
متابعات _ اوراد نيوز
تعيش مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، تحت حصار خانق، حيث تلجأ نفيسة مالك إلى حماية أطفالها الخمسة داخل حفرة ضيقة مجاورة لمنزلها، معززة بالخشب والحديد ومحاطة بأكياس الرمل لصد شظايا القذائف، كما ورد في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
المدينة، التي يسيطر عليها الجيش السوداني و”القوات المشتركة”، تظل الوحيدة في ولايات دارفور خارج قبضة قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.

اضطر الآلاف من سكان الفاشر لحفر ملاجئ تحت منازلهم ومحلاتهم وحتى المستشفيات هربًا من المدفعية والطائرات المسيرة. في حي أولاد الريف، حفر محمد إبراهيم (54 عامًا) ملجأً في حديقته بعد أن أدرك أن الاختباء تحت الأسرة لم يعد كافيًا، خاصة مع فقدان جيرانه وهلع أطفاله من أصوات القصف. وفي “المستشفى السعودي”، أحد آخر المرافق الطبية العاملة، يعتمد الأطباء على ملجأ تحت الأرض كغرفة عمليات مضاءة بهواتف محمولة وسط الغارات.
وثق مختبر جامعة ييل الأمريكية أضرارًا جسيمة في المدينة جراء القصف والحرائق، حيث أصبحت الأسواق مهجورة والمستشفيات تعمل تحت الأرض، بينما بدأت الأسر تقنن الطعام مع اقتراب المجاعة. تكتسب الفاشر أهمية استراتيجية كبيرة، إذ ستكمل سيطرتها قوات الدعم السريع السيطرة على دارفور، مما يعزز موقعها أمام الجيش المتحكم بشرق وشمال ووسط السودان.
يعتمد الجيش على دعم قبائل الزغاوة، التي انضمت لحماية المدينة بعد حيادها الأولي، بقيادة شخصيات مثل مني مناوي وجبريل إبراهيم. وترى المحللة خلود خير أن سقوط الفاشر يشكل “تهديدًا وجوديًا” للزغاوة، خوفًا من انتقام الدعم السريع، لكن الاحتفاظ بها يستنزف الموارد، وفقدانها قد يكون كارثيًا.
في تقرير إنساني صادم، أعلنت الأمم المتحدة رسميًا عن تفشي المجاعة في ثلاثة مخيمات للنازحين تحيط بمدينة الفاشر السودانية، محذرة من أن هذه الكارثة الإنسانية تهدد بالانتشار إلى داخل المدينة نفسها بحلول مايو 2025، ما ينذر بمأساة غير مسبوقة.
ويواجه ما يقرب من مليوني شخص في المنطقة انعدامًا غذائيًا حادًا، ما يعني أنهم على شفا المجاعة. بينما يعاني 320 ألف شخص بالفعل من المجاعة، ويكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة.
ويتفاقم الوضع بسبب النقص الحاد في المساعدات الإنسانية وتعليق عمل الوكالات الإنسانية نتيجة للهجمات المتزايدة.
وعلى ذات الصعيد تشير التوقعات إلى أن الوضع سيزداد سوءًا، وأن المجاعة ستنتشر إلى داخل مدينة الفاشر، ما يعرض حياة مئات الآلاف للخطر.
وحذرت ليني كينزلي من برنامج الأغذية العالمي من “جيل ضائع”، مشيرة إلى أن سوء التغذية سيترك آثارًا طويلة الأمد تحتاج عقودًا للتعافي.