ركابي حسن يعقوب يكتب عن : حديث الشيخ موسى هلال
متابعات _ اوراد نيوز
متابعات _ اوراد نيوز
إستمعت لحديث زعيم المحاميد الشيخ موسى هلال الذي ألقاه أمس وهو يقف مخاطباََ حشد من قواته بمعسكر الفوج السادس بمنطقة (مستريحة) بشمال دارفور.
صمت الشيخ موسى هلال دهراََ لكنه حين نطق، نطق حُسْناََ وحكمة وتحدث حديثاً يوزن بميزان الذهب.
حقيقة حديثه كان مثار دهشة وإعجاب الكثيرين ، فالرجل كان هادئاََ جداََ وهو يتحدث لم ينفعل ولم يشتط.
وبما يشبه أسلوب التداعي الحر تناول الشيخ موسى هلال بالتشريح مجريات الحرب وموقفه منها ، والوضع الحالي الذي تمر به ميليشيا آل دقلو، موقف القوات المسلحة على الأرض، وتوقعاته لمآلات الحرب وهل ستنتهي قريباََ أم سيطول أمدها.
كما بيّن رأيه بوضوح في مسألة تكوين حكومة المنفى التي تدعو إليها الميليشيا وعدد من قيادات (تقدم) الظهير السياسي للميليشيا والتي أثارت موخراََ خلافاََ حاداََ يتوقع أن يفضي إلى انقسام داخل تقدم.
ويمكن بلورة حديث الشيخ موسى هلال في أربع نقاط هي الأبرز والأكثر أهمية كونها تشكل أبرز ملامح وركائز المشهد السياسي والعسكري الراهن في البلاد.
النقطة الأولى وهي عن الوضع الحالي لميليشيا الدعم السريع، وقد ابتدر الشيخ موسى هلال حديثه عن الدعم السريع بوصفه لها بالميليشيا وبأنها خارجة عن القانون، وأنها الآن في أضعف حالاتها رغم الأموال الطائلة التي تتلقاها من الدول الداعمة لها ، وقال أن ميليشيا الدعم السريع لا تقوم على نظام عسكري (ما عندهم عسكرية)، وأنهم يعتمدون على جلب المرتزقة وتجنيد الشباب صغار السن والدفع بهم إلى المحرقة، (قتّلوا أولاد الناس بدون وجه حق وبدون فهم)، وناشد الأهالي بمنع أبنائهم من الإستجابة لعمليات الاستنفار التي تقوم بها الميليشيا وقال إن ميليشيا الدعم السريع أصبحت أداة لفكر آخرين ووصف الظهير السياسي لميليشيا الدعم السريع.
بأنهم لا يقاتلون معهم (الناس القايدنهم سياسياً ما هم الناس البحاربوا في الميدان)، وتابع بالقول أن ميليشيا الدعم السريع (انتهوا نهاية مؤلمة وسجلوا للتاريخ نهاية وسخة) ، وأضاف (نهبوا وقتلوا وأغتصبوا حرائر السودان ، ما في حاجة كعبة ما عملوها ، أعمالهم كلها رذيلة).
النقطة الثانية في حديث الشيخ موسى هلال هي موقفه وقواته من الحرب ، حيث أكد بعبارات واضحة انحيازه للقوات المسلحة (موقفنا واضح ، نحنا مع الوطن ومع القوات المسلحة ونحنا جزء لا يتجزأ من القوات المسلحة ومع مؤسسات الدولة القائمة اللي بيها أصلاََ تعرف الدول، وأعتز جداََ بالموت قصاد الوطن وأعتز بتبعيتي للقوات المسلحة)، وقال رداََ على اتهامات الميليشيا له بأنه من الفلول (شرف عظيم جداََ لي لما يقولوا لي إنت فلول).
والنقطة الثالثة في حديث الشيخ هلال تتعلق بحكومة المنفى التي تسعى الميليشيا وجناح من (تقدم) إلى تشكيلها، وفي هذا الصدد جاء تأكيده على معارضته لهذا الإتجاه جملة وتفصيلاََ حيث قال (دولة بدون مؤسسات ما دولة، وأي غباش في النص الناس يزحوه، والسودان محمي بأهله ومحمي بشعبه).
والنقطة الرابعة والأخيرة التي تناولها الشيخ موسى هلال ،هي مآلات الحرب، لمن سيكون النصر ومن المهزوم، وفي ذلك رد الشيخ موسى هلال الأمر إلى الله سبحانه وتعالى، ثم أضاف بالقول أنه (حسب المعطيات الحالية فالحرب ماشة تنتهي وتندثر ونهنئ الشعب السوداني وعلى رأسه القيادة العليا وعلى رأسها القوات المسلحة وعلى رأسها الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ونقول ليهم أرموا قدام وأبشروا بالنصر والعزة للسودان).
وتعليقاََ على تهديدات ميليشيا الدعم السريع له بتصفيته سخر الشيخ موسى هلال من هذه التهديدات وقال (إذا اعتدوا علينا بطلقة واحدة ح يعرفوا قدرنا وح نضحي تضحية تاريخية وندحرهم دحر حقيقي.. دحر رجال، ولو جوا مستريحة ح نلقنهم درس أصعب من الدرس الأول)..
وبهذا الحديث الواضح والرصين أثبت الشيخ موسى هلال أنه رجل وطني منفتح على السودان كله غير منغلق في عباءة القبيلة أو العشيرة أو الجهة ، وأنه أكثر حكمة ووعياََ وفهماََ من أولئك الكبار ألقاباََ وسناََ ، الصغار عقلاََ الفاقدين للحكمة والرشد الذين حشروا أنفسهم في جحر القبيلة الضيق وتنكروا للوطن ، وساندوا الميليشيا الإرهابية ورضوا بكل رذائلها وانتهاكاتها وجرائمها في حق الوطن والمواطنين.
حديث الشيخ موسى هلال بالأمس لم يكن حديثاً عابراََ أو مجرد خطبة حماسية كتلك التي يطلقها السياسيين ومن يزعمون أنهم زعماء في قومهم ثم تذروها الرياح .
كل ما تحمله هذه الصفة من معاني ، لم يكن حديثه مكتوباََ أو منمقاََ مثل أحاديث كثير من مستجدي السياسة والزعامة الذين رمت بهم رياح الصدفة فارتقوا بانتهازيتهم إلى مراقي السلطة والحكم والزعامة فما رعوها حق رعايتها، فسقطوا وخابوا وأوردوا قومهم موارد الخزي والعار.
إن سودان ما بعد الحرب يحتاج إلى حكمة وفطنة العقلاء والوطنيين من أبنائه البررة مثل الشيخ موسى هلال وغيره من أصحاب الرأي السديد في أنحاء السودان المختلفة من الذين وقفوا مواقف وطنية مشرفة من أجل أمن واستقرار الوطن والمواطن ولم يلطخوا تاريخهم وسمعتهم بروث العمالة للأجنبي ضد بلادهم. هؤلاء هم الأجدر بأن تكون لهم الصدارة في المعركة الوطنية القادمة بعد القضاء على الأوباش وتطهير الأرض منهم ، معركة البناء وإعادة إعمار ما خربته ودمرته الميليشيا الرعناء.