
متابعات _ اوراد نيوز
في مؤتمر صحفي، أطلّ رئيس وزراء السودان الجديد الدكتور كامل إدريس على السودانيين منذ أيام ببيان، يوضّح شكل حكومته ومسارات انشغالها بالقضايا في ظل تراكم الملفات والاحتياجات الإنسانية على امتداد السودان.
لكن المدهش لم يكن تلك الإطلالة أو ذلك البيان الذي ألقاه، بل عبارة قوية التأثير التقطها رجل الشارع والأوساط الإعلامية كقشة نجاة في ظل التردي المستمر في السودان منذ حرب الـ15 من أبريل/ نيسان 2023، وهي “حكومة الأمل”.
هي حكومة يزمع إدريس إعلانها للشعب السوداني بعد معاناة حرب طويلة امتدت منذ العام 2023، كلفت الشعب السوداني قتلًا وتهجيرًا ونزوحًا، وسط معاناة في الغذاء والدواء وأبسط مقومات الحياة، فضلًا عن توجيه اقتصاد السودان بميزانيته إلى الحرب، ليتحول بكليته لاقتصاد حرب، دعمًا لمعركة الحكومة الوطنية ضد مليشيا الدعم السريع.
كامل إدريس.. بارقة أمل
مثّل تعيين الدكتور كامل إدريس في رئاسة الوزراء لفتة سياسية، شغلت وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت حديثًا في الأوساط الشعبية، لا لكونه زعيمًا شعبيًا، أو شخصية سياسية حكيمة حاملة لمشروع سياسي، ولكن بسبب ظهوره المتزن من أول يوم، وحديثه الإيجابي دومًا، وإشراقاته التي ظل يرددها كلما أطل في كاميرا، عاكسًا وعيه بحجم التحدي الذي تمرّ به البلاد.
فحديث رئيس مجلس الوزراء الجديد عن حكومة أمل خلق رأيًا عامًا إيجابيًا، حاشدًا فئات المجتمع خلف راية النهضة والتنمية، والبحث عن بارقة أمل في ظل المعارك الضارية التي يخوضها السودان ضد مليشيا صاحبة توجه قبلي وعنصري، مدعومة بظهير سياسي، حيث انتهكت معظم أرجاء السودان بفظائع وجرائم شملت القتل والسرقة والاغتصاب، مخلفة شعبًا مكلومًا وسط تجاهل عجيب من المجتمع الدولي لأزمته.
لقد طال جدًا على شعب السودان انتظاره سماع أخبار بأن الفرج قريب، وأن قصص نزوحه وهجرته في ربوع الوطن ستنطوي قريبًا.. وأنه من القتل ومن الشهداء الذين سقطوا في معارك الكرامة ستولد عزيمة رجال دولة، تخلق واقعًا سياسيًا جديدًا يحمل بين طياته ازدهارًا وتنمية مستحقة لشعب قدم الكثير في سبيل تبدل حاله إلى الأفضل.
التكنوقراط.. الحل الأخير
كلمة السر ربما ستكون كامل إدريس، بعد فشل القوى السياسية إبان ثورة ديسمبر/ كانون الأول 2019 في إدارة الفترة الانتقالية، وضرب القوى السياسية بأحلام الشعب السوداني عرض الحائط، بعد اقتسام كعكة السلطة وتمييع قضاياه الحقيقية، التي ناضل من أجلها إبان حكم الإنقاذ حتى سقوطه.
بسيرة ذاتية ثرّة، عمل كامل إدريس في دول الاتحاد الأوروبي عبر مؤسساته ومنظماته المختلفة، فكان المدير العام للمنظمة العالمية الملكية الفكرية (الويبو)، والأمين العام للاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية (الأولوف)، وله خلفية أكاديمية غزيرة؛ فالرجل حاصل على شهادة دراسات عليا بدرجة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة جنيف. لذلك، فوجوده اليوم في المشهد السياسي السوداني قد عزز الثقة لدى عموم الشعب.
بعيدًا عن التجاذبات السياسية وتراشق القوى السياسية، يمثل كامل إدريس قضايا الشعب السوداني فقط، بدون عصبيات وبدون أجندة حزبية ضيقة، جعلت السودان -البلد صاحب الخيرات، والذي قيل قديمًا إنه سلة غذاء العالم الموعودة- في مصاف الدولة المتأخرة، يعاني من أزمات عطلت الاستقرار والازدهار فيه.
فالرجل التكنوقراط هو ترياق السودان، الوطن ذي التيارات السياسية المتباينة، والاتجاهات الفكرية المختلفة.. هذا الرجل قادر على بث الأمل عند السودانيين في الداخل، وأولئك المغتربين خارج ربوع الوطن!