
متابعات _ اوراد نيوز
أثار اللقاء الذي بث الأسبوع الماضي موجة من الجدل والتساؤلات حول توقيته وأهدافه. من جانبه، صرح لابيد أن الحوار يمثل “فرصة لمخاطبة العالم العربي وكل ذي تأثير ودول المنطقة” حول ضرورة دفع حماس لقبول الاتفاق، مؤكداً أن “الحرب يمكن أن تنتهي في غضون 24 ساعة إذا ألقت حماس سلاحها”، ومتهماً حماس ببيع المساعدات الإنسانية لشراء الأسلحة. كما أعاد لابيد طرح مبادرته، التي سبق أن قدمها في واشنطن، بشأن فرض وصاية مصرية على قطاع غزة مقابل حوافز مالية وإسقاط ديون مصرية، وهو اقتراح رفضته القاهرة رسميًا.
موجة غضب عارمة في مصر
في مصر، واجه اللقاء انتقادات شديدة، خاصة في الأوساط الصحفية والحقوقية. استنكر كتاب وصحفيون وحقوقيون مصريون تخصيص مساحة للرواية الإسرائيلية للأحداث الخطيرة الجارية في المنطقة دون تقديم وجهة نظر محايدة أو متوازنة. تساءل الكاتب الصحفي أيمن الصياد، المستشار التنفيذي لمؤسسة محمد حسنين هيكل للصحافة العربية، عبر حسابه على فيسبوك، عما إذا كان اللقاء “مساحة إعلانية مجانية على قناة عربية”. فيما وصف الصحفي محمد بصل، مدير تحرير جريدة الشروق المصرية، اللقاء بأنه “محاولة لحمل العرب على أداء العمل القذر بدلاً من إسرائيل”.
في خضم هذه الانتقادات، أوضح نقيب الصحفيين المصريين، خالد البلشي، أن عماد الدين أديب ليس عضواً في نقابة الصحفيين المصرية، حيث تم شطبه من سجلاتها في سبتمبر 2020 على خلفية فصله التعسفي لعشرات الصحفيين من صحيفة “العالم اليوم”. وأكد البلشي أن النقابة ما كانت لتتأخر عن معاقبة أديب لو كان عضواً فيها، داعياً الصحفيين للالتزام بقرار الجمعية العمومية للنقابة الذي “يحظر كافة أشكال التطبيع الشعبي والمهني والشخصي”.
“انزعاج” إسرائيلي من اللقاء
وصلت تداعيات اللقاء إلى إسرائيل، ولكن لأسباب مختلفة. نشر لابيد على حسابه الرسمي في “إكس” صورة تجمعه بوزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، مشيراً إلى لقائه مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في أبو ظبي لمناقشة التطورات الإقليمية.
تحدثت تقارير إخبارية إسرائيلية عن “انزعاج” من دعوة زعيم المعارضة الإسرائيلي لزيارة الإمارات ولقاء رئيسها. وصف مقربون من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هذا الأمر بـ “تدخل غير لائق في الشؤون المحلية”، وفقاً لموقع “تايمز أوف إسرائيل”. وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو لم يتلق دعوة رسمية لزيارة الإمارات منذ توقيع اتفاقيات إبراهيم عام 2020، مما يفسر “الانزعاج” في الأوساط الحاكمة في إسرائيل. ونقلت هيئة البث الإسرائيلي عن مصادر مقربة من نتنياهو قولها: “لا يمكن دعوة زعيم المعارضة قبل دعوة رئيس الدولة”.
فيما يتعلق باللقاء التلفزيوني على “سكاي نيوز عربية”، اكتفت مواقع إسرائيلية بالإشارة إلى “استغلال المنصة لنقل رسالة إلى العالم العربي بشأن حركة حماس والتعبير عن التعاطف مع وضع سكان غزة”، بحسب موقع “إسرائيل ناشيونال نيوز”.
جدل متكرر حول التطبيع
هذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها موضوع التطبيع مع إسرائيل نقاشاً حاداً في مصر. ففي العام الماضي، تسبب عماد الدين أديب نفسه في جدل مماثل بعد زيارته لتل أبيب وإجرائه حواراً مع السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن إيتمار رابينوفيتش، ضمن برنامج “عماد الدين أديب يبحث في تل أبيب عن أسرار سقوط الأسد” على نفس القناة.
وفي عام 2020، تعرض الممثل المصري محمد رمضان لهجوم واسع على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب صور جمعته بشخصيات عامة إسرائيلية في دبي. وزادت حدة الهجوم حينها بعد قيام الحساب الرسمي للحكومة الإسرائيلية باللغة العربية والناطق الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي بإعادة نشر صورته مع المطرب الإسرائيلي عومير آدام. نُفي رمضان علمه المسبق بهوية الشخص الذي التقط معه الصورة.
“سلام بارد” وعقبات التطبيع الشعبي
تعيد هذه الأحداث فتح ملف “السلام البارد” بين الجارتين. رغم كون مصر أول دولة عربية توقع اتفاق سلام مع إسرائيل، لا يزال التطبيع مرفوضاً بشكل واسع على المستوى الشعبي في مصر، ويقتصر على النطاق السياسي والدبلوماسي والأمني.
تعتبر إسرائيل رفض النقابات المهنية المصرية لكافة أشكال التعاون أو التبادل “عقبة مركزية أمام العلاقات بين البلدين”، وفقاً لدراسة سابقة أجراها معهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب. وتوضح صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أن “من يتم ضبطه متلبساً في عملية التطبيع يُرغم على الاعتذار والتعهد بعدم تكرار تلك الخطيئة”.
منذ ثمانينيات القرن الماضي، يحظر اتحاد النقابات المهنية على أعضائه التعامل أو التطبيع بأي شكل مع إسرائيل، وترفض النقابات المصرية تطوير أي علاقات مدنية معها. ومع تصاعد الحرب الأخيرة في غزة وتفاقم الأوضاع الإنسانية، يزداد الرفض الشعبي في مصر لأي أصوات مؤيدة للتطبيع.