
متابعات _ اوراد نيوز
أعلنت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة عن ارتفاع ملحوظ وغير مسبوق في أعداد السودانيين العائدين من جمهورية مصر العربية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025. وكشفت المنظمة في تقرير حديث لها عن عودة ما يقرب من 72 ألف شخص إلى السودان خلال الفترة الممتدة من يناير وحتى نهاية مارس 2025.
ويُظهر هذا الرقم قفزة هائلة وزيادة تقدر بنحو سبعة أضعاف مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي 2024 بأكمله، حيث بلغ إجمالي عدد العائدين طوال عام 2024 نحو 42,418 شخصًا فقط.
وتُعزى هذه الزيادة الكبيرة في أنماط الهجرة العكسية إلى السودان بشكل أساسي إلى تطورات الأوضاع الأمنية والميدانية الأخيرة في البلاد، خاصة في المناطق التي شهدت تقدمًا للجيش السوداني واستعادة السيطرة على بعض المدن والمناطق التي كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
وتشير بيانات المنظمة إلى أن الغالبية العظمى من العائدين (حوالي 71%) كانوا في الأصل من سكان العاصمة الخرطوم التي تضررت بشدة جراء الحرب، بينما شكل العائدون من ولاية الجزيرة نسبة تقدر بنحو 22%.
وقد فضل معظم العائدين (87%) سلوك معبر أشكيت الحدودي في رحلة عودتهم، فيما عبر 13% منهم عبر معبر أرقين.
وتوقعت المنظمة الدولية للهجرة، بناءً على المعدلات الحالية للعودة، أن يشهد السودان عودة مئات الآلاف من مواطنيه من مصر خلال الأشهر الستة القادمة، وذلك اعتمادًا على استمرار التطورات الإيجابية على الأرض واستقرار الأوضاع الأمنية في مناطق العودة المحتملة.
وتؤكد هذه الأرقام على التحول الكبير في ديناميكيات النزوح والعودة عبر الحدود بين البلدين، مما يستدعي تضافر الجهود لتسهيل عودة آمنة وكريمة للعائدين وتقديم الدعم اللازم لإعادة إدماجهم في مجتمعاتهم الأصلية.
تُنبئ هذه الأرقام بتأثيرات عميقة على الوضع الداخلي في السودان. ففي الوقت الذي قد يخفف فيه هذا العدد الكبير من العائدين الضغط على سوق العمل في مصر، فإنه يطرح تحديات جديدة على السودان، خاصة فيما يتعلق بتوفير فرص العمل والخدمات الأساسية مثل السكن والرعاية الصحية.
ومن المتوقع أن تسعى الحكومة السودانية إلى وضع خطط عاجلة لاستيعاب هؤلاء العائدين وتلبية احتياجاتهم.
ويُعد دمج هؤلاء الأفراد في سوق العمل السوداني وتوفير الدعم اللازم لهم من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة. وتشير التوقعات إلى أن الفترة المقبلة ستشهد جهوداً مكثفة لتنظيم هذه العودة وتحويلها إلى فرصة للتنمية بدلاً من عبء إضافي.
كذلك تُسلط هذه البيانات الضوء على واقع معقد يعيشه السودانيون داخل وخارج بلادهم، حيث تتقاطع الظروف الاقتصادية والسياسية لتشكل مساراً جديداً للهجرة العكسية.
ومع استمرار تدفق العائدين، يبقى السؤال المحوري: كيف ستتمكن الحكومة السودانية من تحويل هذا التحدي إلى دافع للاستقرار والنمو في المستقبل القريب؟