عالمية

بعد إيران وأرمينيا… هل جاء دور السودان؟

متابعات _ اوراد نيوز

متابعات _ اوراد نيوز

لسنوات طويلة، شكّلت العلاقة بين إيران وروسيا نموذجًا لتحالف إستراتيجي غير متكافئ، لكن المواجهة العسكرية الأخيرة بين طهران وتل أبيب، التي استمرت 12 يومًا من الضربات الجوية والصاروخية المتبادلة، كشفت هشاشة هذا التحالف، بل وربما زيف بعض مظاهره.

 

 

البداية: تل أبيب تفتح بوابة النار

الهجوم الإسرائيلي جاء مباغتًا وشاملًا. لم تكتف إسرائيل بتوجيه ضربات محدودة “لتحييد” البرنامج النووي الإيراني، بل صعّدت المشهد باغتيالات ممنهجة طالت نخبة القيادات العسكرية والعلمية الإيرانية، في محاولة واضحة لإحداث خلل في بنية الدولة ومفاصلها الحيوية. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يُخفِ نواياه، بل أرسل رسائل علنية للشعب الإيراني لحثّه على الانقلاب ضد نظامه، بل وهدد، ضِمنًا، باغتيال المرشد الأعلى.

 

 

واشنطن تكسر التردد.. وتتدخل

بعد أيام من الترقب، قررت واشنطن تجاوز حدود الدعم السياسي والعسكري، وشاركت بشكل مباشر عبر ضربات موجعة استهدفت منشآت نووية إيرانية حساسة في فوردو ونطنز وأصفهان. وردت طهران بضربة دقيقة استهدفت قاعدة العديد الأميركية في قطر، في مشهد أثبت أن إيران، رغم خسائرها، لا تزال تملك أنيابًا صاروخية قادرة على الردع.

 

 

وحدها إيران في الميدان

بينما كانت إيران تخوض معركتها الكبرى، بدت وحيدة في الميدان. لا دعم يُذكر من حلفائها المفترضين، وعلى رأسهم روسيا، التي اكتفت بالإدانة الدبلوماسية والتصريحات الباردة، رغم سنوات من التنسيق العسكري والسياسي المشترك، خصوصًا في ملفات سوريا وأوكرانيا.

 

 

صمت موسكو.. هل هو خذلان؟

ردة الفعل الروسية لم ترقَ إلى مستوى الحدث. تصريحات الكرملين جاءت خالية من أي التزامات حقيقية، باستثناء تحذير “غامض” من مغبة اغتيال المرشد الإيراني، وتهديد مبهم بأن الرد سيكون “سلبيًا للغاية”. لكن حين طُلب توضيح ما يعنيه ذلك الرد، اختارت موسكو التواري خلف العبارات الدبلوماسية، بينما كانت طهران تنزف.

 

 

التحالف الروسي-الإيراني.. حبر على ورق؟

رغم توقيع معاهدة شراكة إستراتيجية في مطلع العام الجاري، لم تُظهر موسكو أي بوادر لتفعيلها عمليًا. هذه الاتفاقية، التي صادق عليها برلمانا البلدين، لا تُلزم أي طرف بالدفاع العسكري، بل تكتفي بعدم مساعدة المعتدين، وهو ما منح روسيا مخرجًا قانونيًا لعدم التدخل.

 

 

من سوريا إلى قره باغ.. نمط روسي متكرر

تكرار روسيا لهذا النمط في التعامل مع حلفائها بات لافتًا؛ فقد سبق أن تجاهلت نداءات أرمينيا حين هوجمت في ناغورني قره باغ، ولم تفعل أكثر من تقديم عرض لجوء لبشار الأسد بعد سقوط نظامه. يبدو أن روسيا لم تعد ترغب في المغامرة عسكريًا خارج نطاقها الحيوي، وتفضّل “إدارة التحالفات عن بُعد”.

 

 

طهران في نظر موسكو: شريك لا يُؤتَمن؟

رغم التعاون العسكري الكبير، والتقارير الغربية التي أكدت أن إيران زودت روسيا بآلاف الطائرات المسيّرة، فإن موسكو أبدت تحفظًا واضحًا في تسليم إيران أنظمة متقدمة كـ”إس-400″ أو مقاتلات “سو-35”. بعض المحللين يرون أن روسيا تتخوف من أن تتحول إيران إلى قوة منافسة إقليميًا، لا سيما إن امتلكت سلاحًا نوويًا.

 

 

أهداف اقتصادية مضمرة

من زاوية أخرى، فإن الحرب كانت ذات مردود اقتصادي مؤقت بالنسبة لروسيا. أسعار النفط ارتفعت بنسبة 15%، وهو أمر يصب في مصلحة الاقتصاد الروسي المثقل بأعباء الحرب الأوكرانية. كما أن تصعيد المواجهة مع إيران شتّت انتباه الغرب مؤقتًا عن جبهة أوكرانيا، ما أتاح لموسكو فرصة توجيه ضربات موجعة إلى كييف.

 

 

هل موسكو حريصة على علاقاتها مع ترامب؟

الجانب الأميركي لا يقل أهمية في معادلة القرار الروسي. موسكو، التي تشهد تحسنًا نسبيًا في علاقاتها مع إدارة ترامب، لا ترغب في خسارة هذا المكسب بمواقف منحازة علنًا لإيران. الموقف الروسي يبدو إذًا مرسومًا بعناية: إدانة شكلية، تهديدات لفظية، وحياد عملي.

 

 

خلاصة: تحالف من ورق في زمن الاختبار

المشهد الراهن يطرح سؤالًا حاسمًا: هل يمكن لإيران أن تعتمد على روسيا مستقبلًا؟ المؤشرات الحالية تُظهر أن موسكو لم ولن تُغامر بالدخول في مواجهة مباشرة لحماية حليف، مهما كانت العلاقة وطيدة. فمصالح روسيا هي البوصلة، وكل ما عدا ذلك مجرد أوراق تفاوضية.

 

المصدر : الجزيرة

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى