اخبار

صحبفة بريطانية: عصابات الخرطوم “أشرس” بفعل الحرب

متابعات _ اوراد نيوز

متابعات _ اوراد نيوز

بعد مرور أكثر من عام على اندلاع الحرب، تجد العاصمة السودانية الخرطوم نفسها في قبضة جديدة، ليست بالضرورة عسكرية، بل إجرامية. عصابات منظمة بأسلحة ثقيلة، وجرائم لا تُرتكب فقط في الظلام، بل في وضح النهار، فيما تراقب الدولة بعين منهكة… وأخرى مغلقة.

ومع دخول الحرب شهرها الخامس عشر، تعيش الخرطوم واقعاً أمنياً بالغ الهشاشة، حيث تحوّلت الجرائم من حالات معزولة إلى ظاهرة يومية، أجبرت السكان على اتخاذ تدابير استثنائية لتأمين أنفسهم، أبرزها الامتناع عن الخروج ليلاً، لا سيما بعد تواتر أنباء عن اقتحام عصابات مسلحة لمنازل المدنيين وقتل من يبدون أي مقاومة.

وبعد تحرير المدينة من قبضة قوات الدعم السريع قبل أكثر من ثلاثة أشهر، كانت الآمال معلقة على استعادة الحياة الطبيعية، لكنّ ما حدث كان عكس ذلك تماماً؛ إذ ظهرت عصابات “9 طويلة” مجدداً، بأساليب أكثر عنفاً وتسليحاً. حيث لم تعد تلك العصابات تعتمد على أدواتها التقليدية من سواطير وسكاكين، بل دخلت مرحلة جديدة من الإجرام باستخدام البنادق الرشاشة والمدافع الخفيفة، مستغلة الفوضى الأمنية وغياب الرقابة.

اشتباكات دامية وحوادث مروعة

من أبرز المشاهد التي جسدت حجم الانفلات، المواجهات التي اندلعت في سوق حي دار السلام بمحلية جبل أولياء، والتي خلّفت أربعة قتلى بينهم ضابط استخبارات وجندي وامرأة مدنية، بالإضافة إلى أحد أفراد العصابة، بينما أُصيب ثلاثة آخرون بجروح متفاوتة. كما شهدت مناطق متفرقة من أم درمان حوادث قتل بسبب مقاومة الضحايا لمحاولات نهب هواتفهم، في حين استهدفت عصابات مسلحة أسواقاً حيوية مثل سوق شارع الحرية في قلب العاصمة.

وفي تطور مقلق، اختطفت إحدى العصابات تاجراً يعمل في مجال الذهب من منزله، ونهبت ممتلكاته بالكامل، ثم تخلّت عنه في منطقة معزولة خارج المدينة، ما أثار احتجاجات واسعة بين تجار الذهب الذين أعلنوا الدخول في إضراب مفتوح، مطالبين بضمانات أمنية تحمي أنشطتهم التجارية.

ولايات أخرى في مرمى الفوضى

الخرطوم لم تكن وحدها في مواجهة هذا الواقع المرير، إذ شهدت ولاية الجزيرة حادثة بشعة قُتل خلالها طبيب صيدلي على يد مسلحين أطلقوا عليه النار وقطعوا رأسه. كما تعرض قسم شرطة “الغدار” في الولاية الشمالية لهجوم مسلح خلّف قتيلاً وثلاثة جرحى، تبعته محاولة اقتحام فرع البنك الزراعي، والتي أحبطتها الإجراءات الأمنية المشددة.

الحكومة تتحرك.. لكن التحديات جسيمة

أمام هذا التصعيد الخطير، أطلقت السلطات السودانية خطة أمنية طارئة، قوامها تشكيل “الطوف الأمني المشترك”، الذي يضم قوات من الجيش والشرطة والاستخبارات، في محاولة لاستعادة السيطرة على الوضع. كما أصدر القائد العام للجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قراراً بإخلاء العاصمة من جميع التشكيلات غير النظامية خلال أسبوعين، في خطوة تهدف إلى إنهاء حالة التسيّب وانتشار منتحلي صفة القوات النظامية.

وأعلنت شرطة الخرطوم عن حملة تفتيش واسعة أسفرت عن ضبط مئات المطلوبين، ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة النارية والدراجات النارية، فضلاً عن تفكيك شبكات إجرامية واستعادة ممتلكات مسروقة من المواطنين، بينها سيارات وأجهزة إلكترونية.

وفي سياق متصل، كشف الناطق الرسمي باسم الشرطة، العميد فتح الرحمن محمد التوم، أن الأجهزة الأمنية نفذت 15 حملة موسعة في مناطق الهشاشة، وضبطت ترسانة من الأسلحة شملت بنادق قنص، مدافع خفيفة، قنابل يدوية، إلى جانب مواد مخدرة وأسلحة بيضاء ومركبات من دون أوراق ثبوتية.

 

الخرطوم
الخرطوم

المواطنون بين المطالبة بالحماية والخوف من الانتقام

من جهتهم، عبّر مواطنون عن قلقهم المتزايد حيال انتشار الجريمة، مشيرين إلى أن كثيراً من العصابات تنشط تحت غطاء الزي العسكري، ما يصعب التمييز بينها وبين القوات النظامية. وقال نور الدين النزير، من سكان أم درمان، إن بعض المجموعات المسلحة تضم مجرمين تم إطلاق سراحهم خلال الحرب، بينهم محكومون بالإعدام، مستغلين غياب الرقابة لبث الرعب في الأحياء.

وطالب النزير بضرورة فرض حظر على حمل السلاح، وتفعيل قوانين الطوارئ، وإنشاء محاكم ميدانية فورية لمحاكمة مرتكبي الجرائم، إضافة إلى نشر قوات أمنية ثابتة في المناطق الطرفية.

الأمن المجتمعي في الواجهة

في المقابل، دعا والي الخرطوم المواطنين إلى تشكيل لجان شعبية للتعاون مع الشرطة المجتمعية، مؤكداً أن جهود الدولة لن تكتمل إلا بمشاركة مجتمعية فاعلة. وأكد أن الحملة الأمنية بدأت تُثمر في تفكيك البؤر الإجرامية وفرض هيبة الدولة، لكنه أقر في الوقت نفسه بصعوبة المعركة في ظل وجود عناصر مسلحة خارجة عن السيطرة تنتشر وسط الأحياء المدنية.

المصدر : إندبندنت

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى