشكل مبالغ فيه قد يصبح علامة على مشكلات صحية أعمق تستدعي الانتباه. الطب الحديث يرى أن هذه الحركة البسيطة قد تخفي وراءها رسائل مهمة من الجسم حول وضعه النفسي أو الجسدي.
اضطرابات النوم.. السبب الأكثر شيوعاً
تشير مؤسسة النوم الوطنية الأميركية إلى أن انقطاع النفس النومي أو النوم القهري من أبرز أسباب التثاؤب المفرط، حيث يظل الشخص يعاني النعاس خلال النهار حتى لو حصل على قسط كافٍ من النوم ليلاً.
هذا النعاس المصحوب بتكرار التثاؤب يعد إنذاراً مبكراً لاضطراب جودة النوم، الأمر الذي قد يترتب عليه مضاعفات كارتفاع ضغط الدم أو زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.
الأدوية وآثارها الجانبية
بعض الأدوية تجعل التثاؤب عرضاً طبيعياً، مثل:
-
مضادات الاكتئاب.
-
مضادات الهيستامين.
-
المهدئات.
هذه الأدوية تؤثر في الجهاز العصبي وتزيد من الإحساس بالنعاس. ورغم أن الأمر لا يعد خطراً في حد ذاته، إلا أن ظهور الأعراض بشكل مزعج يستوجب مراجعة الطبيب لتعديل الجرعة أو تبديل الدواء.
التثاؤب كعرض عصبي أو دماغي
في حالات نادرة قد يكون التثاؤب المفرط إشارة إلى اضطرابات عصبية مثل:
-
الصرع.
-
التصلب المتعدد.
-
السكتة الدماغية.
وتوضح دراسات نشرت عام 2023 في Medical News Today أن وجود ورم في الفص الأمامي للدماغ أو جذع الدماغ يمكن أن يحفز التثاؤب نتيجة تأثر مراكز التحكم في التنفس والعصب المبهم.
علاقة غير متوقعة بالقلب والدورة الدموية
بعض الدراسات ربطت التثاؤب المفرط بمشكلات في القلب أو الجهاز التنفسي. إذ قد يؤدي تنشيط العصب المبهم إلى انخفاض ضغط الدم ومعدل ضربات القلب. وفي حالات نادرة، قد يكون التثاؤب المتكرر إنذاراً مبكراً لنوبة قلبية، بخاصة إذا صاحبه ألم في الصدر أو دوار.
العامل النفسي.. التوتر والقلق
الجانب النفسي لا يقل أهمية. التثاؤب أحياناً يكون استجابة جسدية للتوتر، شبيهاً بالتنفس العميق، حيث يسعى الجسم عبره إلى تهدئة الجهاز العصبي. لذا فإن الأشخاص الذين يعانون القلق أو الضغوط اليومية قد يلاحظون زيادة في معدل التثاؤب.
متى يستدعي التثاؤب استشارة الطبيب؟
التثاؤب يصبح مقلقاً إذا تكرر بشكل مفرط (أكثر من 3 مرات خلال 15 دقيقة) أو ترافق مع أعراض مثل:
-
صعوبة التنفس.
-
دوار أو تعب شديد.
-
ضباب ذهني أو تغيرات في الرؤية.
-
ألم في الصدر.
وفق الأكاديمية الأميركية لطب النوم (2023)، فإن النعاس المفرط والتثاؤب المتكرر يزيدان من مخاطر حوادث السير ويضاعفان فرص الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم.
الخلاصة
رغم أن التثاؤب في معظم الأحيان ظاهرة طبيعية لا تدعو للقلق، فإن تحوله إلى حالة متكررة وغير مبررة قد يكون جرس إنذار مبكر لمشكلات صحية، بدءاً من اضطرابات النوم مروراً بآثار الأدوية، وصولاً إلى أمراض عصبية أو قلبية.
الرسالة الأهم: لا ينبغي إهمال هذه الإشارة البسيطة من الجسم، فالتثاؤب المتكرر قد يكون أكثر من مجرد “إحساس بالنعاس”.