
القاهرة – أثارت مقاطع فيديو متداولة على منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية ضجة واسعة في مصر، بعدما أظهرت مشاهد لدخول وخروج عشرات الأشخاص من فتحة أرضية تُعرف بـ”الفجوة السوداء”، تقع أسفل أحد الملاهي الشهيرة بمحافظة الجيزة.
وبعد تتبع دقيق ورصد مستمر، اقتحمت قوات الأمن المصرية الموقع لتكتشف أنه وكر إجرامي يضم نساءً وأطفالاً ورجالاً، بعضهم من أصحاب السوابق ومسجلين جنائيًا في قضايا مختلفة.
ضبط وكر خطير تحت الأرض
وأوضح العقيد أحمد محمود من وزارة الداخلية أن الفتحة الأرضية كانت تخفي شبكة معقدة من الأنشطة غير المشروعة، أبرزها استغلال الأطفال القُصر في التسول المنظم، إلى جانب تورط نساء ورجال في أنشطة إجرامية متعددة.
وكشف أن الحملة أسفرت عن ضبط 20 شخصًا، بينهم 8 سيدات و5 أطفال، إضافة إلى 7 من أصحاب السجلات الجنائية، وضبط بحوزة بعضهم أسلحة بيضاء استُخدمت في حماية المتسولين وفرض البيع القسري على المارة في المنطقة.
مراقبة استمرت 3 أشهر
بيّن المصدر الأمني أن الموقع كان تحت المراقبة من قبل نشطاء ومتطوعين في مجال حقوق الطفل على مدى ثلاثة أشهر، ورُصدت حركة كثيفة للأطفال إلى داخل المكان وخارجه، قبل أن تُداهمه قوات الأمن بالتنسيق مع مديرية أمن الجيزة.
حماية الأطفال.. أولوية أولى
من جانبه، أوضح الخبير الأمني العميد سامح عز العرب أن هذه العملية تمثل واحدة من أهم الضربات الأمنية الأخيرة ضد شبكات استغلال الأطفال، مشيدًا بتفاعل وزارة الداخلية مع البلاغات والمعلومات التي ينشرها المواطنون عبر الإنترنت.
وأكد أن الأطفال المضبوطين سيتم إخضاعهم لإجراءات قانونية وإنسانية، تبدأ بمحاولة التعرف على أسرهم عبر سجلات المفقودين، أو إيداعهم بدور الرعاية الحكومية حال تعذّر ذلك، مع تقديم دعم نفسي وتأهيلي لإعادتهم إلى المجتمع.
أبعاد قانونية صارمة
في السياق نفسه، شدّد المحامي بالنقض والباحث في مجال حقوق الطفل عبدالفتاح محمد، على أن ما جرى يندرج ضمن “جرائم الاتجار بالبشر” التي يعاقب عليها القانون المصري بأشد العقوبات.
وأشار إلى أن المادة (291) من قانون العقوبات تحظر استغلال الأطفال بأي صورة، وتفرض عقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن 5 سنوات وغرامة تصل إلى 200 ألف جنيه على كل من يثبت تورطه في بيع أو شراء أو استغلال طفل في أعمال غير مشروعة.
رسالة للمجتمع
تؤكد هذه القضية على خطورة الشبكات التي تستغل هشاشة الأطفال والنساء لتحقيق مكاسب غير مشروعة، فيما تمثل العملية الأمنية الأخيرة رسالة واضحة بأن الدولة عازمة على تفكيك هذه البؤر، وحماية الفئات الأضعف من أبشع صور الاستغلال.