لم يطلب سوى الطعام..شهادة جندي أميركي سابق عن مقتل طفل تثير غضباً واسعاً
متابعات _ اوراد نيوز

متابعات _ اوراد نيوز
في واحدة من أكثر الشهادات المؤلمة التي خرجت من قلب المأساة في قطاع غزة، كشف جندي أميركي سابق تفاصيل مروّعة عن مقتل الطفل الفلسطيني أمير، بعد لحظات من شكره على وجبة بسيطة بالكاد تقي الجوع. الشهادة التي أدلى بها الجندي أنتوني أغيلار، والذي خدم في مركز توزيع مساعدات بإشراف أميركي إسرائيلي في رفح، أثارت عاصفة من الغضب والاستنكار على منصات التواصل، بعدما سلّطت الضوء على وجه آخر للموت في غزة: موت بارد على بوابة الغذاء.
يروي أغيلار ما حدث في يوم 28 مايو/أيار 2025، في ذروة الاكتظاظ المدني بمحيط مركز التوزيع غرب رفح: “اقترب مني الطفل بخطى متعبة، وجهه المغبر يحمل ملامح أكبر من عمره، وبعد أن التقط حفنة من العدس والأرز من على الأرض مدّ يده بلطف، قبّل يدي وهمس بصوت خافت: Thank you… لحظة قصيرة لكنها اختزلت كل شيء. وبعد دقائق، بينما كان يسير مبتعدًا بين الجموع، باغتتنا زخات الرصاص والغاز. التفتُ بسرعة… كان أمير قد سقط، جسده الصغير لا يقوى على الفرار، وكانت تلك القبلة آخر ما تركه في هذا العالم.”
الواقعة، التي وثّقها الجندي بمشاهد وصفها بـ”المنحوتة في الذاكرة”، جاءت وسط مشهد قاسٍ قال إنه شاهده يوميًا: آلاف من الجوعى، نساء وأطفال يركضون خلف شاحنات الطحين، أجساد ضامرة، ووجوه غاب عنها الضوء. لكن أمير –كما يقول– لم يكن كغيره: “كان في عينيه كلام لم ينطق به، وفي شكره وداع لم أكن أفهمه حتى لحظة سقوطه”.
ردود الأفعال على هذه الشهادة جاءت كالسيل، إذ اعتبر ناشطون أن ما جرى يمثل جريمة موثّقة ترتكبها إسرائيل في وضح النهار، بحق أطفال لا يحملون سلاحًا سوى جوعهم. وسلطت عشرات التغريدات الضوء على رحلة الطفل أمير الذي سار 12 كيلومترا ليأكل، فقُتل قبل أن يهضم لقمته.
أمير لم يمت وحده، كما يقول أحد النشطاء، بل مات معه ضمير العالم، الذي بات يقف متفرجًا على أطفال يُذبحون في طوابير الخبز. وأضاف آخر: “22 شهرًا من القصف والحصار والتجويع، ثم يُقتل طفل في لحظة شكر، كأنها لعنة على الامتنان”.
وكتب أحدهم: “أمير قُتل لأنه جاع. هذه هي الحقيقة المجردة التي لا يمكن تزويرها، لا بالبيانات ولا بالتقارير”. فيما قال آخر: “حين يصبح توزيع المساعدات أداة للقتل، فإن الكارثة لم تعد إنسانية فقط، بل أخلاقية وحضارية”.
وذهب مغردون إلى أبعد من ذلك، مشككين في دوافع ما يُسمى بـ”مؤسسة غزة الإنسانية” التي تدير مراكز الإغاثة، متهمين إياها بالتواطؤ في “إخضاع السكان تحت تهديد الجوع والموت”، خاصة وأن المشروع المدعوم أميركيًا وإسرائيليًا جاء بديلاً عن المنظمات الدولية التي رفضت التعاون معه ووصفت مهمته بأنها “شرك مميت للمدنيين”.
القصة المؤلمة دفعت مدونين للمطالبة بتحويل شهادة الجندي إلى فيلم قصير أو وثائقي، لترجمة مأساته إلى كل لغات العالم، أسوة بما حدث مع الطفلة هند رجب، التي شكلت رمزًا للصمود في وجه الحرب.
وتساءل مدافعون عن حقوق الإنسان عن موقع المنظمات الدولية، خصوصًا تلك المعنية بالطفولة، من جريمة موثقة بالصوت والصورة: “هل تكفي دموعكم في المؤتمرات بعد أن يُقتل أمير؟ من يحاسب على هذا الجوع القاتل؟ من يوقف هذه الآلة التي تطحن الطفولة بلا رحمة؟”.
في غزة، لا حاجة لتخيل سيناريوهات الجحيم، فالواقع يكفي: طفل يشكر جنديًا على العدس، ثم يُطلق عليه الرصاص وهو عائد إلى لا شيء.
المصدر : الجزيرة