اخبار

كامل إدريس: ما يحدث واحدة من أكثر حالات الابتزاز الجماعي

متابعات _ اوراد نيوز

متابعات _ اوراد نيوز

تعيش مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، غرب السودان، أسوأ كوابيسها الإنسانية، محاصرة بقبضة عسكرية خانقة فرضتها قوات الدعم السريع منذ أكثر من عام. وسط القصف المتواصل والجوع القاتل، يجد مئات الآلاف من المدنيين أنفسهم في فكي كماشة، بينما تتهاوى الجهود الدولية وتُخفق الاستجابة الإنسانية. في هذا السياق المأساوي، لم يتردد رئيس مجلس الوزراء السوداني، كامل إدريس، في وصف ما يجري بأنه “جريمة حرب تُرتكب بدم بارد أمام أعين العالم. وصمت المجتمع الدولي هو شراكة غير مباشرة في هذه المجازر”.

 

حكومة السودان تُعلن تحركها و”الفاشر لن تسقط”

 

في بيان رسمي بثته وكالة السودان للأنباء (سونا)، أكد إدريس أن مدينة الفاشر “تخضع لواحدة من أكثر حالات الابتزاز الجماعي والتجويع الممنهج في التاريخ المعاصر”. مشددًا على أن الحكومة السودانية “لن تظل مكتوفة الأيدي إزاء هذا العدوان المستمر”، وستتحرك بجميع أدواتها السياسية، الإنسانية، والدبلوماسية “لفك الحصار وتأمين إيصال المساعدات إلى المدنيين”. أشاد إدريس بصمود السكان، واصفًا إياهم بأنهم “يُقدّمون درسًا في الإنسانية والكرامة للعالم”، ووجّه تحية للجيش السوداني، القوات المشتركة، والمقاومة الشعبية التي “تخوض معركة الدفاع عن أرواح المدنيين وسط القصف والدمار”.

 

 

الميدان يشتعل: معارك ضارية وصمود أسطوري

 

على الصعيد الميداني، شهدت تخوم الفاشر معركة عنيفة مساء الجمعة، بين القوات المسلحة السودانية والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح والمقاومة الشعبية، ضد الدعم السريع. انتهت الاشتباكات بتدمير عشر سيارات قتالية للدعم السريع وإلحاق خسائر بشرية بها. العقيد أحمد حسين مصطفى، المتحدث باسم القوة المشتركة، صرح للجزيرة نت بأن “القوات نفّذت كمينًا استدراجيًا ناجحًا” أسفر عن “مقتل العشرات من عناصر الدعم السريع ومطاردة الفارين”. وأكد مصطفى أن “الفاشر لن تسقط، وهي تقاتل برجالها ونسائها وصمود أهلها”.

 

من جانبه، أكد أبو بكر أحمد إمام، الناطق باسم المقاومة الشعبية، أن الفاشر سجلت انتصارها “رقم 220” منذ بدء المواجهات، وأن “كل انتصار هو رسالة جديدة بأن الفاشر لن تركع”. وأشار إلى أن الدعم السريع تستخدم سياسة “الاستنزاف والقصف العشوائي” لعزل الأحياء، لكن “كل بيت في الفاشر أصبح خندقًا، وكل مواطن أصبح مقاومًا”.

د كامل إدريس _ رئيس الوزراء السوداني
د كامل إدريس _ رئيس الوزراء السوداني

 

الفاشر: شهادات مريرة عن واقع إنساني كارثي

 

داخل أحياء الفاشر، تُروى قصص مؤلمة عن واقع الحياة تحت الحصار. عائشة عبد السلام، ربة منزل من حي الثورة، وصفت الوضع للجزيرة نت قائلة: “لا وجود للأسواق ولا للخبز، لا طعام، لا ماء صالح، أطفالي فقدوا الوزن، ولا أستطيع تأمين الحليب منذ أكثر من عام”. وأكدت أن “الطائرات المسيرة التابعة للدعم السريع تحلق فوق المدينة صباحًا ومساء، ترصد وتضرب، ولا نعلم من سيكون الضحية التالية. لم يعد هناك مكان آمن”.

الناشط الإغاثي سليمان هارون، في تصريح خاص للجزيرة نت، وصف الوضع الإنساني بأنه “لا يُوصف”، مشيرًا إلى أن “قوافل الغذاء عاجزة عن الوصول، والناس تقتات على وجبة كل يومين”. وكشف عن “وفاة أطفال ونساء في الأيام الأخيرة جراء القصف المدفعي على مراكز الإيواء”. ولفت هارون إلى أن فرق الإغاثة المحلية “تعمل تحت الأرض” وتُجبر على “نقل المؤن بأيدي المتطوعين داخل حقائب صغيرة” لتفادي استهداف الطائرات المسيرة. وختم حديثه بالقول: “ما يحدث هنا ليس مجرد حصار، إنها إبادة تُنفّذ بوعي كامل، وعلى المجتمع الدولي أن يُدرك أن بِصمته صار شريكًا مباشرًا في الكارثة”.

 

تدمير منهجي واستغاثة عاجلة للمجتمع الدولي

 

لا يقتصر الاستهداف على السكان والمساعدات؛ فقد طالت الضربات الجوية جميع المرافق الصحية. مصدر طبي من “المستشفى السعودي” الوحيد العامل في المدينة، كشف للجزيرة نت عن استهدافات مباشرة لوحدة العناية المركزة وانقطاع الكهرباء بسبب تدمير المولد. وأكد المصدر أنهم يعملون “في ظروف كارثية” بنقص حاد في المستلزمات الطبية والكوادر.

وفي ختام بيانه، حمّل رئيس الوزراء كامل إدريس قوات الدعم السريع مسؤولية “تعنت ممنهج تجاه جهود السلام”، مؤكدًا أن “الحكومة السودانية وافقت على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2736، وأعلنت استعدادها للهدنة الإنسانية، بينما رفضت المليشيا الالتزام”.

 

وشدد إدريس على أن “استخدام الجوع كسلاح يُعد جريمة حرب”، محذرًا من الهجمات المتكررة على قوافل الإغاثة. وجه إدريس نداءً باسم الحكومة السودانية، مطالبًا المجتمع الدولي بـ”كسر حاجز البيانات الباردة” قائلًا: “الفاشر لا تطلب كلمات، بل مواقف تنقذ الحياة وتوقف الإبادة”. وأضاف: “كل ساعة تمر تسجّل أرواحًا تُزهق، ومعاناة تتضاعف، وعلى الضمير العالمي أن يستيقظ، لأن ما يحدث هنا هو اختبار أخلاقي للعالم كله”.

 

المصدر: الجزيرة

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى