عالمية

خبراء دوليون: صحفيو العالم متورطون بجرائم إسرائيل ضد زملائهم في غزة

في واحدة من أعنف حلقات استهداف الصحافة، قتلت القوات الإسرائيلية يوم الاثنين ستة صحفيين جدد بينهم مصور قناة الجزيرة محمد سلامة، إثر قصف طال مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة. وجاءت هذه المجزرة بعد أقل من شهر على اغتيال مراسل الجزيرة أنس الشريف وعدد من الصحفيين قرب مجمع الشفاء الطبي شمال القطاع، في مسلسل متصاعد من القتل الممنهج الذي حصد أرواح 246 صحفياً خلال 22 شهراً فقط.

هذا الاستهداف، وفق خبراء حقوقيين وصحفيين دوليين، لا يضع الحكومات وحدها في دائرة الاتهام، بل يفضح أيضًا عجز الجماعة الصحفية العالمية وصمتها، ما يجعلها شريكًا غير مباشر في الجرائم التي ترتكب بحق المهنة وأصحابها.

 

Palestinian journalist Mohammed Salama, who Qatar-based Al Jazeera said worked for the broadcaster, and was killed in Israeli strikes on Nasser hospital on August 25, 2025, poses for a picture in Gaza Strip, in this undated handout picture. Handout via REUTERS THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY
مصور الجزيرة الشهيد محمد سلامة الذي قتلته إسرائيل في غزة الاثنين 25 أغسطس/آب 2025 (رويترز)

تقاعس المجتمع الصحفي

الكاتبة والمراسلة المخضرمة جانين دي جيوفاني، التي غطّت أكثر من 18 حرباً خلال 35 عاماً، وصفت ما يجري في غزة بأنه “الإبادة الأشد قسوة بين ثلاث إبادة جماعية شهدها العالم الحديث”. وأكدت أن الصحفيين الدوليين اختاروا الصمت خوفاً على وظائفهم، متخلّين عن واجبهم في الدفاع عن زملائهم، الأمر الذي اعتبرته تورطاً في جريمة تدمير آخر الشهود على ما يحدث في غزة.

وتضيف جيوفاني: “هذا التخاذل لا يهدد الصحافة في غزة وحدها، بل ينسف مستقبل الصحافة الحرة حول العالم، لأنه يشرعن قتل المراسلين كأمر اعتيادي”.

إفلات من العقاب

الرئيسة التنفيذية للجنة الدولية لحماية الصحفيين جودي غينزبرغ أكدت أن “كل صحفي في غزة أصبح هدفاً معلناً لإسرائيل”، مشيرة إلى أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو –المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– حول قتل الصحفيين بأنها مجرد “غلطة بسيطة”، تكشف الاستخفاف بدماء المدنيين والشهود على الجرائم.

وترى غينزبرغ أن هذه العقلية هي نتيجة مباشرة لفشل المجتمع الدولي في فرض العقوبات، ما جعل إسرائيل تمضي قدماً في الانتهاكات وكأنها بمنأى عن المحاسبة.

ازدواجية المعايير

من جانبها، اعتبرت المديرة التنفيذية لـ”سكاي لاين لحقوق الإنسانديما سمارو أن صمت المنظمات الدولية والحكومات لم يفضح فقط ازدواجية المعايير، بل جعل غزة “أخطر مكان على الصحفيين في العالم”. وأضافت أن الدول التي عاقبت المقررين الأمميين الذين أدانوا إسرائيل –بدلاً من معاقبتها– أصبحت متورطة بشكل واضح في استمرار هذه الجرائم، في إشارة إلى الولايات المتحدة.

صحافة تحت القصف ومجتمع دولي متواطئ

ومع استمرار هذا الاستهداف الممنهج، تحذر المنظمات الحقوقية من أن قتل الصحفيين بلا عقاب سيجعل أي مراسل في أي نزاع مستقبلي هدفاً محتملاً، وهو ما سيؤدي إلى عزوف الصحفيين عن تغطية مناطق النزاعات، ويمنح “اليد الطولى للأنظمة والجيوش لارتكاب ما تشاء في الظلام”.

أما منصات التواصل الكبرى مثل فيسبوك وإكس، فقد اتُّهمت أيضاً بتجاهل التحريض الإسرائيلي المسبق على قتل الصحفيين، في الوقت الذي تطبق فيه سياسات صارمة على أحداث أخرى حول العالم، ما يشير إلى دورها في تعزيز سياسة الإفلات من العقاب.

دعوات للمحاسبة

جيوفاني وغينزبرغ وغيرهما شددوا على أن الدفاع عن الصحفيين لا يقوم على أنهم “أفضل من غيرهم”، بل لأنهم مدنيون ينقلون الحقيقة ويتيحون للعالم الاطلاع على الوقائع. وبدونهم –كما يؤكد الخبراء– “ستُطمس الحقيقة، ويُترك الميدان خالياً أمام الجلاد”.

ويرى محللون أن ما تبقى هو “محكمة الرأي العام العالمي”، التي بدأت بالفعل تضغط على بعض الحكومات الأوروبية لمراجعة خطابها تجاه إسرائيل، وهو ما قد يشكل بارقة أمل بأن الصحافة –رغم النزيف– ما زالت قادرة على كشف المستور.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى