
في تطور قانوني لافت ضمن المساعي الدولية المتصاعدة لمحاربة الإفلات من العقاب في السودان، كشف مكتب المحاماة الدولي “غويرنيكا 37” (Guernica 37) ومقره لندن فى بيان له عن تقديمه ملفًا شاملًا إلى مكتب الادعاء العام في المحكمة الجنائية الدولية، يتضمن أدلة تتعلق بجرائم حرب ممنهجة ارتكبتها قوات الدعم السريع في إقليم دارفور السوداني، وذلك في سياق النزاع الدامي المستمر منذ أبريل 2023.
الملف القانوني، الذي جرى إعداده على مدى شهور من العمل الميداني والتقني المكثف، اعتمد على جهود فريق من المحامين الدوليين بقيادة لوسيا بريسكوفا، إيزابيلا كيروان، وتوم هاميلتون، وبدعم تنسيقي مباشر من خبير قانوني سوداني. وقد ساهم هذا الأخير في توجيه الفريق أثناء عمليات التوثيق الميداني، ما منح الملف بُعدًا واقعيًا يعكس طبيعة الانتهاكات المرتكبة.
ووفقًا لبيان صادر عن “غويرنيكا 37″، استندت الدعوى إلى مبدأ “مسؤولية القيادة”، الذي يُحمّل قادة الدعم السريع المسؤولية الجنائية عن الفظائع المرتكبة على يد عناصرهم، سواء كانوا على علم مباشر بها أم لم يتخذوا تدابير لمنع وقوعها. وقد دعّم الفريق القانوني مزاعمه بسلسلة من الشهادات الحية، والوثائق، والأدلة البصرية التي وُصفت بأنها “دامغة”، توثق عمليات قتل جماعي، واغتصاب، وتدمير متعمد للبنية التحتية المدنية.
وأشار معدّو الملف إلى أن هذه الخطوة تأتي استجابة لما اعتبروه “تقاعسًا مقلقًا” من جانب المجتمع الدولي تجاه ما وصفوه بـ”جرائم الإبادة والانتهاكات المنهجية” في السودان، رغم خطورة الوضع وتشابهه في النمط والسياق مع الجرائم التي سبق وأن دفعت المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيقات مماثلة خلال حرب دارفور في 2003، والتي طالت آنذاك كبار مسؤولي نظام عمر البشير.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تشكل بداية لفتح مسار جديد نحو العدالة الدولية في السودان، في وقت تزداد فيه الدعوات الداخلية والخارجية لمحاسبة المتورطين في الانتهاكات، وسط تردٍ غير مسبوق في الوضع الإنساني والأمني بإقليم دارفور.