اخبار

مبارك النور يدعو مناوي للتقدم لفك الحصار عن الفاشر

في ظل انسداد الأفق السياسي وتنامي مؤشرات التقسيم الفعلي في السودان، أطلق مبارك النور عبدالله بخيت، الأمين العام للتنسيقية العليا لكيانات شرق السودان، دعوة مباشرة إلى القائد مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور، مطالبًا إياه بالتقدم إلى الصفوف الأمامية لفك الحصار المفروض على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، والتي باتت رمزًا لصمود متآكل في وجه حصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع.

لم تقتصر دعوة بخيت على مناوي وحده، بل شملت أيضًا حكام الأقاليم وولاة الولايات، لحشد تعبئة عامة ونوعية، تدعم القوات المسلحة والقوى النظامية الأخرى، وتقدم سندًا ميدانيًا لسكان دارفور الذين يعانون ظروفًا إنسانية بالغة القسوة في ظل حرب مستعرة، يتضاءل معها الأمل في نهاية قريبة.

تصريحات مناوي: كشف ما يُقال في الكواليس

دعوة بخيت جاءت بعد تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها مناوي في بورتسودان، خلال لقائه بزعماء قبائل، أظهر فيها قلقًا بالغًا من ما وصفه بمحاولات حثيثة لتقسيم السودان إلى ثلاث حكومات بحكم الأمر الواقع، معتبرًا أن دارفور تُركت تواجه مصيرها وحدها بعد أن استعاد الجيش العاصمة الخرطوم وولايات الوسط.

وكشف مناوي عن ما اعتبره “لامبالاة مقلقة” لدى مسؤولين كبار في الدولة، اعتبروا أن استعادة الخرطوم كافية، وقللوا من أهمية ما يجري في الغرب. وذهب أبعد من ذلك، حين نقل عن سفير دولة كبرى – لم يسمها – تساؤله عن احتمال بروز ثلاث حكومات موازية: إحداها بقيادة البرهان في الوسط والشرق، والثانية بقيادة حميدتي في دارفور، والثالثة بقيادة عبد العزيز الحلو في جنوب كردفان.

تحذيرات مناوي، وإن كانت لا تزال ضمن الخطاب التحذيري، تعكس قلقًا مشروعًا من انقسام البلاد على أسس جغرافية وجهوية، بدعم من سياقات داخلية متصدعة وضغوط إقليمية ودولية تبحث عن موطئ قدم في أي “أمر واقع” جديد.

القوة المشتركة وحسابات الخرائط الجديدة

على الأرض، لا تزال مدينة الفاشر – التي شهدت أكثر من 225 هجومًا – صامدة بفضل تنسيق هش بين القوات المسلحة و”القوة المشتركة” المنبثقة عن حركات الكفاح المسلح، والتي تدين بالولاء سياسيًا وإداريًا لمناوي، لكنها بدأت تعبر عن تململ مكتوم من تراجع الدعم الفعلي من المركز، والانشغال بترتيبات أمنية في ولايات الوسط.

وتشير معطيات متزايدة إلى أن التحالف العسكري الذي جمع بين الجيش وبعض الحركات المسلحة منذ بدء الحرب قد يواجه اختبار تماسك حرج، في ظل ما يعتبره البعض “تراتبية ميدانية” تهمش إقليم دارفور، وتُرجئ فك الحصار عن الفاشر إلى أجل غير مسمى.

حكومة الدعم السريع الموازية: تثبيت لواقع التقسيم

في المقابل، مضت قوات الدعم السريع وتحالف “السودان التأسيسي” خطوة إضافية في ترسيخ الانقسام، بإعلان حكومة موازية في نيالا، يقودها محمد حمدان دقلو “حميدتي”، مع عبد العزيز الحلو نائبًا له، والسياسي محمد حسن التعايشي رئيسًا للوزراء، في ما يشبه إعادة إحياء لمشروع “الكونفدرالية الهامشية”، الذي ظل يلوح في الأفق منذ سنوات ما بعد اتفاق جوبا.

هذا التطور السياسي، إلى جانب التدهور الأمني، يعيد فتح ملف سقوط الدولة المركزية، وتمدد سلطات الأمر الواقع، لا سيما في ظل ضعف الاستجابة الإقليمية والدولية، والانقسام السياسي داخل قوى الثورة، التي باتت تُحذّر بدورها من تمدد الحركة الإسلامية السودانية عبر واجهات جديدة.

دارفور: الرهان على مناوي أم اختباره؟

في خضم هذا المشهد، تُطرح تساؤلات عديدة:
هل يستجيب مناوي لدعوة مبارك النور بخيت، ويتقدم ميدانيًا لفك الحصار عن الفاشر؟
أم أن خطابه التحذيري الأخير هو أقرب إلى محاولة رفع العتب، وتسجيل موقف وطني في لحظة انكشاف توازنات الخرائط السودانية؟

المؤكد أن دارفور باتت عنوانًا حادًا للاختبار الوطني في السودان، حيث لم تعد المعركة على الخرطوم وحدها، بل على مستقبل الكيان السوداني نفسه، ووحدة أطرافه، وتماسك تحالفاته العسكرية والمدنية.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى