متابعات _ اوراد نيوز
المقال يتناول جوانب من الفساد في الجهاز الإداري السوداني، مع التركيز على حالة محددة تمثلت في مقدم شرطة وتورطه في قضايا فساد على مستوى دبلوماسي، بما في ذلك بيع عربة دبلوماسية وإستغلال منصبه لتحقيق مكاسب شخصية.
هذه الحوادث تعكس جزءاً من الأزمة الأوسع التي يعاني منها السودان من فساد مستشري، إذ يصبح هذا السلوك غير المستهجن جزءاً من النسيج اليومي للمجتمع، وهو ما يعكس أزمة ثقة في المؤسسات الحكومية.
يبدو أن هذه القضايا تشير إلى عدم وجود آليات فعالة لمحاربة الفساد داخل الدولة السودانية، وتسلط الضوء على ضعف إجراءات المحاسبة، حتى في حالات واضحة من التورط في الجرائم.
ما يثير الإستفهام هو كيف يمكن للمؤسسات السودانية أن تتعافى أو تبدأ في إصلاح نفسها وسط هذه الفوضى الهيكلية؟
المقال
للتوثيق – السودان في مهب الخيانة.
-بقلم رشان اوشي
بعدَ أن تنتهيَ حرب ١٥/أبريل ، ويتدحرج آخر تمظهر للفوضى العسكرية إلى مزبلة التاريخ ،سيواجه السودانيون واقعاً مأساوياً و غامضاً، هو استشراء الفساد في عصب الدولة ، وتفاقم الخيانة حتى أصبحت سلوكاً عادياً غير مستهجن ،غافل من يظن أن بنهاية الحرب والاوضاع السياسية المعقدة سيعبر السودان الى ضفة الرفاه والنمو ، فقد أصبح بلداً مفككاً تتنازعه فئاتٌ متعددة. فالذي أسقط الدولة في يد المليـ ـشيات أيام الحـ ـرب الأولى هو الفساد والخيانة.
ما ذكر آنفاً يعني أننا أمام خيارين إما أن نقفز فوق الغام الفساد أو ننزعها لأننا فشلنا في أن نستبق زرعها.
في العام ٢٠٢٢م ، إبان عهد “حامد عنان” وزيراً للداخلية ، عين المقدم “عبدالمطلب محمد أحمد” نائباً لمدير الجوازات بسفارة السودان في مصر ، وخصصت له عربة شيفرولية دبلوماسية تحمل لوحة برقم (276/42).
نشاط الضابط المذكور أعلاه المفعم بالتجازوات والفساد، لفت إنتباه الاجهزة الامنية المصرية، وخاصة بعد قيامه ببيع لوحات العربة الدبلوماسية المملوكة لحكومة السودان ، قام ببيعها لابن عم قائد التمرد ومسؤول الإمداد فى الدعم السريع “عادل حمدان دقلو” بحسب عقد البيع الموثق في الشهر العقاري المصري.
بموجب معلومات رسمية وفرتها الاجهزة الامنية المصرية ، شكلت لجنة للتحقيق مع المقدم “عبدالمطلب” ، واكتشفت اللجنة أثناء سير التحقيق تجاوزات يندى لها الجبين ، ومنها علاقات مشبوهة مع شركات النقل وإستخراج تأشيرات لموظفين بها عبر مقابل مالي ، تعديل مواعيد الحجز الإلكتروني الخاصة باستخراج الجوازات ، بجانب إستغلال حقيبة جوازات متنقلة خصصت لذوي الاحتياجات وكبار السن لمصلحة معارفه عبر مقابل مالي وجريمة إستخراج جواز لمشتبه به محظور، تشادي الجنسية يدعى “الشريف يعقوب”.
بعد فراغ لجنة التحقيق من مهامها ورفع توصياتها، قام مدير عام قوات الشرطة الفريق “خالد حسان” بحفظ الملف ، والاكتفاء بنقل الضابط الخائن إلى قنصلية السودان بأسوان .
إرتكب الضابط المتهم حماقة في محاولة لإبعاد الشبهات عنه، حيث قام بتدوين بلاغ جنائي ضد أحد أصدقائه متهماً إياه ببيع العربة الدبلوماسية بدون علمه ، وهو ما دفع الأمن المصري لمخاطبة الشرطة السودانية مرة أخرى بحيثيات البلاغ وإرفاق مستندات تثبت تورط الضابط في عملية بيع العربة ، وصلت حيثيات القضية إلى القيادة العليا، ويوم 12/12/2024 أصدر رئيس مجلس السيادة القرار ٢٤٩/٢٠٢٤ القاضي بفصل المقدم “عبد المطلب ” من الخدمة .
لم يكتف مدير عام قوات الشرطة الفريق “خالد حسان” بمحاولة التستر على جريمة خيانة عظمى ، تتعلق ببيع ممتلكات الدولة لأحد قادة مليـ ـشيا “الدعم السريع” ، بل قدم طلب إسترحام لرئيس مجلس السيادة مطالباً فيه باعادة النظر في قرار فصل الضابط من الخدمة .
إن آثر السودانيون الصمت وإنتظار المجهول، من المتوقع أن تستمر هذه العصابات التي تتحكم في مفاصل الدولة في تهديد مستقبل بلادنا ، تحت ذرائع مختلفة، يجب أن تفتح حرب 15/أبريل أعين السودانيين على منهج الفساد والخيانة داخل أروقة المؤسسات ، حتى اولئك المترددين في أولوية المواجهة ، هل للملـ ـيشيات أم للخونة .
محبتي واحترامي