في مشهد يعكس التحول الميداني والسياسي الأخير، عقد مجلس الوزراء السوداني برئاسة الدكتور كامل إدريس أول اجتماع رسمي له في قلب العاصمة الخرطوم، وذلك للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023.
وذكرت وكالة السودان للأنباء أن الجلسة الأولى لحكومة “الأمل” خُصصت لمناقشة خطط الوزارات للعام الحالي، مع التركيز على الخدمات الأساسية ومعاش المواطنين، إلى جانب قضايا الأمن وإعادة الإعمار وتهيئة الظروف للعودة الطوعية للنازحين.
برنامج لإعادة الحياة إلى العاصمة
رئيس الوزراء أوضح أن الاجتماع تناول أيضًا ملفات الاقتصاد الوطني وتعزيز العلاقات الخارجية، فضلاً عن إطلاق حملة نظافة شاملة لولاية الخرطوم اعتبارًا من الأربعاء، ضمن جهود تهيئة العاصمة لعودة النشاط الحكومي والمجتمعي. كما أعلن عن خطة مرحلية لانتقال الحكومة إلى الخرطوم بشكل كامل بدءًا من سبتمبر/أيلول المقبل.
دلالة سياسية وأمنية
ويأتي هذا الاجتماع بعد أشهر من إدارة شؤون الدولة من مدينة بورتسودان شرقي البلاد، حيث كانت الحكومة تعمل في ظل أوضاع أمنية مضطربة. ويُنظر لانعقاده في الخرطوم بوصفه رسالة سياسية تؤكد عودة مؤسسات الدولة تدريجيًا إلى العاصمة، بعد أن أعلن الجيش في مايو/أيار الماضي بسط سيطرته الكاملة على المدينة عقب معارك ضارية مع قوات الدعم السريع.
تباين القراءات
المحلل السياسي أحمد عمر خوجلي اعتبر الخطوة “إشارة واضحة لتثبيت أركان الدولة في العاصمة وتفعيل النشاط السياسي والإداري من مركز القرار”، مشيرًا إلى أن تقديم الموعد إلى أغسطس بدلاً عن سبتمبر يعكس رغبة الحكومة في تسريع استعادة الاستقرار.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، تحولت الخرطوم إلى ساحة معارك عنيفة، أدت إلى مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح نحو 15 مليونًا، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، بينما رفعت دراسات مستقلة العدد إلى ما يقارب 130 ألف قتيل. ومع تقلص نفوذ قوات الدعم السريع في الأشهر الأخيرة، بدأ الجيش في تعزيز حضوره داخل العاصمة وعدد من الولايات.
خطوة نحو الاستقرار
ويرى مراقبون أن اجتماع مجلس الوزراء داخل الخرطوم، وإن كان يحمل طابعًا رمزيًا في هذه المرحلة، إلا أنه يمثل انطلاقة جديدة لمسار إعادة الإعمار وإحياء النشاط الحكومي، بما قد يسهم في ترميم الثقة بين الدولة والمواطن، ويمهد لمرحلة سياسية مختلفة إذا ما رافقته إصلاحات وخطوات ملموسة على الأرض.
