
متابعات _ اوراد نيوز
وأشار بخيت إلى أن غياب مجلس تشريعي منتخب منذ سقوط نظام البشير عام 2019 حال دون إتمام إجراءات المصادقة الرسمية.
ويتجاوز مشروع إنشاء قاعدة روسية في السودان كونه مجرد اتفاق عسكري، بل يمثل تحوّلاً استراتيجيًا في خارطة النفوذ الدولي في البحر الأحمر. في الوقت الذي ترى فيه روسيا فرصة لتعزيز مكانتها العالمية، يرى السودان في هذا التعاون مخرجًا من العزلة وفرصة لبناء شراكة بديلة. ومع ذلك، فإن نجاح هذا المشروع سيبقى رهينًا بالتوازنات الدولية والإقليمية، وقدرة الخرطوم على المناورة بين القوى الكبرى دون الدخول في صدام مباشر مع الغرب.
وأوضح بخيت في تصريحات، على هامش مشاركته في الاجتماعات الأمنية بالعاصمة الروسية، أن الاتفاق أُبرم إبان عهد النظام السابق، لكنه لم يُفعّل بعد بسبب غياب السلطة التشريعية اللازمة، مؤكداً أن السودان يتطلع إلى تشكيل برلمان منتخب بعد انتهاء الحرب الحالية، بهدف الدفع بمثل هذه الاتفاقات التي تخدم مصالح البلاد الاستراتيجية.
ولا ترغب دول، تتقدمها الولايات المتحدة، في حصول خصمها الاستراتيجي روسيا على مواطئ قدم على في البحر الأحمر بالسودان.
روسيا تحتاج إلى قاعدة الدعم اللوجستي في السودان لتكون بوابة رئيسية لها تجاه القارة الإفريقية عوضاً عن بوابتها المؤقتة في بنغازي
ورغم مرور سنوات على الإعلان عن اتفاق على إقامة قاعدة روسية بالسودان، ومصادقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عليها في 16 نوفمبر 2020، إلا أن المسألة ظلت متعثرة وأعلنت الخرطوم حينها أن الاتفاق يحتاج لموافقة برلمانية، قبل إجراءات البرهان في أكتوبر 2021 حل الحكومة ومجلس الوزراء واندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وفي فبراير الماضي تم الإعلان عن التوصل إلى “تفاهم كامل” في ملف إنشاء قاعدة عسكرية بحرية روسية في مدينة بورتسودان. بعد جولات عدة من المفاوضات حول الموضوع استمرت لسنوات، وتعثرت أكثر من مرة، بسبب تقلبات الأوضاع في السودان. لكن الجانبين أكدا أن التفاهم الأولي حول الموضوع ما زال موضع اهتمام من الطرفين ومطروحاً على جدول المناقشات.
ويتيح الاتفاق، الذي ينتظر أن تتبلور ملامحه النهائية قريباً، توسيع حرية الحركة للسفن الحربية الروسية في البحر الأحمر، بإقامة منشأة بحرية روسية قادرة على استقبال سفن حربية تعمل بالطاقة النووية، واستيعاب 300 عسكريا ومدنيا.
ويمكن لهذه القاعدة استقبال أربع سفن حربية في وقت واحد، وتُستخدم في عمليات الإصلاح وإعادة الإمداد والتموين لأفراد أطقم السفن الروسية. في المقابل تعمل روسيا على دعم الجيش السوداني بالأسلحة والمعدات الحربية اللازمة لتطويره.
وتحتاج روسيا إلى قاعدة الدعم اللوجستي في السودان لتكون بوابة رئيسية لها تجاه القارة الإفريقية عوضاً عن بوابتها المؤقتة في بنغازي، خاصة بعد فقدان روسيا خلال الحقبة السوفياتية قاعدة بربرة البحرية في الصومال. ومنذ ذلك الحين لم يكن لروسيا أي وجود عسكري في قاعدة بحرية في البحر الأحمر، وبالتالي فإن نجاح الاتفاقية يرجح حرص روسيا على استخدام القاعدة اللوجستية في بورتسودان لتسهيل أنشطتها وتعزيز نفوذها في إفريقيا لتكون كقاعدة دعم بحرية أخرى إلى جانب القاعدة البحرية في طرطوس السورية -حميميم- التي تستخدمها كنقطة انطلاق نحو ليبيا شمال إفريقيا.
وقال بخيت إن العلاقات بين موسكو والخرطوم، خاصة على الصعيدين الأمني والاستخباراتي، تمتد لعقود، وتتضمن تبادلاً تدريبياً وتنسيقاً في قضايا عدة من بينها مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية، مضيفاً “هناك تبادل بين ممثلي أجهزة المخابرات في البلدين، والتعاون في هذا المجال مستمر ومتطور”.
وشدد المسؤول السوداني على أن الخرطوم تسعى لتعزيز شراكتها مع موسكو في مختلف المجالات، وفي مقدمتها الشأن الأمني، بما يضمن حماية المصالح الوطنية السودانية والحفاظ على أمن البلاد القومي.
وكشف بخيت عن استعدادات لزيارة مرتقبة لرئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان إلى موسكو في أكتوبر للمشاركة في القمة الروسية العربية.
وأوضح أن التعاون الأمني والاستخباراتي مع روسيا يشهد تطوراً ملحوظاً، بينما تظل اتفاقية إنشاء قاعدة عسكرية روسية في السودان معلقة حتى تصديق البرلمان الجديد.
وحذَّر بخيت من تداعيات العقوبات الأميركية على الاقتصاد السوداني، مشيراً إلى مخاطر مخطط دولي لتقسيم البلاد.
وكان وزير الدفاع السوداني ياسين إبراهيم ياسين قد قال خلال زيارة سابقة إلى موسكو إن “الحديث في الواقع لا يدور عن اتفاقية واحدة، بل عن 4 اتفاقيات متعلقة بالتعاون العسكري بين البلدين تقضي بإنشاء ممثلية لوزارة الدفاع الروسية في السودان وتسهيل دخول السفن الحربية الروسية في الموانئ السودانية، ومن ثم الاتفاق على إنشاء مركز دعم لوجيستي روسي في السودان”. ولفت إبراهيم إلى أن 3 من هذه الاتفاقيات لا تزال مستمرة، وهناك “بعض المسائل التكميلية بالنسبة لها”.
كما برزت معطيات عن أن موسكو تتعهد بموجب الاتفاق بدعم قدرات الجيش السوداني. وكان المحلل السوداني عثمان الميرغني قد قال لوسائل إعلام، في وقت سابق، إن “الجيش السوداني في حاجة ماسة إلى الأسلحة والذخائر وقطع الغيار لطائراته المقاتلة روسية الصنع”. ورأى أن “تقديم قاعدة بحرية لروسيا في المقابل هو الخيار الأفضل”.
لا يزال اتفاق إنشاء قاعدة بحرية روسية في السودان معلقًا بانتظار تصديق البرلمان، وفقًا لتصريحات عباس محمد بخيت، رئيس الوفد السوداني في اجتماع الأمن بموسكو. هذا التأجيل يعكس تعقيدات تشكيل التوازنات الإقليمية في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر، حيث يُنظر إلى الاتفاق على أنه تحول استراتيجي في النفوذ الدولي.
تحديات المصادقة والتأثيرات الاستراتيجية
بخيت أشار إلى أن غياب مجلس تشريعي منتخب منذ سقوط نظام البشير في عام 2019 هو السبب الرئيسي وراء عدم إتمام إجراءات المصادقة الرسمية. مشروع القاعدة يتجاوز كونه مجرد اتفاق عسكري؛ فهو يمثل نقطة تحول استراتيجية في خريطة النفوذ بالبحر الأحمر. فبينما ترى روسيا فيه فرصة لتعزيز مكانتها العالمية، يرى السودان فيه مخرجًا من العزلة وفرصة لشراكة بديلة. ومع ذلك، فإن نجاح هذا المشروع مرهون بالتوازنات الدولية والإقليمية وقدرة الخرطوم على المناورة بين القوى الكبرى دون الاصطدام بالغرب.
تاريخ الاتفاق وتوقعات المستقبل
أوضح بخيت أن الاتفاق أُبرم في عهد النظام السابق ولم يُفعّل بسبب غياب السلطة التشريعية. السودان يتطلع إلى تشكيل برلمان منتخب بعد انتهاء الحرب الحالية للدفع بمثل هذه الاتفاقات التي تخدم مصالحه الاستراتيجية. دول مثل الولايات المتحدة لا ترغب في أن تحصل روسيا على موطئ قدم في البحر الأحمر بالسودان.
أهمية القاعدة لروسيا والسودان
على الرغم من إعلان الاتفاق ومصادقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عليه في نوفمبر 2020، إلا أنه ظل متعثرًا. وفي فبراير الماضي، تم التوصل إلى “تفاهم كامل” حول إنشاء قاعدة عسكرية بحرية روسية في بورتسودان، بعد سنوات من المفاوضات. يتيح الاتفاق، الذي من المتوقع أن تتضح ملامحه النهائية قريبًا، توسيع حرية حركة السفن الحربية الروسية في البحر الأحمر، من خلال منشأة قادرة على استقبال سفن حربية تعمل بالطاقة النووية واستيعاب 300 عسكري ومدني. يمكن للقاعدة استقبال أربع سفن حربية في وقت واحد، وتُستخدم لعمليات الإصلاح وإعادة الإمداد. في المقابل، تلتزم روسيا بدعم الجيش السوداني بالأسلحة والمعدات.
تحتاج روسيا إلى هذه القاعدة كبوابة رئيسية للقارة الإفريقية بدلاً من بوابتها المؤقتة في بنغازي، خاصة بعد فقدان قاعدة بربرة البحرية في الصومال خلال الحقبة السوفيتية. ستكون القاعدة في بورتسودان نقطة دعم بحرية أخرى لروسيا، إلى جانب قاعدتها في طرطوس السورية، لتعزيز نفوذها في إفريقيا.
التعاون الأمني المستمر
أكد بخيت أن العلاقات بين موسكو والخرطوم، خاصة على الصعيدين الأمني والاستخباراتي، تمتد لعقود، وتشمل تبادلاً تدريبياً وتنسيقاً في قضايا مثل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية. وشدد على سعي الخرطوم لتعزيز شراكتها مع موسكو في مختلف المجالات، خاصة الأمنية، لحماية المصالح الوطنية.
وكشف بخيت عن زيارة مرتقبة لرئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان إلى موسكو في أكتوبر للمشاركة في القمة الروسية العربية. ورغم التطور الملحوظ في التعاون الأمني والاستخباراتي، تظل اتفاقية القاعدة العسكرية معلقة حتى تصديق البرلمان الجديد. كما حذر بخيت من تداعيات العقوبات الأمريكية ومخاطر مخطط دولي لتقسيم البلاد.
الاتفاقيات العسكرية المتعددة
وزير الدفاع السوداني السابق، ياسين إبراهيم ياسين، سبق أن أوضح أن الحديث لا يدور عن اتفاقية واحدة، بل عن أربع اتفاقيات للتعاون العسكري، تشمل إنشاء ممثلية لوزارة الدفاع الروسية في السودان، وتسهيل دخول السفن الحربية الروسية للموانئ السودانية، ثم الاتفاق على إنشاء مركز دعم لوجيستي روسي. وأشار إلى أن ثلاث من هذه الاتفاقيات لا تزال سارية. كما تعهدت موسكو بدعم قدرات الجيش السوداني، حيث يرى محللون أن تقديم قاعدة بحرية لروسيا هو الخيار الأفضل لتلبية حاجة الجيش السوداني الملحة للأسلحة والذخائر وقطع الغيار.