
اوراد نيوز
شهدت بحيرة المنزلة، أكبر خزانات الثروة السمكية في مصر، نفوقاً جماعياً لكميات ضخمة من الأسماك خلال الأيام الماضية، في مشهد وثقته مقاطع مصوّرة أظهرت عشرات الأطنان طافية على سطح المياه، ما أثار حالة من الهلع بين الصيادين ومربي المزارع السمكية وأعاد ملف البحيرة إلى واجهة الجدل البيئي والاقتصادي.
مربو الأسماك حمّلوا المسؤولية لارتفاع غير مسبوق في ملوحة المياه، مؤكدين أنها تجاوزت ملوحة مياه البحر، بينما أشار خبراء مثل أستاذ الموارد المائية معاطي قشطة إلى احتمال ارتباط الظاهرة بما يعرف بـ”المد الأحمر” الناتج عن تكاثر الطحالب الدقيقة في بيئات عالية الملوحة وغنية بالمغذيات القادمة من الصرف الزراعي، ما يؤدي إلى استنزاف الأكسجين ونفوق الكائنات المائية.
في المقابل، أوضح جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية، التابع لوزارة الزراعة فى بيان، أن ما يجري ظاهرة موسمية تتأثر بموجات الحر الشديدة، إذ تتأثر الأسماك، بوصفها كائنات “ذات دم بارد”، بارتفاع حرارة المياه عن نطاقها المثالي، مما يضعف مناعتها ويقلل قدرتها على تحمل الأمراض. وأشار الجهاز إلى أن زيادة الملوحة والأمونيا وتغير خواص المياه، خاصة في المزارع ذات الكثافة العالية، فاقمت من الأزمة.
وأوضح البيان أن الظاهرة مرتبطة بالتغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة القياسية، وأضاف أن الأنواع المستزرعة مثل الدنيس والقاروص واللوت تعيش في نطاق حراري مثالي بين 20 و24 درجة مئوية، وأي تجاوز لهذا النطاق يضعف نموها ويقلل قدرتها على مقاومة الأمراض.
وبيّن الجهاز أن موجات الحر الأخيرة رفعت حرارة المياه إلى مستويات غير مناسبة، مما أدى إلى إجهاد الأسماك وانخفاض الأكسجين المذاب وارتفاع الأمونيا، إضافة إلى تغير خواص المياه، وهي عوامل تتضاعف آثارها في المزارع ذات الكثافة التخزينية العالية مقارنة بالبيئات الطبيعية.

الأزمة تأتي رغم مشروع التطوير القومي للبحيرة الذي انطلق عام 2017 لتحسين جودة المياه وزيادة الإنتاجية، لكن تقارير لاحقة حذرت من أخطاء في التنفيذ، بينها عدم تجديد بوابات “البواغيز” المسؤولة عن تجديد المياه، ما رفع الملوحة من أقل من 5 آلاف جزء في المليون قبل المشروع إلى نحو 25 ألفاً حالياً.
وتُعد بحيرة المنزلة، الممتدة بين محافظات الدقهلية ودمياط وبورسعيد، من أكبر البحيرات الطبيعية في مصر، وتنتج نحو 15–20% من إجمالي الأسماك في البلاد. ورغم مشروع التطوير القومي الذي انطلق عام 2017 لتحسين جودة المياه وزيادة الإنتاج، فإن التلوث والتغير المناخي يظلان من أبرز التحديات التي تواجه الثروة السمكية المصرية.