
تتجدد التوترات الإقليمية بعد إعلان إثيوبيا عن تشغيل سد النهضة رسميًا، وهو المشروع الذي أثار جدلًا واسعًا ومخاوف كبيرة لدى دولتي المصب، مصر والسودان. يرى الجانبان أن السد يهدد حصصهما المائية التاريخية من نهر النيل، مما دفع القاهرة إلى اتخاذ خطوات دبلوماسية تصعيدية.
وفي أول رد فعل رسمي، أعلنت وزارة الخارجية المصرية رفضها القاطع لأي إجراءات أحادية الجانب، مشيرة إلى أن تشغيل السد دون اتفاق قانوني يُعد خرقًا صارخًا للقانون الدولي، ويهدد الأمن والاستقرار في المنطقة. وفي بيان شديد اللهجة، أكدت القاهرة أنها لجأت إلى مجلس الأمن الدولي، مشددة على أنها لن تقبل بسياسة فرض الأمر الواقع، وأنها مستعدة لاتخاذ كافة الإجراءات المشروعة للدفاع عن مصالحها الحيوية التي تمس حياة أكثر من مائة مليون مواطن.
من جانبه، أشار أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية، عباس شراقي، إلى أن مصر تكبدت خسائر مائية هائلة منذ بدء عملية التخزين في عام 2020، والتي وصلت إلى نحو 74 مليار متر مكعب في بحيرة السد، مما تسبب في نقص إجمالي موارد مصر المائية بنحو 100 مليار متر مكعب. ولتعويض هذا النقص، اضطرت مصر إلى اتخاذ تدابير مكلفة، مثل الاعتماد على مخزون السد العالي، وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، وحفر آلاف الآبار الجوفية.
في المقابل، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، جمال بيومي، أن المخاوف مبالغ فيها، موضحًا أن الهدف الرئيسي من السد هو توليد الكهرباء، مما يستلزم استمرار تدفق المياه إلى دول المصب. وأشار إلى أن الخلاف الجوهري كان حول فترة ملء السد، وأن الطبيعة الجيولوجية للمنطقة قد تشكل خطرًا على السد نفسه.
إذن، القضية لا تزال معلقة بين وجهات نظر متباينة، فبينما ترى مصر والسودان أن السد يمثل تهديدًا وجوديًا، تعتبره إثيوبيا مشروعًا تنمويًا ضروريًا. وبينما تراهن القاهرة على الحلول الدبلوماسية، فإنها تلوح باتخاذ إجراءات أخرى للدفاع عن حقوقها.