
الخرطوم – 17 أغسطس 2025
حذّر المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في السودان، رمطان لعمامرة، من تدهور غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية والأمنية مع استمرار القتال بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، مؤكداً أن السودان “لا يستطيع تحمّل يوم آخر من الحرب”.
وشدد لعمامرة، في بيان صحافي، على أن الوقف الفوري لإطلاق النار هو أولوية قصوى، لافتاً إلى أن عدد القتلى منذ اندلاع النزاع في 15 أبريل 2023 «مذهل ويزداد سوءاً يوماً بعد يوم».
وأشار إلى أن الأزمة الإنسانية تتفاقم مع نزوح واحد من كل أربعة سودانيين (نحو 12 مليون شخص)، بينما يحتاج أكثر من 30 مليون مواطن لمساعدات إنسانية عاجلة، في ظل تراجع الأمن الغذائي وغياب الاستقرار.

وحذر لعمامرة، من أن المنطقة برمتها تتأرجح على حافة الهاوية، في ظل تصاعد المخاطر الأمنية والتدخلات الخارجية.
وأوضح لعمامرة أن المنطقة تشهد سباقًا محفوفًا بالمخاطر نحو التدهور، حيث تتزايد الاشتباكات عبر الحدود، ويتدهور الأمن على طول البحر الأحمر، وتتعمق التدخلات الخارجية، مما يهيئ بيئة خصبة لتجذّر الجماعات المتطرفة.
وأضاف في وصفه للوضع المتردي: “إننا نشهد سباقًا محمومًا نحو القاع، والقاع يواصل الانهيار تحت أقدامنا”.
غير أن المبعوث الأممي شدد على أن الفرصة لا تزال قائمة أمام القوات المسلحة السودانية و”قوات الدعم السريع” لتغيير مسار الأحداث وإنقاذ البلاد من الانزلاق إلى الهاوية، إذا ما توفرت الإرادة السياسية، وجرى استخدام أدوات الضغط والدعم الدولي. وأكد أن الأولوية القصوى تتمثل في الاتفاق على وقف فوري لإطلاق النار والانخراط في حوار جاد يعالج جذور الصراع.
وأكد لعمامرة أن التجربة أثبتت أن الحوار يظل الخيار الأفضل مقارنة بالحرب، مستشهداً بما قاله رئيس الوزراء البريطاني الأسبق هارولد ماكميلان. وأوضح أن هناك نافذة صغيرة متاحة لبدء هذا الحوار لكنها توشك أن تُغلق سريعاً، مشيراً إلى أن اقتراب موسم الأمطار قد يفرض تراجعاً نسبياً في حدة المعارك البرية خلال الفترة المقبلة.
وأشار لعمامرة إلى أنه يقف إلى جانب الشركاء الدوليين الرئيسيين على أهبة الاستعداد للتعاون مع الأطراف المتحاربة من أجل اتخاذ خطوات عاجلة لخفض التوتر، بما يضمن وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، ويسهم في إنقاذ حياة آلاف المدنيين.
وحثّ لعمامرة المجتمع الدولي على توحيد مواقف جميع الفاعلين الإقليميين والدوليين واستثمار نفوذهم السياسي لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السودانيين، والدفع قُدماً نحو عملية سياسية جادة وذات مصداقية تمهّد لإنهاء الحرب المدمرة التي تعصف بالبلاد.
وأوضح لعمامرة في تعميمه الصحافي أن تحقيق السلام في السودان لا يخدم السودانيين وحدهم، بل يصب في مصلحة جيرانه في القرن الأفريقي، ودول البحر الأحمر، وحتى القوى الدولية البعيدة. وشدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وحدة الموقف وصلابة الإرادة داخل مجلس الأمن، باعتبارهما عاملين حاسمين لتهيئة اصطفاف سياسي قادر على جمع الأطراف المتحاربة وحلفائها حول طاولة التفاوض، بما يفتح الباب أمام إنهاء الحرب.

وحثّ لعمامرة المجتمع الدولي على ممارسة ضغوط جدّية ومتواصلة على كلٍّ من القوات المسلحة السودانية و”قوات الدعم السريع”، مؤكداً في الوقت ذاته ترحيبه بالدور القيادي والمحوري الذي يمكن أن تضطلع به الولايات المتحدة في تنسيق وتوحيد جهود “الرباعية” التي تضم مصر والسعودية والإمارات.
وشدد لعمامرة على ضرورة تكاتف المجتمع الدولي ودعمه الجاد للمساعي الرامية إلى تسريع تحقيق السلام في السودان، مؤكداً أنه «لم يعد مقبولاً أن يقف العالم متفرجاً بينما تُزهق أرواح السودانيين يومياً».
وأضاف لعمامرة: «منذ تولي مهمتي، التقيت بسودانيين مدنيين من مختلف الخلفيات، رجالاً ونساءً، شباباً وكهولاً، ومن تيارات سياسية وعرقية متعددة. هؤلاء هم من يتحملون العبء الأكبر لهذه الحرب القاسية، وكانت رسالتهم واضحة إلى القوات المسلحة السودانية و(قوات الدعم السريع): أوقفوا هذا العنف المروّع فوراً».
وختم المبعوث الأممي كلمته قائلاً: «أثمّن صمود الشعب السوداني وإيمانه الراسخ بالسلام، وأؤكد التزامي بمواصلة العمل إلى جانبهم وتسخير كل جهدي لدعم المساعي الدبلوماسية. إن السودانيين يستحقون مستقبلاً يليق بكرامتهم ويقوم على السلام وتكافؤ الفرص، ولم يعد ممكناً أن يظل العالم متفرجاً».