متابعات_ورادنيوز
شهدت ولايات سودانية عدة سيولاً وفيضانات هي الأولى من نوعها منذ عقود، امتدت آثارها شمالاً لتصل إلى مناطق في جنوب مصر مثل حوض وادي العلاقي وبحيرة السد العالي وأبو سمبل ومنطقة العوينات، محدثة دماراً واسعاً في البنية التحتية والممتلكات.
كانت منطقة أبو حمد بولاية نهر النيل الأكثر تضرراً، حيث انهارت آلاف المنازل ولقي العشرات حتفهم أو أصيبوا. ومما فاقم الوضع أن هذه المنطقة تعد مركزاً مهماً لتعدين الذهب، حيث تستخدم طرق كيميائية معقدة لاستخراجه، تاركة وراءها مخلفات سامة تحتوي على عناصر ثقيلة ومواد كيميائية خطيرة.
وحذر الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، من أن السيول جرفت هذه المخلفات إلى القنوات المائية والأراضي الزراعية، مما أدى إلى تلوث البيئة والمياه الجوفية، وهو ما يشكل تهديداً خطيراً على صحة السكان والنظام البيئي في المنطقة، وقد تمتد آثاره على المدى البعيد.
تسلط هذه الكارثة الضوء على الحاجة الملحة إلى اعتماد ممارسات تعدين أكثر استدامة، وتطوير خطط فعالة لإدارة الكوارث الطبيعية والتخفيف من آثارها، خاصة في المناطق المعرضة للتغيرات المناخية.
وتابع: التأثير البيئي لهذا التلوث يمتد بالطبع إلى خارج حدود أبو حمد، حيث تتدفق مياه السيول نحو بحيرة سد مروى الذي يسع حوالي 12 مليار متر مكعب من المياه، تترسب معظم هذه الرواسب في قاع بحيرة سد مروى ، بينما تصل كميات قليلة من هذا الطمي والرواسب إلى بحيرة السد العالى في مصر،و لحسن الحظ، (لمصر) يلعب السد العالي دورًا مهمًا في تقليل المخاطر البيئية، حيث تعمل مسافة 1000 كم التي تقطعها المياه على ترسيب معظم الرواسب والعناصر المتبقية قبل أن تصل إلى بحيرة السد ، ما يسهم في تنقيتها قبل خروجها من بوابات السد العالى.
وفيما يخص إعادة إعمار السودان، شدد الخبير على ضرورة إصدار تشريعات بيئية صارمة تلزم شركات التعدين بإعادة تأهيل المناطق المتضررة من عمليات الاستخراج، وذلك من خلال تغطية الصخور المستخرجة وإعادة تشجير المنطقة. وأشار إلى تجارب ناجحة في هذا المجال، مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي تفرض قوانين صارمة على شركات التعدين لضمان حماية البيئة، حتى وإن كان ذلك مكلفًا للشركات.