متابعات _ اوراد نيوز
ضيف مساحة صحيفة الكرامة هو الكاتب الصحفي طارق عبد الله، الذي اعتقلته ميليشيا الدعم السريع من منزله في الحاج يوسف.
مقتطفات من الحوار:
س: حدثنا عن اعتقالك، كيف وأين تم؟
ج: تم اعتقالي من مدينة الحاج يوسف عندما اقتحمت قوة مسلحة مكونة من ستة أشخاص المنزل بحجة أنهم يبحثون عن شقيقي، المشتبه في كونه عسكرياً.
أوضحت لهم أنه غير موجود لدينا وأنه يقيم في منزل الوالد، وأن المنزل الذي اقتحموه هو خاص بي ومعي أسرتي الصغيرة ووالدتي وشقيقتاي وشقيقاي المرضى. بعد ذلك طلبوا مني مرافقتهم، ثم قاموا بتفتيش المنزل، وترويع الأسرة، والتحقيق مع جارتنا. بعد ذلك، عصبوا عينيّ وقيدوني بالحبال، وأدخلوني في “ركشة” لنقلي إلى مكتب الاستخبارات بالحاج يوسف.
س: ماذا كانت التهم الموجهة إليك؟
ج: وجهوا لي اتهامات بأنني موالٍ للجيش وأكتب تقارير عن الدعم السريع، ولدي تواصل مع الفريق أول ياسر العطا، ويشكون في كوني “الانصرافي”، وهذا بسبب مشاركتي في صفحات على “فيسبوك” مرتبطة بعملي مثل صفحة جامعة العلوم والتقانة، وصحيفتي الخاصة “ليدرز برس”، وصفحات أخرى من اهتماماتي.
س: كيف كانت أيام الاعتقال؟
ج: كانت أيام الاعتقال صعبة جداً. تنقلت بين مكتب الاستخبارات، حيث قضيت خمسة أيام، ثم معتقل الرياض، حيث قضيت خمسة عشر يوماً في ظروف قاسية جداً. كان المعتقل عبارة عن “بدروم” بعمق 6 أمتار تحت الأرض، مكتظاً بالمعتقلين، وكنا حوالي مئة شخص ننام جالسين على درجات السلم. بعد يومين وجدت نصف متر أنام فيه، وكانت الحاجة لقضاء الحاجة تتم في جرادل، والحمام ممنوع، ولم يكن هناك ماء كافٍ. بعد ذلك، نُقلت إلى سجن سوبا، الذي كان أفضل بكثير.
س: ما هي المآسي التي عايشتها خلال الاعتقال؟
ج: كانت هناك مآسٍ كثيرة، حيث كنت يومياً أشارك في صلاة جنازات لاثنين أو ثلاثة ممن ماتوا بسبب الإهمال والجوع.
س: كيف خرجت من الاعتقال؟
ج: خرجت بفضل ضغوط زملائي الصحفيين من كافة الكيانات الصحفية، بما في ذلك الاتحاد والنقابة، وكذلك دعم زملاء قدامى انضموا للدعم السريع مثل نزار سيد أحمد والطيب خليل. سعى هؤلاء جميعاً لإطلاق سراحي، وأشكرهم على تلك الوقفة المشرفة.
س: ماذا تعلمت من تجربة الاعتقال؟
ج: تجربة الاعتقال كانت مفيدة، حيث عرفت من خلالها الكثير عن الشعب السوداني وأسرار الحرب.
خرجت منها بإيمان قوي بأن الحل الوحيد للنجاة هو التوسل إلى الله.
كنت في البداية أنتظر تصفيتي حسب تهديد المعتقلين، ولكنني واجهتهم بالدعاء والاستغفار.
س: أين كنت عندما اندلعت الحرب؟
ج: كنت في مكتبي بجامعة العلوم والتقانة، وعلمت من مواقع التواصل الاجتماعي باندلاع الاشتباك في المدينة الرياضية.
شعرت أن الاشتباك سيتوسع بسبب انتشار قوات الدعم السريع في الخرطوم، فوجهت من معي بالمغادرة وذهبت إلى منزلي في الحاج يوسف.
س: كيف علمت بنبأ اندلاع الحرب؟
ج: علمت من مواقع التواصل الاجتماعي.
س: هل كنت تتوقع الحرب؟
ج: نعم، كنت أتوقع الحرب وذكرت ذلك في صفحتي الشخصية على “فيسبوك” قبل شهر من اندلاعها.
كان واضحاً أن الوقيعة بين الجيش والدعم السريع قد نجحت، وبدأ الدعم السريع في تحشيد قواته.
س: ما كان شعورك عندما اندلعت الحرب؟
ج: شعرت بالمرارة لأن الحرب تجلب الدمار والتشريد والقتل.
كنت أرى أن بعض الناس سيستغلون الحرب لتصفية حساباتهم، وكان واضحاً في الأحداث السابقة.
س: ما هي فوائد الحرب؟
ج: من فوائد الحرب أننا عدنا إلى جذورنا وتعرفنا على جيراننا بشكل أفضل.
شخصياً، بدأت في تشييد منزل الأسرة والتأسيس. وقد أدركنا أيضاً حقيقة الأشخاص من حولنا.
س: ما العادة التي فقدتها بسبب الحرب؟
ج: فقدت عادة السهر حتى الساعات الأولى من الصباح، وهي طبيعة مهنة المتاعب التي لا توفر وقتاً للراحة.
س: ماذا خسرت في الحرب؟
ج: خسرت وظيفتي وبعض الأصدقاء والجيران الذين تخلى عني بعضهم بسعر بخس.
س: ما هي الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها فور علمك باندلاع الحرب؟
ج: نقلت الأسرة الكبيرة إلى منزلي واتفقت مع الجيران على عدم المغادرة والبقاء يداً واحدة لحماية منازلنا.
ولكن مع طول أمد الحرب، سافر الكثيرون، وكنّا من بين آخر من غادر الحي.
س: هل تعتبر هذه الحرب مختلفة؟
ج: نعم، هي مختلفة في كل شيء. إنها الحرب الوحيدة التي استُهدف فيها المواطنون بشكل مباشر.
حوار : محمد جمال قندول