
متابعات _ اوراد نيوز
كشفت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية أن الضربة الجوية الإسرائيلية الأخيرة على إيران كانت ثمرة حملة سرية معقدة ومتعددة الأوجه، نفذها جهاز الموساد بالتعاون مع وحدة الاستخبارات العسكرية “أمان” على مدار سنوات. اعتمدت هذه الحملة على أدوات تكنولوجية واستخباراتية متطورة للغاية، وأسفرت عن بناء “بنك أهداف” دقيق ومتجدد باستمرار.
آليات التغلغل والاختراق
وفقًا للتقرير، قامت الوحدات الإسرائيلية بتطوير هذا البنك الاستخباراتي باستخدام صور الأقمار الاصطناعية، واعتراض الاتصالات، وتحليلات البيانات المتعمقة. ما يميز هذه العملية هو المساهمات الحاسمة من خبراء تقنيين مدنيين وجنود احتياط، مما أدى إلى تداخل غير مسبوق بين القطاعين العسكري والمدني. شملت الأدوات المستخدمة في هذه الحملة السرية هواتف مخترقة، وطائرات مسيرة تم تخزينها داخل إيران، بالإضافة إلى برمجيات مصممة خصيصًا لتحليل صور الأقمار الصناعية وتحديد الأهداف الدقيقة مثل شاحنات وقود الصواريخ. لم تقتصر العملية على التكنولوجيا فحسب، بل استعانت إسرائيل بعشرات العملاء المحليين وعناصر تحت غطاء عميق لتوفير معلومات ميدانية حيوية.
أهداف الضربة الأولى وتداعياتها
استهدفت الضربة الافتتاحية بشكل متزامن أكثر من 10 مسؤولين وعلماء نوويين إيرانيين، بالإضافة إلى أنظمة دفاع جوي ومنشآت صاروخية ومواقع قريبة من المنشآت النووية. وصفت مصادر مطلعة هذه العملية بأنها “نسخة إسرائيلية من الصدمة والرعب”، مما يعكس مدى التخطيط والدقة في التنفيذ. ورغم تحذيرات المسؤولين الإيرانيين من طائرات مسيرة صغيرة وعمليات اختراق للهواتف المحمولة، إلا أن هذه العملية أظهرت التفوق الجوي الإسرائيلي شبه الكامل وقدرتها على التغلغل العميق داخل الشبكات الإيرانية، على الرغم من أنها لم تحقق بعد الهدف الأوسع المتمثل في تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل.
ارتباك طهران وتفوق استخباراتي غير مسبوق
تمثل العمليات السرية الأخيرة تتويجًا لسنوات من الجهود الاستخباراتية المكثفة التي بذلها الجيش الإسرائيلي والموساد. وقد أكد مسؤولون غربيون أن هذا الهجوم أظهر تفوقًا استخباراتيًا “غير مسبوق”، مما أثار حالة من الارتباك الواسع في طهران. تشير الإجراءات المضادة الإيرانية، مثل الحملات الأمنية والتحذيرات بشأن تقنيات المراقبة، إلى حالة من الذعر الداخلي. ويُعزز سجل الموساد في تنفيذ الاغتيالات البارزة وإصداره الأخير لقطات من عملياته داخل إيران، التأكيد على قدراته الاستخباراتية الفائقة.
دروس مستفادة ومخاوف مستقبلية
أوضح التقرير أن التباين بين هذا النجاح الاستخباراتي الهائل وفشل إسرائيل في توقع هجوم حماس عام 2023 يبرز أهمية التركيز الاستخباراتي وتخصيص الموارد بشكل فعال. ومع ذلك، لا تزال هناك مخاوف من الثقة المفرطة المحتملة نتيجة لهذا النجاح الساحق. فبالرغم من دقة الهجوم وقدرته على الاختراق، لم تحقق إسرائيل حتى الآن هدفها الاستراتيجي بتدمير كامل البرنامج النووي الإيراني. وحذر خبراء إسرائيليون من “الوقوع في فخ الغرور بعد هذا النجاح”، مؤكدين أن “الحملة مستمرة ولم تنتهِ بعد”.