
متابعات _ اوراد نيوز
رحب وزير المالية السوداني، الدكتور جبريل إبراهيم، بتعيين رئيس وزراء مدني في السودان، معتبرًا أن هذه الخطوة تدعم مسار التحول المدني في البلاد. جاء ذلك في حوار له مع “الجزيرة نت”، حيث شدد على أهمية المشاورات السريعة والواسعة التي يحتاجها رئيس الوزراء الجديد، كامل إدريس، لتشكيل حكومته.
لم يستبعد إبراهيم، الذي يترأس حركة العدل والمساواة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام عام 2020، إمكانية الإعلان الجزئي لمجلس الوزراء. وأوضح أن هذا الإعلان قد يشمل الوزارات المخصصة لأطراف اتفاق السلام، بالإضافة إلى وزارتي الداخلية والدفاع، اللتين يختار أعضاء مجلس السيادة ممثلي القوات المسلحة شاغليها. من شأن هذه الخطوة أن تسد الفراغ في الجهاز التنفيذي وتمنح رئيس الوزراء فرصة أوسع لتشكيل حكومة تمثل جميع ولايات السودان.
جدل حول حصص الحركات المسلحة واتفاق جوبا
وفيما يتعلق بنصيب حركات الكفاح المسلح من الحقائب الوزارية، أكد إبراهيم أن اتفاق السلام نص صراحة على احتفاظ شركاء السلام بمقاعدهم حتى نهاية الفترة الانتقالية. وأشار إلى أن الأطراف يمكنها تغيير ممثليها أو مواقعهم الوزارية بالتوافق مع رئيس الوزراء، شريطة أن يبقى القرار النهائي للحركة المعنية، وفقًا لاتفاق السلام. كما أوضح أن تمديد الفترة الانتقالية إلى 39 شهرًا عبر تعديل الوثيقة الدستورية يعني تمديد العمل باتفاق جوبا، مع امتداد بعض مؤسسات السلام مثل العدالة الانتقالية وإعادة إعمار دارفور إلى ما بعد الفترة الانتقالية.
أزمة دارفور: أموال مفقودة وحصار خانق
بخصوص المزاعم حول أموال دارفور، نفى جبريل إبراهيم تخصيص أي أموال للإقليم بموجب اتفاق السلام بسبب استمرار الحرب. وأكد أن مهمته تكمن في تحقيق العدالة لجميع السودانيين، مشيرًا إلى أن الحرب أثرت على كل أنحاء البلاد.
وتناول الوزير الوضع الإنساني المتدهور في الفاشر، عاصمة إقليم دارفور، جراء الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع منذ أكثر من عام. ووصف الوضع بأنه “صعب جدًا” بسبب سياسة التجويع التي تتبعها قوات الدعم السريع، مما أدى إلى تراجع أعداد المدنيين في المدينة. وأشار إلى أن عملية الإسقاط الجوي للمساعدات أصبحت صعبة بسبب امتلاك الدعم السريع أنظمة دفاعية قادرة على إسقاط الطائرات. ورغم “عزيمة” الجيش السوداني والقوات المشتركة لفك الحصار عسكريًا، إلا أن ذلك قد يستغرق وقتًا.
تفاعل دولي محدود ومزاعم كاذبة
انتقد إبراهيم تفاعل الأمم المتحدة مع الأزمة الإنسانية في دارفور، مؤكدًا أنها “لم تبذل قصارى جهدها لإغاثة الجياع” أو تنفيذ قرار مجلس الأمن بفك الحصار. وعزا عدم وصول المنظمات الدولية إلى الفاشر إلى “تعنت وعنف” الدعم السريع، مستشهدًا بحادثة حرق قافلة المساعدات في الكومة. ودعا الأمم المتحدة للتدخل العاجل عبر عملية إسقاط الطعام، مشيرًا إلى مسؤوليتها القانونية والأخلاقية عن إغاثة المحتاجين.
وفيما يتعلق بالتطورات العسكرية، أكد أن الجيش السوداني حقق “إنجازًا ضخمًا” بتحرير مناطق واسعة في الخرطوم والجزيرة منذ سبتمبر الماضي. واعتبر التراجعات الأخيرة في معارك كردفان جزءًا من طبيعة الحرب “كر وفر”، مؤكدًا عزم الجيش على تحرير دارفور وقدرته على الوصول إلى أي بقعة في السودان.
ووصف إبراهيم التقارير التي تتحدث عن امتلاك الجيش السوداني أو استخدامه لأسلحة كيميائية بأنها “حديث إفك”، مرحبًا بتشكيل لجنة دولية “محايدة وذات مصداقية” لتقصي الحقائق حول هذا الأمر.
تدخل أجنبي ومفاوضات محتملة
كشف إبراهيم عن وجود مقاتلين أجانب في صفوف الدعم السريع، مؤكدًا أنه “أمر واقع لا جدال فيه” بعد القبض على بعضهم وضبط مستندات لمرتزقة كولومبيين يدخلون عبر الحدود الليبية ويستخدمون الطائرات المسيرة والأسلحة المتطورة. وأشار إلى معلومات استخباراتية تفيد بأن الطائرات المسيرة التي استهدفت بورتسودان مؤخرًا انطلقت من ميناء بوساسو في الصومال، وهو ميناء خارج عن سيطرة الحكومة الصومالية، بالإضافة إلى وجود طائرة مقاتلة متقدمة رافقت الطائرات المسيرة وشوشت على حركة الملاحة في البحر الأحمر.
وعن إمكانية إجراء مفاوضات، قال إن جبهته أبدت استعدادها منذ اليوم الأول، لكنه يرى أن “الدعم السريع لا يملك من أمره شيئًا”، مقترحًا التفاوض مع الجهات التي تدعمه. وأكد أن الشعب السوداني لن يقبل بأي تفاوض يعيد الدعم السريع إلى المشهد السياسي أو العسكري، وأن الخيار الوحيد هو استسلام الدعم السريع ودمج من يصلح للخدمة العسكرية منهم في الجيش السوداني.
واقترح مبادرة جديدة مشتركة من قطر ومصر والسعودية وتركيا، معتبرًا أنها ستكون أكثر نجاحًا من المبادرات الفردية. وشدد على ضرورة أن تكون هذه المبادرة بعيدة عن التدخل الأمريكي، الذي يرى أن له “أجندة خاصة” وقد يفسد أي جهود للحل.
الأمن الغذائي في السودان
وفيما يتعلق بالأزمة الغذائية وتعثر الموسم الزراعي، نفى إبراهيم وجود فجوة في الغذاء، مشيرًا إلى إنتاج كميات وافرة من الذرة والدخن في الموسمين الماضيين، مما سمح بتصدير بعض الفائض لدول الجوار. وأقر بوجود نقص في الغذاء في بعض المناطق مثل الفاشر وكادقلي بجنوب كردفان، وعزا ذلك إلى حصار قوات “التمرد” الذي يهدف إلى تجويع المدنيين.
وأكد أن الحكومة تبذل قصارى جهدها لإنجاح الموسم الزراعي القادم، حيث تم توفير الوقود والبذور والأسمدة بالتعاون مع منظمات دولية، بالإضافة إلى توفر التمويل اللازم من خلال المصارف، وخاصة البنك الزراعي.