اخبار

“تأسيس” يختار عاصمته الإدارية ومركزه الإقتصادي

في ظل تصدع مؤسسات الدولة المركزية وتنامي فراغ السلطة في السودان، نقلت مصادر صحفية مطلعة من مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور قيام ملتقى موسعًا نظمته قوات الدعم السريع، في خطوة تهدف إلى تقويم تجربة “الإدارات المدنية” التي تدير مناطق واسعة تحت سيطرتها، وبحث سبل ترسيخ ما بات يُعرف بمشروع “حكومة التأسيس” كسلطة بديلة آخذة في التشكل.

الملتقى جمع قيادات من الإدارات المدنية في ولايات دارفور وكردفان، إلى جانب ممثلين عن المجالس التأسيسية الوليدة، وسط حضور لافت لشخصيات قيادية في هذا الكيان الإداري – السياسي الناشئ، على رأسهم الدكتور حذيفة مصطفى أبونوبة، رئيس المجلس الأعلى للإدارات، والنذير يونس مخير، المشرف العام على تلك البُنى، في أول تجمّع رسمي يعكس التحول من السيطرة العسكرية إلى ما يبدو أنه مشروع لحكم موازٍ.

وخلال كلمته، دعا الفريق أول محمد حمدان دقلو، القائد العام لقوات الدعم السريع ورئيس “المجلس الرئاسي”، إلى توسيع نطاق الإدارات المدنية وتوحيد جهودها، مؤكدًا أنها تمثل القاعدة التي سينهض منها نموذج سياسي جديد، يتجاوز – بحسب تعبيره – ما أسماه “نظام المركز الفاشل”، في إشارة واضحة إلى قطيعة متزايدة مع مؤسسات الدولة القائمة.

وأكد دقلو دعم قواته الكامل لتحويل الإدارات المحلية إلى هياكل حكم فاعلة، تتولى إدارة شؤون المجتمعات المحرومة من الخدمات، في ظل غياب الدولة الرسمي. وهو ما بدا كخطوة نحو “تشريع واقع الأمر”، عبر إعادة تعريف العلاقة بين السلطة والمجتمع انطلاقًا من الهامش.

أما النذير يونس، فأكد جاهزية الإدارات المدنية لاستقبال مؤسسات “الحكومة الجديدة”، معتبرًا إعلان التأسيس “نقطة تحول تاريخية” تعيد الاعتبار للمجتمعات المهمشة، وتؤسس لما وصفه بنموذج سياسي يعكس تطلعات القواعد الاجتماعية بعيدًا عن المركز المتآكل.

من جهته، كشف الدكتور حذيفة عن نية اعتماد الجنينة كعاصمة اقتصادية لحكومة التأسيس، مقابل اختيار نيالا كعاصمة إدارية، مشددًا على أن تجربة الإدارات المدنية نجحت – بحسب تقديره – في توفير درجة من الاستقرار المحلي، ما يؤهلها لتكون نواة لحكم مستقر يتجاوز فشل المركز.

غير أن هذه التحركات التي تتزامن مع استمرار الحرب وغياب تسوية شاملة، تثير مخاوف من تكريس الانقسام السياسي، خاصة في ظل تداخل الوظيفة العسكرية والسياسية لقوات الدعم السريع، وغياب توافق وطني على مشروعها الإداري.

ويرى مراقبون أن الدعم السريع يسعى إلى تحويل الإدارات المحلية من أدوات مؤقتة إلى هياكل حكم مستقلة، ما يعكس طموحًا لتأسيس شرعية سياسية تتجاوز السلاح. بينما يحذر معارضون من أن هذه المحاولات تُعيد إنتاج سلطة تفتقر إلى الأسس الديمقراطية، وتُقام على توازنات الحرب لا على التوافق الوطني أو الإرادة الشعبية.

وفي ظل تعمق الفراغ السيادي، يبقى السؤال معلقًا: هل نحن أمام مولد دولة موازية، أم أمام سلطة أمر واقع تنبني على منطق القوة؟ وما مآلات هذا المسار في ظل صراع مفتوح على السيادة والشرعية؟

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى