اوراد نيوز
اوراد نيوز

محللون يجيبون.. هل ستتوقف حرب السودان في 2025؟

متابعات _ اوراد نيوز

متابعات _ اوراد نيوز

مع حلول عام 2025، تكون الحرب في السودان قد دخلت شهرها العشرين، تاركة وراءها كارثة إنسانية هائلة. فقد حصدت هذه الحرب أرواح الملايين، وتسببت في نزوح وتشريد أعداد هائلة من السكان، وألحقت دماراً واسعاً بالبنية التحتية والاقتصاد السوداني.

 

بدأت شرارة هذه الحرب في 15 أبريل 2025 نتيجة لخلاف سياسي، – كما أشيع وقتها – حيث اعتبر رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان أن مدة عامين كافية لدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة السودانية.

 

بينما رفض قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، هذه المدة، مطالبًا بتمديدها إلى 10 سنوات لإتمام عملية الدمج.

 

يرى العديد من المحللين والخبراء أن هناك أسبابًا متعددة وراء اندلاع الحرب بين قوات الجيش وفصيل عسكري كان جزءًا منها حتى وقت قريب. ومع دخول السودان عامًا جديدًا في ظل تأثيرات هذه الحرب المدمرة، استشرف عدد من المحللين والخبراء في مقابلات مع “الجزيرة نت” آفاق الصراع في البلاد لعام 2025. ومن بين هذه التحليلات، يُعتبر الصراع الحالي امتدادًا لصراع تاريخي يعود إلى الخمسينيات بين الإسلاميين ومن يسمون أنفسهم بالتقدميين.ويمكن إجمالها في ما يلي:

 

 

  • الحرب الحالية بين القوات المسلحة للدولة وجماعة أخرى ليست من الدولة في شيء حتى وإن جاءت بها الدولة لتحقيق أغراضها.

 

  • إنهاء هذه الحرب لا يتم إلا بمعالجة الأسباب الحقيقية والتاريخية لهذا الصراع.

 

  • يجب إيقاف الحرب أولا ثم تكون هناك بيئة مستقرة تمكّن الشعب والحكومة من مزاولة الحياة.
  • إيقاف الحرب هو الحل وليس مجرد الوصول إلى تفاهمات سياسية ثم تندلع الحرب بعد فترة وجيزة من جديد.
  • قبيل نهاية عام 2024 سيطر الجيش على المزيد من الأراضي وانتصر في معارك عديدة وتغيرت خريطة السيطرة العسكرية على الأرض.

 

  • قريبا جدا سيعلن الجيش سيطرته على الخرطوم ومحيطها.
  • هناك أسباب عديدة تقف وراء التقدم الذي يحرزه الجيش حاليا وانكسار قوات الدعم السريع في العديد من الجبهات.
  • الأحزاب السودانية لم تتعلم من دروس فشلها في إدارة الصراع السياسي واستقوت بالجيش والدعم السريع ولم تتخذ موقفا موحدا من الحرب.
  • فشل العمل السياسي هو السبب الأول في اندلاع الحرب، والأحزاب دخلت مرحلة من الضعف والتدهور.
  • الفعل الحزبي والمدني ضعيف ولن يكون قادرا على تقديم مبادرات توقف الحرب أو تسهم في حلول سياسية.
  • السياسيون في السودان هم المسؤولون عن هذه الحرب إلى جانب العسكريين.
  • القوى السياسية المؤيدة للدعم السريع يجب أن تكفر عن خطيئتها بدفاعها عن جرائمه في حق الشعب السوداني.
  • التدخل الخارجي هدفه إعادة هندسة المنطقة والسيطرة على السودان وموقعه الإستراتيجي بثرواته المختلفة.
  • حجم الدعم الخارجي الذي تتلقاه قوات الدعم السريع أصبح معلوما للجميع وكذلك مصادره.
  • التدخل الخارجي هو السبب الرئيسي لهذه الحرب وسيظل إحدى المشكلات التي يعاني منها السودان.
  • التدخل الخارجي كان مصمما على الإيحاء بأن الدعم السريع يسيطر على الخرطوم وأجزاء واسعة من السودان.
  • ننظر إلى العام القادم بمزيد من الأمل في عودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم وممتلكاتهم.
  • تقدم الجيش في العديد من المناطق قد يمثل ضغطا على قوات الدعم السريع وقد يقبلون وقفا للحرب.
  • هناك العديد من المبادرات الطموحة والمبشرة لكنها لا تقدم حلولا جذرية لأسباب الصراع.
  • الموقف الإقليمي الأفريقي من هذه الحرب عقيم ويعد سلبيا من الحكومة السودانية الحالية.
  • إسهامات المؤسسات الأممية خجولة في محاولة إيقاف الحرب في السودان.
  • كثير من المبادرات التي حاولت إيقاف الحرب لم تكن محايدة وساندت قوات الدعم السريع.

 

عبدالمطلب صديق
عبدالمطلب صديق

 

أوضح أستاذ الإعلام بجامعة قطر، عبد المطلب صديق، أن التدخل الخارجي يعد السبب الرئيس وراء اندلاع هذه الحرب، وأنه ما زال يشكل إحدى المشكلات التي سيعاني منها السودان بسبب المصالح الاقتصادية والسياسية الكبرى للدول الأخرى، بالإضافة إلى موقع السودان الجغرافي المتميز.

 

 

وأشار إلى أن قوات الدعم السريع نفسها نشأت نتيجة لهذا التدخل الخارجي، حيث عززت قوتها من خلال شراكتها مع الاتحاد الأوروبي في مكافحة الهجرة غير النظامية، ما أكسبها أموالًا طائلة، فضلاً عن قوتها التي تضاعفت بمشاركتها في مواجهة الحوثيين في اليمن.

 

 

كما أضاف أن هذا التدخل أسفر عن انتهاكات كبيرة ضد المدنيين السودانيين، حيث تعرضت البشر والممتلكات العامة والخاصة للضرر، فضلاً عن ارتكاب العديد من الجرائم من قبل قوات الدعم السريع.

 

مع دخول عام 2025، يصبح الوضع أكثر تعقيدًا، حيث يعاني السودان من تدهور كبير في البنية التحتية. يوشك القطاع الصحي على الخروج عن الخدمة، ويكاد القطاع التعليمي يتوقف بشكل كامل. ورغم الظروف الصعبة، تم إجراء امتحانات الشهادة الثانوية، ولكن في ظل تحديات هائلة.

 

 

ومع ذلك، لا يزال الأمل قائمًا في توقف آلة الحرب وبدء بناء بيئة مستقرة نسبيًا، تتيح للحكومة والشعب العودة إلى الحياة الطبيعية. أصبح المجتمع بأسره خارج دائرة العمل والإنتاج، وبالتالي خارج دائرة النمو. ويبقى السؤال الأبرز في عام 2025 هو: كيف يمكن للمورد البشري أن يعود إلى دائرة الإنتاج وسط هذه التحديات؟

 

 

وخلص إلى أن الحل العسكري لا يعد حلاً حقيقياً للأزمة، موضحًا أن قوات الدعم السريع، التي كانت في بداية الحرب الأكثر قوة وسيطرة على المواقع الحيوية، انتهى بها الأمر بعد 12 شهرًا إلى وضع متدهور. وأكد أن إيقاف الحرب هو الحل الجذري، وليس مجرد التوصل إلى تفاهمات سياسية قد تؤدي إلى تجدد النزاع.

 

تواجه الحكومة السودانية تحديًا حقيقيًا، حيث قد يتعرض المجتمع لانهيار داخلي بسبب نقص الخدمات الأساسية في الصحة، التعليم، والاقتصاد، ما يتطلب استقرارًا نسبيًا وسلطة قانونية. وعودة الأمن والاستقرار إلى الخرطوم تعني أيضًا عودة السكان إلى منازلهم، وزيادة قدرة الحكومة على تقديم الخدمات، فضلاً عن تحسين الوضع المعيشي للمواطنين.

 

 

وأشار إلى أن فشل العمل السياسي كان أحد الأسباب الرئيسية لاندلاع الحرب، حيث ظل النظام السياسي الديمقراطي التعددي محل خلاف منذ الاستقلال، مما حال دون أن تجد الأحزاب فرصة لتقديم حلول فعالة نتيجة الحروب والضغوط التي تعرضت لها.

 

 

ورغم صعوبة إيجاد حل للخروج من هذه الأزمة، أكد عبد المطلب صديق أن الحلول تبدأ بإيقاف الحرب، ثم بإقامة عدالة انتقالية تضمن حقوق الضحايا، وتطوير البنية التحتية لاستقبال المواطنين في مدنهم وقراهم، وصولًا إلى عقد اجتماعي جديد يؤسس لحل سياسي يشمل التسوية للنزاعات العرقية ويعد لإعداد دستور دائم يساهم في منع اندلاع الحروب القبلية.

 

أسامة عبدالسلام
أسامة عبدالسلام

 

 

يقول اللواء الركن المتقاعد أسامة عبد السلام، الخبير الأمني والعسكري، إن تحالفات القوى السياسية في السودان تتحمل مسؤولية هذه الحرب، وعليها أن تعترف بخطاياها أمام الشعب السوداني وتكفر عنها. كما يحمّل القوى العسكرية جزءًا من المسؤولية، لأنها كانت بمثابة من يربي أسدًا، إلى أن تحول هذا الأسد ليهدد الدولة السودانية.

وأشار إلى أن بعض الدول المجاورة قد تورطت في الدماء السودانية، وساهمت بشكل كبير في دعم قوات الدعم السريع من خلال تزويدها بالموارد البشرية والتسليح.

 

وأكد أن الحسم العسكري أصبح قريبًا، حيث تشير التحليلات والوقائع إلى أن القوات المسلحة ستتمكن من تقليص قوة هذا التمرد، وتجفيف منابعه، والقضاء عليه بنسبة قد تصل إلى 90%. بعد ذلك، يأتي دور الحوار مع من تبقى من هذه المليشيا، وذلك بعد أن تحقق القوات المسلحة أهدافها الإستراتيجية.

 

وأضاف أن الجيش السوداني قد امتص الصدمات الأولى من قوات الدعم السريع، وهو الآن يتحول نحو الهجوم بفضل الدعم الجوي الذي ساهم في إفشال الهجوم المضاد ومراقبة تحركات العدو. كما أن الصناعات الدفاعية المحلية، إلى جانب التفاف الشعب السوداني حول الجيش، ساهمت في تحفيزه على الانتقال من الدفاع إلى الهجوم.

 

وأشار إلى أن بعض المبادرات التي تم تقديمها ليست محايدة، حيث أن الوسطاء القائمين عليها يحملون مواقف متناقضة تجاه الدولة السودانية، ويتبنون أجندة قوات الدعم السريع ويروجون لروايتها بشأن الانتهاكات ضد المدنيين ومؤسسات الدولة.

 

واختتم بالقول إنه من المحتمل أن يعلن الجيش السوداني قريبًا عن السيطرة على الخرطوم، لكن انتقال الحكومة إليها من بورسودان يتطلب ترتيبات خاصة، مثل تهيئة البنية التحتية لتقديم الخدمات، ومعالجة مشكلة الجثث في الشوارع، والتعامل مع القذائف غير المتفجرة، إلى جانب استعادة المدينة لعافيتها لتكون جاهزة لاستقبال المواطنين والحكومة.

عبدالله إبراهيم
عبدالله إبراهيم

 

 

يقول أستاذ التاريخ الأفريقي في جامعة ميزوري الأمريكية، عبد الله إبراهيم، إن السودان ورث وضعًا سياسيًا يشهد انقسامًا حادًا بين مجموعتين رئيسيتين: الأولى هي جماعة التقدم، والثانية هي جماعة “الفلول” أو “الكيزان”، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين. يعود الصراع بين هاتين المجموعتين إلى الخمسينيات، حين نشب النزاع داخل حركة الطلاب.

 

ويشدد على ضرورة أن يبتعد الجميع عن الثأرية التاريخية، ويجب إدراك أن السودان يواجه حربًا بين القوات المسلحة وجماعة أخرى – مهما كانت تسميتها – ليست جزءًا من الدولة، بل كانت الدولة قد جلبتها في وقت ما لتحقيق بعض الأهداف.

 

وفيما يتعلق بالموقف الإقليمي والأفريقي من الحرب في السودان، يراه عبد الله إبراهيم عقيماً، حيث كانت هناك شكاوى من الحكومة السودانية ضد الإيغاد وتوقفها عن المشاركة في أعمالها، كما وجه القادة الأفارقة ملاحظات سلبية تجاه القيادة السودانية.

 

وأضاف أن وجود الحكومة السودانية في بورسودان لم يمنعها من أداء مهامها في ظل الحرب الدائرة، مشيرًا إلى أن الامتحانات قد أُجريت في مدن سودانية وفي أماكن أخرى حول العالم. وأوضح أن بعض قوى المعارضة اتهمت الحكومة بأنها تسعى إلى تكريس الانقسام، وهو ما يعكس عادة المعارضة في اختراع مخاوف التقسيم، مؤكدًا أن تهويل الأمور لا يساعد في طمأنة الشعب أو تأمينه. كما أن وجود الحكومة في بورسودان أو الخرطوم هو أمر رمزي، ولا ينبغي أن يكون سببًا للتباكي أو التخاذل، فالحكومة تواصل مهامها، والقوات المسلحة تواصل تحرير المناطق، بينما يعود اللاجئون إلى المدن التي تم تأمينها.

 

وأكد أن إنهاء الحرب لا يتحقق بالفصل بين القوات المتحاربة، بل من خلال بناء دولة مدنية حديثة، دولة خالية من قوات الدعم السريع، ويمكن تحقيق ذلك إما عبر الحرب أو التفاوض أو أي وسيلة أخرى. وشدد على أن السياسة السودانية والطاقات السياسية فيها يجب أن تتنوع، وألا تُقيد نفسها بقوالب السياسة التاريخية.

 

 

أسامة عيدروس
أسامة عيدروس

 

 

يقول أستاذ الدراسات الإستراتيجية والأمنية، أسامة عيدروس، إن الحرب في السودان نشأت بسبب فشل السياسة السودانية في تجاوز الصراع الصفري بين الأحزاب والجماعات السياسية حول السلطة.

 

كانت السياسة تتكرر باستخدام الجيش وقوات الدعم السريع في دورة مستمرة، تشمل انتخابات تؤدي إلى حكم ديمقراطي ثم انقلابات عسكرية، تليها ثورات وفترات حكم انتقالي. إلا أن الأحزاب السودانية، وفقًا له، لم تتعلم من تجارب الماضي وفشلت في إدارة صراعها السياسي، ثم أخفقت في تبني موقف موحد إزاء الحرب الحالية.

 

وذكر أن الحرب كانت مفاجئة حتى لأولئك الذين خططوا لها، حيث كان هدفهم انقلابًا سريعًا للسيطرة على السلطة في الخرطوم، خاصة بعد التموضع الإستراتيجي لقوات الدعم السريع في الخرطوم ومحيطها. وأضاف أن المخطط الخارجي كان يسير وفق نفس خطوات الانقلاب، حيث تم إدخال أزمة السودان إلى مجلس الأمن بعد أسبوع فقط من اندلاع الحرب، وكأن الأمر كان معدًا له مسبقًا، مع الحديث عن إمكانية فرض عقوبات أو تدخل تحت الفصل السابع.

 

وأشار إلى أن التدخل الخارجي في السودان يهدف إلى إعادة هندسة المنطقة للسيطرة على موقعها الإستراتيجي وثرواتها. وزاد من تعقيد الوضع أن الخرطوم كانت ضعيفة، ولم تشهد استقرارًا منذ أربع سنوات، مما جعل غياب الإدارة المدنية خلال الحرب يزيد من معاناة السودانيين في العام المقبل.

 

وأضاف عيدروس أن أكثر المراقبين تشاؤمًا يرون أن الجيش السوداني قد يسيطر قريبًا على كامل مدينة بحري وأم درمان، ليبدأ في حصار الجيوب داخل الخرطوم، بما في ذلك القيادة العامة والمطار والقصر الجمهوري. إذا تم تحرير الخرطوم في بداية العام المقبل وتأمين هذه المواقع، يمكن تأسيس حكومة قادرة على إدارة شؤون الناس خلال الحرب، حيث أن الحرب لا تقتصر على الأعمال العسكرية فحسب، بل تتطلب أيضًا إدارة مدنية فعالة.

 

وأكد أنه كلما سيطر الجيش على منطقة وأصبحت تحت حمايته، عاد إليها أهلها بكثافة، مما يزيد العبء على الحكومة في العام المقبل، حيث يعود هؤلاء إلى مناطق تفتقر للخدمات وقد تكون منهوبة، ويحملون معهم كل الآلام والذكريات من ويلات الحرب.

 

وفي ختام حديثه، شدد عيدروس على أن السودان بحاجة إلى التفكير في القضايا التي تقوده من حالة الحرب إلى السلام، وتحقيق توافق بين الأحزاب السياسية. وأكد على ضرورة وجود نظام يتيح تداول السلطة بشكل سلمي يضمن فرصًا متكافئة للجميع للوصول إلى الحكم، ويجعل السلطة بيد الشعب بدلاً من السياسيين الذين يتقاسمون المناصب والمصالح

 

المصدر : الجزيرة

 

 

 

 

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.