متابعات _ اوراد نيوز
قررت الحكومة التشادية إلغاء اتفاقية التعاون العسكري مع فرنسا التي وقعت عام ١٩٧٦. في خطوةٍ إيجابية لاقت ترحيباً من الشارع السياسي والعلماء والمثقفين وجمعيات المجتمع المدني، وصدر بيانٌ بتاريخ ١٢/ ديسمبر / ٢٠٢٤ من الناطق الرسمي للقيادة العامة للقوات المسلحة التشادية يؤكد بأنّ الانسحاب الكامل سينتهي خلال الأشهر القليلة القادمة.
لكي نفهم توزع القوات الفرنسية في تشاد يجب أن نقرأ الخارطة التشادية بعناية.
منذ دخول الفرنسيين إلى تشاد في إبريل ١٩٠٠ ركزوا بشدة على ثلاثة مناطق استراتيجية جداً.
مدينة ( فايا) في الشمال لارتباطها بالملف الليبي.
مدينة ( أبشة ) في الشرق لارتباطها بالملف السوداني.
مدينة (سار ) في الجنوب لارتباطها بأفريقيا الوسطى.
نتحدث عن أبشة وهي مدينة استراتيجية بالقرب من الحدود السودانية تتمركز فيها القوات الفرنسية، وبالفعل كانت المدينة نقطة فاصلة في جميع الصراعات السياسية في تشاد، وقلّما يسيطر العسكري المتمرد على أبشة ويكون نتيجة تمرده الفشل، إلا في حالات نادرة جداً.
نجح انقلاب قوكوني عام ١٩٨٠ بسبب أبشة ، وانتصر حبري على خصومه عام ١٩٨٢ بسبب أبشة ، وتولى ديبي السلطة عام ١٩٩٠ بعدما تمكن من السيطرة على أبشة ، وتكبدت الحكومة التشادية خسائر لا مثيل لها بعد سقوط أبشة عام ٢٠٠٨ م
بحسب احصائيات القوات الفرنسية في تشاد فإنّ ٦٧٨ جندي فرنسي يقيم في أبشة وهو رقم كبير جداً مقارنة بالجنود الفرنسيين في القاعدة العسكرية في فايا ٢٤٠ أو القوات الفرنسية في سار ١٥٠.
لماذا كل هذا العدد من القوات الفرنسية في الشرق ؟
تُولي فرنسا اهتماماً بالغاً بالملف السوداني وقد أرسلت عتاداً حربياً حديثاً وأنظمة تتبع عسكري إلى الشرق التشادي ( يونيو ٢٠٢٣ ) حتى تكون على إطلاعٍ دائم بالملف السوداني، وخروجها بهذه الصورة من المشهد سيؤثر على متابعاتها للتفاصيل الدقيقة، لعلها ستلجأ كعادتها إلى تسريب المعلومات المتعلقة بالنشاط العسكري التشادي في شرق البلاد إلى الصحافة الفرنسية، أو تعيد إحياء الخلافات العرقية بين القبائل في شرق تشاد أو ما يعرف بتصدير الأزمة العرقية في السودان إلى تشاد، وهذا ما عملت عليه جاهدة قبل الحرب في تشاد.
ازدادت حالات العنف بين القبائل العربية والإفريقية في الفترة من ٢٠١٧ – ٢٠٢٢ وكان تعداد الضحايا من هذه الأزمة حوالي ٣٠٠٠ مواطن تشادي بحسب الوفاق التشادي لحقوق الإنسان.
التأثير المباشر على السودان
١/ ستنتهي عمليات الاستطلاع العسكري في شرق تشاد والتي كانت تتحمل القوات الفرنسية تنفيذه وفق اتفاقية عام ١٩٧٦ .
٢/ ستتبنى الحكومة التشادية استراتيجة التهدئة بسبب تزايد النشاط العسكري في الغرب وبالتحديد مع جماعة بوكو حرام.
٣/ تدور بعض الأحاديث في الأوساط العسكرية التشادية بأنّ روسيا طلبت استلام القواعد العسكرية في شرق تشاد بعد رحيل الفرنسين، وبسبب العلاقات الجيدة بين روسيا والجيش السوداني سيتم التوصل إلى اتفاق مع الحكومة التشادية.
٤/ ساهمت الصين في توطيد العلاقات التشادية السودانية في الفترة من ٢٠٠٤ – ٢٠١٠
وتدعم الفترة الحالية قرار الخروج الفرنسي بصورة سرية حتى تتمكن من متابعة مشاريعها في مجال الطاقة في الشرق التشادي، ولن يكون ذلك إلا باستقرار سياسي تريد أن تحققه خلال الأشهر القادمة وقد طرحت مبادرة لإعادة إعمار شرق تشاد منذ عام ٢٠٠٩ وما زالت تحاول تحقيقه خلال القمة الصينية الأفريقية عام ٢٠٢٤.
خاتمة
تتبنى فرنسا كافة العمليات اللوجستية والتدريبية والأمنية في شرق تشاد. وخروجها بهذه الصورة سيترك فجوة كبيرة تحتاج القوات التشادية لسدها، ومن طبائع الفرنسيين السيئة أنّهم لا يعملون حلفائهم فكرة الاعتماد على الذات وإنما يتركونهم في خاتمة المطاف في ظروف الحيمي سيئة حتى يطلبون عودتهم مجدداً فيستغلونهم بغير وجه حق وبصورة أبشع من سابقتها.
كتبه الصحفى التشادى سعيد أبكر احمد