
متابعات _ اوراد نيوز
إسحق أحمد فضل الله
….. (آخر التنهيدات)
العربة التى أوصلتني إلى محطة القطار الخلوية إنصرفت ووجدت أنني أقف أمام المقهى هناك
والمقهى أمام أربعة بيوت … ثم خلاء لا ينتهي
…. ودهشة صغيرة أجدها وأنا ألاحظ أن المقهى يشهد تنظيفا غير عادي وأن عاملة المقهى ترتدي ملابس قد غسلت ذلك الصباح وأن عامل المقهى الشاب قد حرص على إغتسال مشابه …
ثم وجدت أن المجموعة الصغيرة تحيط عيونها بي في إهتمام غير عادي وكل أحد يحرص على إخفاء أن عيونه تظل ترحل بيني وبين نافذة صغيرة يجلس خلفها بائع تذاكر.
وبائع التذاكر كان يعتدل في جلسته وعيونه عندي .. ينتظرني …
جلست … وجاءني العامل الشاب بكوب الشاي .. ليهمس أنه .. على حساب المحل
ولما كنت أرشف الكوب كنت أرى بائع التذاكر حريصاً على إشعاري أنه ينتظرني ….
بعد فترة البائع يتقدم ودفتر التذاكر في يسراه
ويستأذن ويجلس أمامي
وكان واضحاً أن الثلاثة الآخرين يتابعون ما يجرى وكأنه حدث هام
وكان البائع يمسك بدفتر التذاكر بيسراه وعيونه عندي ينتظر أن أطلب التذكرة
……
لحظات وكان الآخرون يقتربون ويجلسون …. كأنهم ينتظرون حدوث شيء
…. بعدها بقليل كانت إمراة وفتاة وطفل يقتربون ويجلسون على حافة ساحة المقهى وعيونهم عند المائدة التي أجلس إليها …
البائع وكأنه وجد مدخلاً للحديث يشير إليهم مبتسما ليقول
: أولادي
فهمت أن هناك شيء يحدث يشترك فيه كل أحد….
…….
بعد ساعة قضاها الرجل في الحديث كنت قد عبرت معه حياته كلها … الوحدة .. بعد موت الأقارب … والعمل في محطات القطارات … حتى هنا..
ثم قال وهو يتنهد
والآن .. أنت آخر مسافر أقطع له تذكرة في حياتي …
بعد تذكرتك هذه يكون عملي في الوظيفة أنتهى … هل تعلم كم مرة حاولت أن أتخيل زبوني الأخير …
إنتبهت إلى أن أسرة البائع قد زحفوا حتى أصبحوا عند قدميه وهم يستمعون في إستغراق تام ….
القطار جاء وتوقف والرجل يحكي ويحكي …
والقطار إنزلق وذهب .. دون أن يلتفت إليه أحد
وبدا وكأن دفتر التذاكر كان يستمع وعيونه على وجه البائع … يسمع ويسمع
……
أخي وحبيبي الشهيد عثمان …. لماذا إشتريت التذكرة قبلي؟.
أخوك إسحق أحمد فضل الله.