اخبار

بعد لقاء رئيس الوزراء .. هل تتفق تيارات حزب الأمة السوداني؟

متابعات _ اوراد نيوز

متابعات _ اوراد نيوز

في خطوة مفاجئة حملت في طياتها دلالات عميقة، استقبل رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس وفدًا من حزب الأمة القومي المعارض، برئاسة رئيس التنظيم المكلف محمد عبد الله الدومة. اللقاء الذي شدد فيه إدريس على أهمية التشاور وتبادل النصح مع القوى السياسية لتحقيق الاستقرار، جاء ليُسلط الضوء على أزمة تنظيمية عميقة يعيشها الحزب منذ حل تحالف “تقدم” في فبراير الماضي. هذه الأزمة تُبرز الانقسامات الحادة داخل أحد أعرق الأحزاب السودانية، الذي ظل في حال اضطراب منذ رحيل زعيمه الصادق المهدي عام 2020.

 

“الأمة القومي”: جبهات داخلية متعددة وصراع على الشرعية

 

يأتي لقاء رئيس الوزراء مع الدومة في ظل تناقضات داخلية صارخة تُهدد وحدة حزب الأمة. فمن جهة، ساند الرئيس المكلف السابق، فضل الله برمة ناصر، اتجاه قوات الدعم السريع لتشكيل حكومة موازية، وشارك لاحقًا في تأسيس تحالف “السودان التأسيسي” الذي اختار قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، رئيسًا له.

وفي فبراير الماضي، أعلنت مؤسسة الرئاسة داخل الحزب – وهي هيئة جماعية أُنشئت مؤقتًا لإدارة شؤونه بعد وفاة الصادق المهدي – سحب تكليف برمة ناصر وتعيين محمد عبد الله الدومة بدلاً منه. إلا أن التيار المؤيد لناصر رفض هذا القرار، معتبرًا أن المؤسسة جسم استشاري لا يملك صلاحيات تنفيذية، وأن المؤتمر العام هو الجهة الوحيدة المخولة بعزل الرئيس.

تزداد الصورة تعقيدًا بوجود تيار ثالث داخل حزب الأمة؛ حيث يشارك الأمين العام للحزب، الواثق البرير، في التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” برئاسة عبد الله حمدوك، ويشغل القيادي البارز في الحزب، صديق الصادق المهدي، منصب الأمين العام في هذا التحالف. يرى مراقبون أن هذه التطورات ستفاقم الخلافات داخل الحزب، مما يُعمق حالة عدم الاستقرار التي يعيشها منذ وفاة زعيمه التاريخي.

 

رؤى متباينة حول الأزمة والحلول: دعوة إلى التوافق وتصعيد داخلي

 

من جانبه، أكد حزب الأمة في بيان أن اللقاء مع رئيس الوزراء شمل الدومة ونوابه ومساعديه ورؤساء الحزب بالولايات، إضافة إلى قيادات من المرأة والشباب والمهنيين، وناقش مستجدات الوضع السياسي والإنساني وسبل الخروج من الأزمة الراهنة. وشدد البيان على دعم الحزب لمؤسسات الدولة الوطنية، واعتبار الحفاظ على كيانها ووحدتها أولوية قصوى، مؤكدًا على ضرورة وقف الحرب وإنهاء معاناة المواطنين عبر حل سياسي شامل، ورأى أن المخرج من الأزمة يتمثل في مشروع وطني جامع.

وفي المقابل، وجه رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة القومي، محمد المهدي حسن، انتقادات حادة لمؤسسة الرئاسة التي يتزعمها الدومة، واصفًا “ما جرى في بورتسودان بأنه يمثل انقلابًا ناعمًا على مؤسسات الحزب الشرعية، ومحاولة لانتحال صفة القيادة”. وحذر من إنشاء مركز بديل خارج الأطر المؤسسية للحزب، مؤكدًا أن من شارك في “التحرك الانقسامي” سيُعرض نفسه للمساءلة التنظيمية.

وفي خطوة تصعيدية، رأس برمة ناصر اجتماعًا لمجلس التنسيق في حزب الأمة، وأقر بعدم شرعية لقاء بورتسودان، معتبرًا إياه خروجًا عن مبادئ الحزب. كما دان المجلس النهج الذي تسلكه الحكومة، متهمًا إياها بتكرار ممارسات النظام السابق. ردًا على ذلك، أعلنت المجموعة المساندة للدومة تأييدها الكامل لقرار مؤسسة الرئاسة بإنهاء تكليف برمة ناصر وتعيين الدومة، وأبدت دعمها لتوجهات المؤسسة، بما في ذلك موقفها المؤيد لتعيين كامل إدريس رئيسًا لمجلس الوزراء.

حزب الأمة السوداني بعد لقاء رئيس الوزراء
حزب الأمة السوداني بعد لقاء رئيس الوزراء

أبعاد الصراع: استقطاب جهوي وغياب القيادة الموحدة

 

يرى الباحث والمحلل السياسي محمد علاء الدين أن هناك استقطابًا وخلافات عميقة في حزب الأمة منذ وفاة الصادق المهدي، مشيرًا إلى أن النظام الداخلي للحزب يقضي بألا يستمر الرئيس المكلف لأكثر من عام حتى عقد مؤتمر لانتخاب رئيس جديد، وهو ما لم يحدث. ويوضح علاء الدين أن الصراع الحالي له أبعاد جهوية وإثنية، حيث ينحدر برمة ناصر والقيادات التي تساند من مكونات اجتماعية ينخرط قطاع كبير من أبنائها في صفوف قوات الدعم السريع، بينما كان الدومة حاكمًا على ولاية غرب دارفور التي اتهمت القوات بارتكاب إبادة جماعية بحق كيان قبلي مؤثر ينتسب له. ويرجح الباحث أن ينقسم الحزب في حال اجتماع مؤسساته، متوقعًا استمرار النزاعات الداخلية حتى وقف الحرب وتغير المشهد السياسي.

أما أستاذ العلوم السياسية خالد إسماعيل، فيرى أن غياب الصادق المهدي بعد أكثر من 40 عامًا من زعامته للحزب، وعدم وجود قيادة بمؤهلاته وخبراته ورمزيته، أدى إلى “هزة” في حزب الأمة ووضعه في حالة سيولة. ويعتقد إسماعيل أن حل أزمة الحزب يكمن في عقد مؤتمر عام لانتخاب قيادة جديدة، والتراضي عليها من المكونات الاجتماعية والجهوية، وتوزيع المناصب القيادية بتوازن دقيق حسب تقاليد الحزب المتوارثة.

هل يمكن لحزب الأمة القومي أن يتجاوز هذه الانقسامات العميقة، أم أن مصيره الانشطار إلى كيانات سياسية متعددة؟

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى