مقالات

عصام جعفر .. يكتب: الإنقلاب

السودان تاريخ طويل من الإنقلابات العسكرية في ظل الولاءات المتشابكة واستعمال العسكر في معادلة السلطة والقوة والتمكين حتى لو كان القيام بانقلاب ليست هي رغبتهم بل يتم الدفع بهم إليها دفعاً..
الإنقلابات كانت سمة دائمة للمشهد السوداني حتى أن الساخرين والمتندرون كانوا يقولون إن الذي يستيقظ باكراً من العسكريين في السودان يقوم باستلام السلطة.

السودان يعيش حالة شديدة من التعقيد بسبب الصراع السياسي والعسكري وبسبب إفرازات الحرب وانقسام الناس بين معسكرين داعم للجيش وناقم عليه، وفي ظل هذه الظروف فإن أي حدث كبير يتم في الساحة لا يمكن أن يمر مرور الكرام، فهناك دائماً ردة فعل غير متوقعة وغير محسوبة والتعامل معها مشكلة في حد ذاته.

الآن المجتمع السياسي والعسكري والتنظيمات الأخرى واجه حركة الإحالات والترقيات الأخيرة التي حدثت في القوات المسلحة بردود فعل مختلفة، حيث حسبها البعض حملة إقصاء للإسلاميين من الجيش ضمن محاولة البرهان لتنفيذ بنود التسوية مع الجهات الخارجية التي تقضي بهيكلة القوات المسلحة وإحالة الضباط المتهمين بالولاء للكيزان إلى المعاش.

من الواضح أن البعد الخارجي ظل حاضراً على الدوام في الحالة السودانية وأن الفريق قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة له هواجس ومخاوف من ما يسمى بالمجتمع الدولي، وأنه قام بتفاهمات عديدة مع قوى خارجية بعضها معلوم وبعضها مجهول، وكان البند الثابت في مطالب الخارج هو ألا يكون للإسلاميين مكان في المعادلة السياسية القادمة وتصفية وجودهم في المؤسسات الكبرى خاصة الجيش والشرطة.

توقيت هذه الحركة من التنقلات والإحالات في الجيش بعد لقاء المستشار الأمريكي تفتح الباب واسعاً أمام كل التكهنات والقراءات الصحيحة منها والخاطئة.

الآن المجالس تتحدث عن أن هناك إنقلاباً كاد أن يحدث ولا أحد ينفي هذا أو يثبته، ولكن كل طرف يدلي بحجج وشواهد قوية.
غاية الأمر أن إحالة بعض الضباط إلى المعاش في ظل هذا التوقيت وبعد مباحثات مع الخارج مجهولة النتائج وغير معلومة أثارت هذه الحركة جدلاً كثيفاً وأحدثت انقساماً في جبهة داعمي الجيش وأثارت شكوكاً في أوساط الإسلاميين خاصة بعد ترحيب قحت والقوى اليسارية بهذه الإحالات.

أخطأ البرهان في مواقع كثيرة أمكن تداركها بكلفة كبيرة وباهظة كحل هيئات العمليات وإدخال الدعم السريع إلى بعض المواقع، لكن محاولة البرهان التخلي عن الإسلاميين أو إقصائهم هو خطأ لا يمكن تداركه أبداً أبداً.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى