
كادوقلي – 25 أغسطس
دخلت مدينة كادوقلي بولاية جنوب كردفان مرحلة حرجة بعد أن تحولت الكوليرا إلى كابوس يومي يهدد حياة السكان. فقد سجّل مستشفى كادوقلي التعليمي وفاة 22 شخصًا في يوم واحد، ليرتفع إجمالي ضحايا الوباء إلى أكثر من 105 حالة منذ بداية الأزمة، في وقت تضاعف فيه عدد الإصابات إلى أكثر من 200 حالة داخل مراكز العزل مقارنة بـ46 حالة فقط قبل أسبوع.
ضغط هائل على مركز العزل
رغم تخصيص تسع غرف إضافية وتجهيز فرق طبية مزودة بوسائل وقاية، يواجه المستشفى نقصًا حادًا في الأدوية والمحاليل الوريدية، ما يحرم مئات المرضى من العلاج المناسب. وأكد أحد الأطباء – مفضلاً عدم الكشف عن هويته – أن الجهود الحالية لا تكفي لمواجهة حجم الكارثة، خاصة مع تزايد الحالات الوافدة من الأحياء الطرفية ومعسكرات النازحين.

اتهامات بالتقاعس وتعتيم على الحقائق
الناشط المجتمعي عبد الباقي إدريس انتقد وزارة الصحة متهمًا إياها بـ“التقاعس والتعتيم على الأرقام الحقيقية”، مشيرًا إلى أن المدينة تعيش حصارًا مزدوجًا بفعل نقص الغذاء والدواء من جهة، وإغلاق الطرق من قبل قوات الدعم السريع والحركة الشعبية من جهة أخرى.
المرضى محاصرون والمواصلات غائبة
تقارير غرفة الطوارئ أوضحت أن العديد من المرضى لم يتمكنوا من الوصول إلى المستشفى بسبب انعدام وسائل النقل وبعد المسافات، ما أدى إلى وفاة أعداد متزايدة داخل الأحياء ومراكز الإيواء قبل تلقي أي رعاية أولية.
نزوح جديد يفاقم الأزمة
مع تفاقم الوضع، شهدت كادوقلي نزوحًا جماعيًا للسكان نحو مناطق امدولو والكويك، بينما لجأ آخرون إلى مناطق جبلية وعرة مثل كرتالا وكلدجي، في محاولة للهرب من انتشار الوباء. ويأتي هذا النزوح بعد أسابيع من إعلان المنظمة الدولية للهجرة نزوح أكثر من 3,000 شخص لأسباب اقتصادية وأمنية، ليضاف البعد الصحي الآن إلى أسباب الفرار.
تحذيرات من انهيار شامل
مراقبون حذروا من أن استمرار غياب التدخل الحكومي والإنساني الفعّال قد يحوّل كادوقلي إلى بؤرة وبائية تهدد جنوب كردفان بأكملها، خاصة في ظل هشاشة الخدمات الصحية وانعدام الاستعدادات اللوجستية. ويرى خبراء أن الكارثة الحالية لم تعد أزمة صحية فقط، بل أزمة إنسانية مركبة تتشابك فيها العوامل الاقتصادية والأمنية مع المخاطر الوبائية، تاركة مستقبل المدينة في مهب المجهول.