
متابعات _ اوراد نيوز
في تحول محوري يعكس مسار الأوضاع في السودان، أعلنت الحكومة عن إطلاق مشروع استراتيجي لإعادة تمركز الجهاز الإداري للدولة في العاصمة الأم، الخرطوم. تأتي هذه الخطوة بعد مرور قرابة العامين اضطلعت فيه بورتسودان بدور العاصمة الإدارية المؤقتة، وذلك منذ تفجر الصراع المسلح بين القوات المسلحة السودانية ومليشيات الدعم السريع في شهر أبريل من العام 2023.
وكشفت مصادر موثوقة النقاب عن أن هذه الخطة الطموحة للعودة ستجري على مراحل محددة، وتمتد لفترة ستة أشهر، مع هدف نهائي يتمثل في استكمال عملية الانتقال بحلول نهاية العام الحالي.
وتتضمن هذه العملية تحضيرات لوجستية وتنظيمية واسعة النطاق، تهدف إلى تأمين نقل سلس للمقرات الحكومية وتجهيز البنية التحتية الضرورية لضمان استئناف العمل الحكومي بكفاءة وفاعلية.
ويُذكر أن قرار تحويل بورتسودان إلى مركز مؤقت لإدارة شؤون الحكم جاء في أعقاب الظروف الأمنية المعقدة التي شهدتها الخرطوم، والتي أدت إلى اضطرار رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إلى مغادرة مقر القيادة العامة بعد حصار استمر لعدة أشهر تزامنًا مع تصاعد حدة الاشتباكات داخل العاصمة السودانية.
مقار جديدة شرق الخرطوم بدلاً عن المواقع المدمرة
ووفقًا للمصادر ذاتها، فإن الوزارات الاتحادية لن تعود إلى مواقعها السابقة وسط العاصمة التي تعرضت لدمار واسع خلال المعارك، بل سيتم تخصيص مقار بديلة في المناطق الشرقية من الخرطوم، في أحياء المنشية، الرياض، الطائف، أركويت، وسوبا، التي بقيت بعيدة عن خطوط التماس، ولم تتعرض لأضرار كبيرة سوى بعض أعمال النهب.كما تخطط السلطات لتأهيل مطار الخرطوم الدولي، بدءًا بصالة الحج والعمرة التي لم تتأثر بشكل بالغ، إلى جانب العمل على إصلاح المدرج الجوي وبرج المراقبة، فيما سيستغرق بناء صالات السفر المدمرة وقتًا أطول.
الداخلية تبدأ أولى مراحل الانتقال
في أول خطوة عملية ضمن هذه الخطة، أعلنت وزارة الداخلية عن انتقال رسمي لرئاسة الشرطة وعدد من الإدارات التابعة لها إلى الخرطوم اعتبارًا من الأسبوع المقبل، وفق جدول زمني. وتشمل هذه الخطوة إدارات مهمة مثل الجوازات، السجل المدني، المرور، المباحث الجنائية، وهيئة تأمين المرافق العامة.
تحسينات خدمية كبرى تمهيدًا للعودة
في السياق ذاته، ستطلق شركات محلية وعربية مشاريع لإعادة تأهيل البنية التحتية شرق الخرطوم، تشمل صيانة الطرق، شبكات الكهرباء والمياه، استعدادًا لاستقبال آلاف العاملين الذين غادروا المدينة خلال الحرب، تمهيدًا لعودة تدريجية للحياة الطبيعية.
الخبير البيئي والتخطيطي د. التجاني الأصم، حذّر في تصريحات سابقة من صعوبة إعادة تفعيل وسط العاصمة بسبب الكثافة العالية للدمار، مشيرًا إلى أن تلك المنطقة تضم معامل ومرافق حيوية ملوثة تحتاج إلى معالجة بيئية متخصصة قبل أي محاولة لإعادة استخدامها.
نحو إعادة تنظيم العاصمة
وبحسب تقييمات غير رسمية، فإن العاصمة الخرطوم ستشهد عملية تخطيط حضري جديدة تعكس التغيرات الميدانية التي فرضتها الحرب، وربما تؤدي هذه الخطوة إلى تحول دائم في مركز الحكم والإدارة من قلب الخرطوم إلى أطرافها الشرقية والجنوبية، حيث يتوافر هامش أوسع لإعادة البناء والتوسع المستقبلي.