
متابعات _ اوراد نيوز
ليس كل توافق سياسي يُبنى عليه امل ورجاء، ولا كل اتفاق بين قوى متنازعة ينتج عنه استقرار… ما لم يكن هذا التوافق مؤسَّساً على فهم عميق للبيئة التي يُراد حكمها، ومطلوبات الناس التي ظلت مُهمَّشة ومسكوتاً عنها لعقود إنَّ التوافق السياسي في السودان، في ظل ظروفه الحرجة، لا يمكن أن يكون صفقة نخب بين المدنيين والعسكريين، أو اتفاقاً يُدار في الغرف المغلقة. بل هو مسؤولية وطنية لا بد أن تُبنى على:
– تشريح الواقع البيئي المتشظي بفعل الحرب – قراءة نبض المجتمع وتركيبته المتعددة،
– استيعاب معاناة الأطراف قبل المركز، – إعطاء الأولوية للصحة والتعليم والخدمات الأساسية،
– والاعتراف باحتياجات الفاعلين الحقيقيين في الميدان، لا المتفرجين من منصات السياسة.
ومن أولئك الذين يجب أن يكون لهم نبضٌ واضح في الحكومة القادمة، هم الذين حملوا السلاح دفاعاً عن الوطن في مواجهة مليـ شيا آل دقلو المتمردة، من:
المستنفرين، الكتائب الجهادية والمقاومة الشعبية، القوات المشتركة، المجاهدين، رجال الأعمال، العمل الخاص، الجرحى وأسر الشهداء… هؤلاء ليسوا مجرد ملفات على رفوف الوزارات، بل هم صانعو اللحظة الوطنية التي نحياها الآن والتي جائت بكامل إدريس. حديث نبوي شريف
قال رسول الله ﷺ:
«كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»
إن أي حكومة لا تُنصت لهؤلاء، ولا تفتح لهم أبواب المشاركة الفاعلة، ستكون عمياء عن نصف المشهد، وستُقوِّض ذاتها بنفسها.
فالبروف كمال إدريس، رغم سيرته الدولية المشرفة وكفاءته المعهودة، لن ينجو من التصدع إن لم يتكئ على برنامج وطني جامع، يُنصت فيه لصوت الشارع، ويُشرك قوى المقاومة والمجتمع المحلي في صياغة الرؤية والسياسات.
إن البيئة السودانية ليست فراغاً سياسياً أو ساحة للتجريب. بل هي أرض تتكلّم بلغة التضحية، وتحمل فوق ترابها دماء شهداء، وآهات جرحى، وصبر الأمهات. فما لم يُصغِ التوافق السياسي لمطالب الجزيرة ودارفور وكردفان والشرق والنيل الأزرق والعاصمة المنكوبة، فإن أي حكومة ستُولد ميتة، مهما حسُنت نواياها.
إن الحكومة القادمة، إن أُريد لها النجاح، يجب أن تؤسَّس على قاعدة صلبة من العدالة البيئية، والإنصاف المجتمعي، وتكريم الفداء بالتمثيل، لا على مجاملات سياسية أو ضغوط دولية ومصالح أشخاص.
وما لم يُصغِ هذا التوافق لصوت الأرض… فستسقط الحكومة قبل أن تنهض إليك الدفه بروفيسور كامل إدريس.
وأنا سأكتب للوطن حتى أنفاسي الأخيرة.
د محمد تبيدي