
متابعات _ اوراد نيوز
قال الإعلامي المصري توفيق عكاشة إن امتلاك ثقافة موسوعية والاطلاع العميق على التاريخ والكتب السماوية يُشكلان الأساس الحقيقي لفهم المشهد السياسي وتحليل توجهات القوى الفاعلة. وأكد خلال ظهوره في برنامج السؤال الصعب على شاشة سكاي نيوز عربية أن قدرته على استشراف التحولات السياسية لا تستند إلى أي دور استخباراتي أو خلفية أمنية، موضحاً: “لم أتلقَّ توجيهات من أحد، ولم أكن يوماً جزءاً من أجهزة مخابرات… بل بنيت معرفتي بنفسي، من القراءة والبحث المستقل”.
وأضاف عكاشة أن التحليل السياسي العميق لا يحتاج بالضرورة إلى الانخراط في المؤسسات الرسمية، بل يمكن لأي شخص يملك أدوات الفهم والمعرفة أن يتابع المشهد ويستنتج مساراته المستقبلية، ما دامت رؤيته مستندة إلى فهم شامل للتاريخ والواقع.
وفي ظهور إعلامي طغت عليه النبرة الحادة والتصريحات المثيرة، طرح الإعلامي المصري توفيق عكاشة رؤيته الخاصة لمستقبل السودان ضمن ما وصفه بإعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط، قائلاً إن السودان، إلى جانب شرق ليبيا وقطاع غزة، “ينبغي أن يعود إلى السيادة المصرية”، بحكم التاريخ المشترك، والانتماء الجغرافي القديم، حسب تعبيره.
و قدّم عكاشة سردًا دراماتيكيًا لمستقبل الإقليم، مشيرًا إلى أن ما يحدث في السودان ليس سوى جزء من “صراع كوني أكبر” اعتبره بداية لما سماه بـ”معركة يوم القيامة“، التي قال إنها ستعيد رسم خرائط العالم، سياسيًا وجغرافيًا.

انهيار الأنظمة” و”تغير موازين القوى”
وصف عكاشة السودان بأنه دولة تنهار من الداخل، بسبب تآكل مؤسساتها وتعدد مراكز النفوذ، ما يجعلها، وفق رأيه، عرضة لإعادة التشكيل الخارجي. وأضاف أن الأزمة السودانية تعكس خللاً أوسع في منظومة الشرق الأوسط، وأن الدول الكبرى تتعامل مع السودان كفراغ قابل لإعادة التوزيع وفقًا لمصالحها.
في سياق متصل، تساءل عكاشة عن طبيعة العلاقات المصرية الإسرائيلية، ملمحًا إلى ما وصفه بـ”السلام الورقي”، ومشككًا في استقرار التوازن الإقليمي القائم. واعتبر أن السودان قد يتحول إلى منطقة نفوذ متنازع عليها بين قوى كبرى مثل روسيا، الصين، والولايات المتحدة، مما يفتح الباب لتغييرات استراتيجية قادمة.
“مصر التاريخية”.. وحدود ما قبل 1954
لم تكن هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها عكاشة عن ضرورة عودة السودان وشرق ليبيا وغزة إلى ما وصفه بـ”الحضن المصري”، حيث سبق أن طرح ذات الرؤية في لقاء سابق مع الإعلامي مجدي الجلاد، مؤكدًا أن هذه المناطق كانت جزءًا من مصر لآلاف السنين، وأنها لم تعرف الاستقرار منذ انفصالها عنها. كما دعا إلى إنشاء نظام فيدرالي يراعي الخصوصيات المحلية، تحت المظلة المصرية.
واستند عكاشة في طروحاته إلى قراءة تاريخية وصفها بالشاملة، مؤكداً أن السودان كان يُعرف بـ”مصر العليا”، متسائلًا عما إذا كان هناك من حكم تلك المناطق خلال الألفي عام الماضية لم يكن مصريًا. لكنه في الوقت نفسه امتنع عن تحديد طبيعة الحكم أو الجهة التي قد تدير تلك المناطق في حال تحقق هذا السيناريو.
خريطة جديدة للعالم.. و”بلاك روك” تحكم من خلف الستار
في معرض تحليله للأوضاع العالمية، زعم عكاشة أن العالم يتجه نحو انهيار أنظمة الحكم التقليدية، متوقعًا تفكك الولايات المتحدة إلى ولايات منفصلة نتيجة الصراعات الداخلية، إن استمر الرئيس السابق دونالد ترامب في نهج الحكم الفردي.
كما تحدث عن صعود ما سماه بـ”مجلس إدارة العالم”، الذي تتحكم فيه شركات عملاقة مثل “بلاك روك”، مدعيًا أنها تُدير الاقتصاد العالمي وتُحدد سياسات الدول، بما يفوق قدرة الحكومات التقليدية.
مزيج من التحليل السياسي والتأمل التاريخي
ورغم أن تصريحات عكاشة أثارت جدلاً واسعًا بين من اعتبرها محاولة لقراءة الواقع من منظور تاريخي عميق، ومن رآها نوعًا من “التهويمات السياسية المفرطة في الخيال”، إلا أن النقاش الذي أثاره يعكس اتساع المخاوف بشأن مستقبل السودان وسط حرب أهلية متصاعدة، وانقسامات إقليمية تُغذيها قوى دولية.
ويبقى السؤال مطروحًا: هل ما يقدّمه عكاشة هو تحذير مبكر لما قد يكون قادمًا؟ أم أنه مجرد استعراض إعلامي في وقت حساس، تحكمه الإثارة أكثر مما تحكمه الوقائع؟