تحقيقات وتقارير

من يملك الأسلحة النووية وكيف حصل عليها؟

متابعات _ اوراد نيوز

متابعات _ اوراد نيوز

تمتلك 9 دول حاليًا أسلحة نووية أو يُعتقد أنها تمتلكها، في مشهد عالمي لا يزال يشكل تحديًا كبيرًا للأمن والاستقرار الدولي.

تُعرف الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، والمملكة المتحدة بأنها الدول الخمس الأصلية المالكة للأسلحة النووية. هذه الدول الخمس هي أيضًا من الدول الموقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT).

تُلزم هذه المعاهدة، التي تُعد حجر الزاوية في جهود الحد من انتشار الأسلحة النووية، الدول التي لا تمتلك أسلحة نووية بعدم بنائها أو الحصول عليها. وفي المقابل، تُلزم الدول التي تمتلكها بـ”السعي للتفاوض بنية حسنة” بهدف نزع السلاح النووي بشكل كامل.

ورغم هذه المعاهدة، هناك دول أخرى (الهند، باكستان، إسرائيل، وكوريا الشمالية) تمتلك أو يُعتقد أنها تمتلك أسلحة نووية، مما يثير تساؤلات حول فعالية المعاهدة في عالم يشهد تصاعدًا في التوترات الإقليمية والدولية.

 

كيف أثرت التطورات الأخيرة، مثل البرنامج النووي الإيراني، على التزام الدول بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية؟ وما هي التحديات التي تواجه مستقبل هذه المعاهدة في ضوء هذه التوترات؟

وبعد ثمانين عاماً من انفجار أول قنبلة نووية في تاريخ البشرية، عاد شبح السلاح النووي ليخيّم على منطقة الشرق الأوسط، هذه المرة بفعل البرنامج النووي الإيراني الذي أصبح في دائرة الضوء وسببًا في تصعيد المواجهات العدائية.

في خطوة تصعيدية، صادق الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الأربعاء (2 يوليو 2025)، على قانون يعلق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. يأتي هذا القرار بعد إقرار البرلمان الإيراني القانون، وذلك في أعقاب الضربات الإسرائيلية والأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية.

ووفقًا لما أورده التلفزيون الرسمي، فإن مصادقة بزشكيان على “قانون تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية” التابعة للأمم المتحدة يجعله نافذ المفعول.

ينص القانون الجديد على أن أي عمليات تفتيش مستقبلية تجريها الوكالة للمواقع النووية الإيرانية ستتطلب موافقة مسبقة من مجلس الأمن القومي الأعلى في طهران. وقد هددت إيران في وقت سابق بوقف التعاون مع الوكالة، متهمة إياها بالانحياز للدول الغربية وبتوفير المبرر للغارات الجوية الإسرائيلية.

 

لا يزال حجم الضرر الذي لحق بالمنشآت الإيرانية غير واضح، وكذلك تداعياته المحتملة على المنطقة وعلى معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) التي دخلت حيز التنفيذ قبل 55 عامًا وساهمت في الحد من انتشار الأسلحة. ومع تطبيق المعاهدة، هناك تسع دول معروفة بأنها تمتلك أسلحة نووية. لكن كيف حصلت عليها؟ وهل يمكن لدول أخرى حاليًا السعي لامتلاكها؟

 

خريطة القوى النووية: من يملك السلاح الأكثر فتكاً؟

 

الولايات المتحدة الأمريكية: كانت القوة النووية الأولى في العالم، بعد تطويرها لبرنامج الأسلحة النووية سراً كجزء من مشروع مانهاتن خلال الحرب العالمية الثانية. استخدمتها بشكل مدمر عام 1945، بإلقاء قنبلتين نوويتين على هيروشيما وناغازاكي، مما أدى إلى مقتل أكثر من 200 ألف شخص. تقول الدكتورة باتريشيا لويس، خبيرة الحد من الأسلحة، إن هذا كان “الانطلاقة الحقيقية لسباق التسلح النووي”.

الاتحاد السوفيتي (روسيا حالياً): نجح في تطوير قنبلته النووية عام 1949، منهيًا بذلك احتكار الولايات المتحدة، ومطلقًا شرارة الحرب الباردة التي استمرت لأكثر من 40 عامًا.

بريطانيا وفرنسا والصين: دخلت هذه الدول النادي النووي تباعًا. بريطانيا في 1952، فرنسا في 1960، والصين في 1964.

 

معاهدة حظر الانتشار النووي.. والأسلحة المنتشرة!

 

في الستينيات، ومع تزايد المخاوف من انتشار الأسلحة النووية، طرحت الأمم المتحدة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) في عام 1970. ولكن لم توقع عليها جميع دول العالم:

الهند (1974) وباكستان (1998): أصبحتا قوتين نوويتين ولم توقعا على المعاهدة، بسبب الصراع والمخاوف الأمنية المتبادلة.

إسرائيل: لم توقع على المعاهدة أبداً، وتتبع سياسة “الغموض النووي” بعدم تأكيد أو نفي امتلاكها أسلحة نووية.

كوريا الشمالية: وقعت في البداية، ثم انسحبت عام 2003، وأجرت تجربتها النووية الأولى في 2006.

اقترح الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور، في خطابه "الذرة من أجل السلام" في الأمم المتحدة عام 1953، بذل جهد دولي لتطوير التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، مثل إنتاج الطاقة.
اقترح الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور، في خطابه “الذرة من أجل السلام” في الأمم المتحدة عام 1953، بذل جهد دولي لتطوير التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، مثل إنتاج الطاقة.

 

إسرائيل: الغموض النووي والهجمات الوقائية

 

لم تؤكد إسرائيل رسمياً امتلاكها أسلحة نووية، لكن يُعتقد على نطاق واسع أنها تمتلك ترسانة ضخمة. كشف فني نووي إسرائيلي يدعى مردخاي فعنونو عام 1986 تفاصيل عن برنامجها النووي، مما أدى إلى سجنه 18 عامًا. يعمل معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام على تحديث ترسانتها النووية، بما في ذلك اختبار نظام دفع صاروخي “قد يكون مرتبطًا بصواريخ أريحا الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية”.

وقد اتخذت إسرائيل إجراءات عسكرية لمنع منافسيها الإقليميين من امتلاك قدرات نووية، فبالإضافة إلى الهجوم الأخير على إيران، قصفت إسرائيل مفاعلاً نووياً في العراق عام 1981، وموقعاً نووياً مشتبه به في سوريا عام 2007.

كشف الإسرائيلي مردخاي فعنونو عن تفاصيل البرنامج النووي الإسرائيلي شديد السرية، وحُكم عليه بعد ذلك بالسجن لمدة 18 عاماً
كشف الإسرائيلي مردخاي فعنونو عن تفاصيل البرنامج النووي الإسرائيلي شديد السرية، وحُكم عليه بعد ذلك بالسجن لمدة 18 عاماً

 

 

البرنامج النووي الإيراني: سلمي أم عسكري؟

 

يقول أندرو فوتر، أستاذ السياسة الدولية بجامعة ليستر، “على حد علمنا، لم تصنع إيران قنبلة نووية بعد”، لكنه يضيف أنه “لا يوجد سبب حقيقي يمنعها من القيام بذلك” تقنيًا. لطالما أكّدت إيران، وهي دولة موقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي، أن برنامجها سلمي.

ومع ذلك، وجد تحقيق للوكالة الدولية للطاقة الذرية أدلة على أن إيران أجرت “مجموعة من الأنشطة ذات الصلة بتطوير جهاز تفجير نووي” حتى عام 2003. وفي 2015، توصلت إيران إلى اتفاق دولي (JCPOA) يفرض قيوداً على أنشطتها النووية مقابل تخفيف العقوبات. لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحب من الاتفاق عام 2018، وأعاد فرض العقوبات، مما دفع إيران لانتهاك قيود التخصيب.

في 12 يونيو 2025، أعلن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران انتهكت التزاماتها للمرة الأولى منذ 20 عامًا. وفي اليوم التالي، شنت إسرائيل سلسلة من الضربات على أهداف نووية وعسكرية إيرانية، وانضمت إليها الولايات المتحدة بضرب ثلاث منشآت نووية، منها موقع فوردو تحت الأرض.

آثار الدمار في هيروشيما حيث كانت اليابان الدولة الوحيدة في التاريخ التي ضربتها القنابل النووية
آثار الدمار في هيروشيما حيث كانت اليابان الدولة الوحيدة في التاريخ التي ضربتها القنابل النووية

 

دول تخلت عن أحلامها النووية.. هل إيران هي الاستثناء؟

 

على الجانب الآخر، تخلت بعض الدول عن برامجها النووية، مثل البرازيل والسويد وسويسرا. وتُعد جنوب أفريقيا الحالة الفريدة عالمياً، فقد نجحت في بناء أسلحة نووية ثم قامت بنزع سلاحها وتفكيك برنامجها بالكامل بعد نهاية نظام الفصل العنصري.

وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، ورثت أوكرانيا، بيلاروسيا، وكازاخستان أسلحة نووية، لكنها تخلت عنها مقابل ضمانات أمنية (كما في مذكرة بودابست 1994 لأوكرانيا). ومع ذلك، يزعم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده لم تحصل على مكاسب كافية مقابل التخلي عن أسلحتها.

 

 

ترسانة العالم النووية: 12,241 رأساً نووياً والخطر يتزايد؟

 

يُقدر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن العالم يمتلك حوالي 12,241 رأساً نووياً حتى يناير/كانون الثاني 2025، وتستحوذ روسيا والولايات المتحدة على حوالي 90% من هذا المخزون. ورغم أن تفكيك الرؤوس النووية القديمة يفوق حالياً إنتاج الأسلحة الحديثة، إلا أن هذا الأمر قد يتغير “في السنوات القادمة”.

 

الشرق الأوسط على شفير سباق نووي؟

 

يقول الخبراء إن استهداف البرنامج النووي الإيراني قد يؤثر على تفكير الدول الأخرى التي قد تسعى لبناء أسلحة نووية. فبعد الضربات الأخيرة، أعلن الرئيس ترامب أن البرنامج النووي الإيراني قد تأخر “عقوداً للوراء”، وأعلن البنتاغون أن الضربات أضعفت البرنامج الإيراني لمدة تصل إلى عامين.

إذا طورت إيران سلاحاً نووياً في نهاية المطاف، فقد تسعى دول أخرى في الشرق الأوسط، وخاصة المملكة العربية السعودية، إلى تطوير سلاحها النووي، كما يحذر فوتر. ويضيف: “أعتقد أن السعودية كانت واضحة تماماً في أنها لا تريد حالياً امتلاك سلاح نووي، لكن امتلاك إيران للسلاح النووي سيغير قواعد اللعبة تماماً.”

وتشدد الدكتورة لويس على وجود “خطر كبير” بانسحاب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي، مما قد يزيد من احتمالية انسحاب دول أخرى. وتصف ذلك بأنه سيكون “ضربة موجعة” للمعاهدة. وحتى لو قررت دول أخرى حيازة أسلحة نووية، فإنها ستواجه “تحديات كبيرة”، خاصة فيما يتعلق بالحصول على اليورانيوم المخصب أو البلوتونيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة، وكلاهما يخضع لرقابة صارمة.

 

المصدر : BBC

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى