مقالات

البطولة .. وتعريفها في العالم العجيب

والبطولة .. تعريفها في العالم العجيب… عجيب. وفي يابان القرن الماضي، أحد القادة حين يقع تحت حصار طويل… وجوع… يقتل عشيقته ويجعل جنوده يقتلون نساءهم ويأكلون لحومهن. واعتبروه بطلاً. ليبقى السؤال: ما هي البطولة… في التاريخ حشد من الأسئلة لا يجيب عليها إلا الإسلام.

 

 

(2)

وفي ألمانيا الستينات كان التنافس مهتاجاً بين شاب وشابة، والناس يصبحون يوماً ليجدوا أن الشركة التي تقود الدعاية للفتاة تغطي اللافتات الضخمة بصورة ضخمة للفتاة… عارية الصدر… وتكتب تحتها: “نحن لا نخفي شيئاً”. الشركة كان هدفها الأول هو أن ينظر الناس إلى المرشحة..
واليوم التالي، الصورة كان مكتوباً تحتها: “غداً صورة كاملة”، يعني دون ثياب. والناس صباح اليوم ذاك خرجوا قبل الشمس، والصورة كانت هناك كاملة، لكن… المهم أنه لما أراد مدير الدعاية أن يكرر الأمر هذا لمرشحة عام ألفين، اعترضوا، وقالوا: “من يهمه الآن أن ينظر إلى صورة عارية…”.

والحكاية نعود إليها لأنها ترسم خطوات العالم، وما وصل إليه. وأيام مذبحة رواندا (التي صنعتها فرنسا كما أعلنت ذلك وزيرة خارجية رواندا) كانت المذبحة تهدر، وأخبارها في ركن صغير من الصحف… فالصحف والتلفزيون والشعب كله كانت عيونه معلقة بـ(قطة) علقت على مساحة صغيرة في الطابق العاشر، وتعذر الوصول إليها.
وساعات وساعات وأعمال بطولية تقوم بها الشرطة تحت العيون والأنفاس المخنوقة… والقطة ينقذونها، والشعب يتنفس…
الآن أطفال غزة… والعالم… والمشهد الذي يتكرر. العالم هو هذا، أيها الأئمة… الكتابة ليست استمتاعاً بالعجز وصديد العجز، الكتابة الآن تعني رسالة للأحفاد تقول لهم: “حقيقة العدو هي هذا… حتى لا تنغمسوا مثلنا في مستنقع الخديعة، والظن الأبله أن التلاقي ممكن”.

 

(3)

في الجدال حول الاتفاقيات القادمة والسابقة، قال الجدال: في مسرحية شكسبير، العقد يسمح لليهودي بقطع رطل لحم من صدر أنطونيو بعد أن فشل في تسديد الدين. والمحكمة تقول: نعم. والمحامي يقول: “نعم… رطل من اللحم لك أيها اليهودي، لكن ليس في العقد السماح لك بسكب قطرة من دم المدين هذا… فإن انسكبت قطرة فقدت أنت كل شيء”.
الاتفاقيات التي نعقدها مع العدو، إن كانت مكتملة، فهذه تهمة ضدنا، تتهمنا بسوء النية وعدم الثقة بالآخرين. راجع شروط الاتفاقية التي تطلب الدولة تلك توقيعها. الاتفاقية الرقيقة تسمح لنا بالاحتفاظ بجلودنا… حتى حين. والباقي للدعم.
يبقى أن نعيد، للذين لم يشهدوا منتصف القرن الماضي، حكايات الاتفاقيات… وحكايات العالم.
وبعد حرب ٦٧، الأمم المتحدة تحكم بأن على إسرائيل الانسحاب من الأراضي المصرية.
واللعبة تبدأ…
ومصر تقول إن الحكم يقول: على إسرائيل الانسحاب من (الأراضي) المحتلة.
وإسرائيل تقول إن الحكم يقول: على إسرائيل الانسحاب من (أراضٍ) محتلة.
والغباء وحده هو من لا يفهم أن الأمر لا صلة له باللغة، الأمر هو أن إسرائيل ما يهمها هو أن (الغلاط) يبقيها محتلة. وماذا تريد غير ذلك؟
وأيام الستينات كان الجدل حول الشريعة في السودان هو:
الصادق يقول: الشريعة (مصدر) أساسي للدستور.
والإسلاميون يقولون: الشريعة هي (المصدر) الأساسي للدستور.
والدستور يُجمّد.
والخدعة هناك… حيث التجميد هو المطلوب.
الأمر لا صلة له باللغة، بل بالعالم يومها.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى