مقالات

طموح الرئيس الشاب واكتشاف الوصفة “السحرية” لإحلال وإبدال الدول بمنطقةٍ ما!.

متابعات _ اوراد نيوز

متابعات _ اوراد نيوز

طموح الرئيس الشاب واكتشاف الوصفة “السحرية” لإحلال وإبدال الدول بمنطقةٍ ما!.

بقلم: أمين حسن عبد اللطيف

تمددت شعبية الرئيس الشاب إلى ما وراء حدود بلاده، إذ انه كان خطيباً مفوهاً يُنادي بتوحيد المنطقة ويدعو جهراً دول القارة البِكر إلى التحرّر من الاستعمار بعد أن طال همس من سبقوه وباستحياءٍ إلى ذلك.. اندفع الرئيس “القائد” بحرارة الشباب وراء دعوته إلى الشعوب القريبة والبعيدة للانضمام لركب “التكتل القومي” والانخراط في أهدافه النبيلة “الحالمة” التي تقودُ إلى حياة الحُرية والإنتاج والرخاء.

 

 

وكان حماسه وإيمانه العميق بفكرته يُغطّي ويطغى على المنطق والبديهي، إذ أنه لا ينبغي أن يقفَ عائقٌ ما أمام وصول بلاده وأهلها إلى ذلك المُجتمع “الطوباوي”!، فبدأت مؤسسات حكومته في تطبيق سياساته البرّاقة على الشعب دون اعتبارٍ لما كان من قوانين صُممت لتلائم أوضاع وعادات الناس وسادت لآلاف السنوات قبولاً وعدلاً. وظهرت وجوهٌ بملامحَ حديثة وشابة على منابر الحُكم يبشرون بالفكر الجديد والدعوى بالمساواة والعيش الرغيد على أرض الوطن الكبير، بينما انشغل الرئيس بدعم ومساندة الحركات التحررية بكافة دُول المنطقة، ومُخاطبة الشعوب بما يُدغدغ المشاعر من استعادة ذلك المجد التاريخي وتحطيم قيود التبعية وقيادة شعوب المنطقة إلى برِ الاستقلالية بالأرضِ التي تُثمرُ الطعام الشهي الوفير والثروات القيمة وسمائها ذات البدر الأزهر الذي لا يُغيب!. وانساق البعض وراء أحلام الرئيس الوردية لتسود تُهمة “الرجعية” على كل من آثر العيش على أرض الواقع، التي لا تًثمرُ إلا بعد أن تُسقى بعرق الجُهد، وسماء الحقيقة التي تتعاقبُ عليها شمسُ الحق الواحد وقمرُ العقلانية بمنازله المألوفة. وبدأت مُحاربة الموروث بالداخل واحلاله بأفكار العهد التقدمي ومساندة التحرر بالخارج على حساب التنمية القومية، فازدادت شُهرة الرئيس الشاب عالمياً وأضحى اسمه على كل المنابر الإعلامية، بطلاً ومُنقذاً لدى منطقته وبذات الوقت مسخاً وخصماً لدى دول غرب العالم المُحافظة ونجماً صاعداً بنظيرتها من الدول اليسارية. ونشط الغربُ في معارضته بينما اجتهد الشرق في دعمه لتُنقلَ حربهم العتيدة إلى ميدان قتالٍ جديد بتلك المنطقة الوسطى من العالم، دون أن تنتبه أجهزة أمن الرئيس واستخباراته لتلك الظاهرة المُدمرّة..

 

 

تمكنّت سَكرةُ الزعامة من وعي الرئيس وصوّرَ له زملائه وأقرانه أن مساحة البطولة بالمنطقة الكُبرى فارغة وإحلالها بـ “التكتل القومي” الذي أصبح الآن واجباً مُستحقّاً، وما عليه سوى مدُ اصبعيه، وبقوة الشعوب والأمم التي تُسانده، لنزع العدو التقليدي من جسد الأمة والقذف به في مياه المُحيط الباردة!. ونشطت آلة إعلامه ذات الصوت العالي لتشحن النفوس بالحماس والإيحاء بأن جيوش الرئيس ومُسانديه ستسحق ذلك العدو الذي يُمثّلُ دول الاستعمار ويستطول شرعية بقائه الآثم بعُمق الجوار من شر تجمع الاستكبار واستدرار عطف المؤسسة العقائدية الغربية المُمتدة لما حيق بأهله من تشريدٍ وتقتيلٍ جماعي إبان فترة الحروب الطويلة التي جرت بين دول الغرب وهُمُ يعيشون في دولهِ أقلية لحين استرداد حقهم التاريخي في دولة الأجداد المُقدسّة!.

 

 

وعلىى الرغم من قوة ذلك العدو المُستمدّة من إحدى الدول العُظمى بذلك الزمان وضُعف تسليح جيوش الرئيس وقِدَم عتادهم، إلا أن سُكان المنطقة باتوا على اقتناعٍ -بفضل صوت التكتل القومي العالمي- بأن النصر لا محالة حليفهم وبأن عُمر العدو بينهم قد بدأَ بالتناقص. وكأن مسؤولو العسكرية بجيش الرئيس قد سكروا بالخطب الحماسية فارتكزوا على قوتهم التي صورّها لهم القائد المُلهم فكادوا أن يلمسوها من فرط تأثير الكلمات على مُهجِهم، فركنوا إلى تلك القُدرة المُتخيلَة، بينما كان العدو يُخطط بخبثٍ ويوحي إلى استخبارات الرئيس بضعفه وخوفه من النزال وهو الكيان الدخيل والضعيف الذي لا يقوى على مواجهة جيوش وشعوب “التكتل القومي” الجبارة التي تُحيطُ به إحاطة السوار بالمعصم.. وامتدت التعبئة العامة والتهب جو المواجهة وحُشدت الأنفاس قبل الجيوش، وعزم الرئيس على عدم البدء بالهجوم حتى يفوز ببطاقة “الدفاع عن النفس” بل عمد على استفزاز الخصم لحثه على الهجوم أولاً، إذ كان مُتأكداً من أن ميزان المقدرة يُرجّحُ إلى جانبه!. وقبل أن ينبلج فجر ذلك اليوم المشئوم، استبق العدو “المُستضعَف” الوعي والمنطق وأطلق ضربة شاملة على جيوش الرئيس فقضى على مُعظمها في معاقلها، وفاجأ القوات في ثكناتها، وذلك قبل أن يتحرك وفد الرئيس إلى المؤتمر الدولي الذي دعت إليه العُصبة الدولية في محاولة لتهدئة الخواطر المُلتهبة بين دول منطقة العالم الوسطى وعدوهم الأوحد!. ولأيام معدودات عاث جيش العدو تخريباً وتدميراً بدول المنطقة بعد أن علت يده استباقاً بسماواتها، وتمددت قواته احتلالاً لأطراف الدول المُجاورة، فاقتطع لنفسه قدراً ليس باليسير من أرض دولة الرئيس وبذات القدر من الدول المُجاورة وحاز على تلك المدينة المُتنازع عليها تاريخياً وعقائدياً بأكملها وتمكّن من طرد سُكانها الأصليين ليضمها إلى خريطته “الزرقاء” قسراً وظُلماً.. ولما أجمعت دول العالم الكُبرى بذلك الزمان على فرض وقف إطلاق النار بالمنطقة، كان العدو قد تمدّد جُغرافياً بأراضي الدول المُعادية لثلاثة أضعاف مساحته الأولى، وفقدّ الرئيس منطقة استراتيجية وهامة جداً من أرض بلاده.. وبعد أنقشاع سحائب الاقتتال الرُمادية واستقرار النقع من على رؤوس المقاتلين أفاقت الشعوب المخمورة بأوهام القومية ان الرئيس لم يكن على علمٍ بضعف قواه العسكرية وتدنّي قدرات قادة الجيوش بإمرته لدرجة أن القائد الأعلى لفيلق المواجهة الأول لم يضع خططاً للمهاجمة أو الانسحاب، وأنه كان مشغولاً في ليلة الهزيمة بأمرٍ أجتماعيٍ ثانوي!..

 

 

لم يكن أمام الرئيس “التقدمّي” سوى الإعلان عن انتحار قائد الجيش الأعلى بعد أن عُلقّت على عنقه مسؤولية الهزيمة الكُبرى وبالتالي أسباب انهيار مشروع “التكتل القومي” الشامل، وبعد اعترافه بتحمّل ما تبقى من وزرٍ بضياع كل تلك الأراضي الثمينة إلى العدو “المُستصغر”، والذي تضخمت مساحة أراضيه قبل تضخَم ذاته وكبريائه، وتقدّم الرئيس باستقالته من منصبه الأعلى- والذي حصل عليه من خلال صدفةٍ غير مشروعة بالمقام الأول!- وتنازل طوعاً وظُلماً عن حُلم الحياة الفُضلى الذي وعدّ به جماهير تلك المنطقة الوسطى من العالم والقارة البِكر!.. وهكذا، يا عزيزي القاريء تُستبدَل الدول ويُعاد تشكيل وهيكلة وربما تضخيم بعضها، خاصةً بدول تلك المنطقة المُستهدفة من عالم اليوم!.. ولا بواكي على الشعوب المنكوبة بأوهام صغار وكبار قادتها!.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى