منوعات

السودان يواجه موجة حر شديدة .. ومظاهر التغير المناخي تزداد وضوحاً

متابعات _ اوراد نيوز

متابعات _ اوراد نيوز

في مدينة بورتسودان، يعاني السكان من تقلبات جوية حادة، فبينما يصارع الشاب محمد عمر، حمّال يعمل بجهده البدني، قسوة الشمس الحارقة والغبار، يكشف لنا الواقع مناخًا استثنائيًا يفرض نفسه على الحياة اليومية.

يشكو عمر، النازح في العشرينيات من عمره، من اضطراره لتقليص ساعات عمله تحت وطأة الحرارة الشديدة التي فاقت 47 درجة مئوية. يصف معاناته قائلاً: “لم أتوقع قسوة الطقس في بورتسودان بهذا الشكل. الآن لا بديل عن العمل إما فجرًا أو بعد العصر لتجنب التعرض المباشر والطويل للشمس”.

 

 

ظواهر متطرفة وتفسيرات علمية

لم تكن معاناة محمد عمر فردية، فمدينة بورتسودان تشهد منذ أيام ارتفاعًا غير مسبوق في درجات الحرارة مصحوبًا برياح محملة بالغبار، مما أثر على حياة الناس وعرقل حركتهم. هذا الوضع دفع إدارة مطار بورتسودان لإلغاء الرحلات الجوية مؤقتًا حرصًا على سلامة الركاب والطائرات.

 

 

تكشف دراسة أجرتها كلية “إمبريال الجامعية” بالخرطوم العام الماضي أن السودان قد يشهد ظواهر مناخية متطرفة كل ثلاث سنوات. يشرح الدكتور أبو القاسم موسى إبراهيم، رئيس وحدة الإنذار المبكر بالهيئة العامة للأرصاد الجوية السودانية، أن تقلبات الطقس في بورتسودان تعزى إلى حركة “الفاصل المداري”. يوضح إبراهيم أن موقع المدينة بين أنظمة الضغط الشمالية الجافة والجنوبية الرطبة يضعها في حالة تأرجح مستمر بين كتلتين هوائيتين متعارضتين. هذا الصراع بين الكتل الهوائية يولد رياحًا غير معتادة وينتج عنها الأتربة الشديدة التي تشهدها المنطقة. وقد أصدرت الأرصاد السودانية تحذيرات مسبقة بهذا الخصوص، مؤكدة أن الفاصل المداري وصل هذه المرة إلى شمال بورتسودان، وهي ظاهرة غير مألوفة ومتزامنة مع موجة الحر الشديدة.

 

أبو القاسم إبراهيم: السودان أصبح يشهد كل عام إحدى الظواهر المناخية المتطرفة
أبو القاسم إبراهيم: السودان أصبح يشهد كل عام إحدى الظواهر المناخية المتطرفة

التغيرات المناخية: واقع لا مفر منه

يؤكد الدكتور إبراهيم أن موجات الحر الشديدة هي جزء من التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، وبورتسودان ليست استثناء. لقد أصبح السودان يواجه سنويًا إحدى الظواهر المتطرفة، سواء كانت سيولًا، أو موجات حر شديدة، أو حتى موجات برد قاسية.

 

 

يتوقع الخبير أن تكون التقلبات الجوية هي السمة الغالبة على طقس بورتسودان في الفترة القادمة. فبينما قد تهدأ حدة الأتربة لبعض الأيام، ستعود مجددًا طالما بقي الفاصل المداري جنوب المدينة. كما يتوقع هطول أمطار جنوب ولاية البحر الأحمر، مما قد يؤدي إلى فروقات في الضغط تثير المزيد من الغبار والأتربة، ولكن دون زيادة متوقعة في درجات الحرارة.

 

 

ويشير إلى ظاهرة جديدة ناتجة عن التغيرات المناخية، وهي هطول الأمطار في ولاية البحر الأحمر خلال شهور غير معتادة سابقًا، حيث كانت الأمطار تقتصر على الشتاء (أكتوبر، نوفمبر، ديسمبر)، لكنها أصبحت تشهد هطولًا في يونيو وسبتمبر.

 

 

جهود وقائية واستجابة صحية

تفاعلاً مع هذه الظروف الجوية القاسية، أصدرت إدارة المرور في ولاية البحر الأحمر تنويهًا لسائقي المركبات ومستخدمي الطرق، محذرة من تدني مستوى الرؤية بسبب الغبار والعواصف الرملية، وناشدت بالحذر وتقليل السرعة واستخدام الإضاءة الأمامية.

 

 

من جانبها، أكدت الدكتورة ليلى حمد النيل، مديرة إدارة الطوارئ الصحية والأوبئة بوزارة الصحة السودانية، تسجيل ثلاث حالات إصابة بضربات الشمس حتى الآن، وتمت معالجتها، مع وجود احتمالية لحالات أخرى لم تصل المستشفى. تحذر الدكتورة من المخاطر المترتبة على تقلب الطقس، ومنها ارتفاع درجات الحرارة وتأثير الغبار والأتربة على مرضى الجهاز التنفسي، موصية بتقليل الحركة خلال فترات الطقس المتقلب.

 

 

لا تقتصر المشكلة على بورتسودان، فارتفاع درجات الحرارة في الولايات الشمالية ونهر النيل يؤدي سنويًا إلى حالات إصابة بضربات الشمس والإجهاد الحراري.

تستعد وزارة الصحة السودانية لهذه الظروف مبكرًا من خلال تدريب الفرق الطبية وتوفير الأدوية ومخفضات الحرارة، وتحديد أماكن لمعالجة الحالات المصابة. وقد بدأت الخطة في بورتسودان منذ أسبوعين، مع تقييم أسبوعي للوضع. كما تم تجهيز سيارات الإسعاف لنقل الحالات المتأثرة وتدريب فرق الاستجابة السريعة وتوفير طرق سريعة للتبليغ عن الحالات.

المصدر: الجزيرة

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى