تحقيقات وتقارير

“خريطة طريق” معهد واشنطن: تفاصيل خطة الرباعية المنتظرة

متابعات _ اوراد نيوز

متابعات _ اوراد نيوز

واشنطن، الولايات المتحدة: مع اقتراب موعد حاسم في واشنطن خلال أسبوع واحد، حيث ستجتمع المجموعة الرباعية (أميركا، السعودية، مصر، الإمارات) لإقرار خطة سلام شاملة للسودان، تزداد حدة الانقسامات بين الفرقاء السودانيين.

في ظل فشل كافة المبادرات السابقة، باتت جهود هذه المجموعة هي الأمل الأخير لوقف الحرب المستمرة منذ أبريل 2023. لكن السؤال الأهم يظل: هل يمكن لـ”أسلوب ترامب” بفرض السلام أن يحقق استقرارًا دائمًا دون توافق وطني حقيقي؟

يعتقد مراقبون أن أسلوب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في “فرض السلام” قد يوقف القتال في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، المستمر منذ منتصف أبريل 2023.

إلا أن هؤلاء المراقبين يرون أن السلام الحقيقي والمستدام لا يمكن أن يصنعه سوى السودانيون أنفسهم، عبر توافق وطني يعالج جذور الأزمة ويضع رؤية سياسية واضحة لمرحلة ما بعد الحرب.

تأتي تحركات المجموعة الرباعية المكثفة منذ أوائل يونيو/حزيران الماضي، وذلك بعد توقف تام لـمنبر جدة الذي ترعاه السعودية والولايات المتحدة منذ نهاية عام 2023. وقد توقف منبر جدة بعد توقيع وثيقتين مهمتين لم تُترجما على أرض الواقع بسبب غياب آليات التنفيذ الفعالة.

هل تنجح “خطة واشنطن” حيث فشل الجميع؟ سيناريو إنهاء حرب السودان يتضح!

بعد انهيار مساعي الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) في جمع القائدين عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي)، في جيبوتي يناير الماضي، يبدو أن الأنظار تتجه نحو مبادرة جديدة.

المبعوث الرئاسي الأميركي للشرق الأوسط وأفريقيا، مسعد بولس، صرح مؤخراً من الدوحة بأن الصراع في السودان “لن يُحسم عسكريًا”، مؤكداً أن الحوار والتسوية الشاملة هما الطريق الوحيد لإنهاء الحرب. وأضاف بولس للجزيرة، عقب اجتماعه مع مسؤولين قطريين، أن الولايات المتحدة، بدعم من الرئيس دونالد ترامب ووزير الخارجية ماركو روبيو، تضطلع بدور مهم مع شركاء المجموعة الرباعية (أمريكا، السعودية، مصر، الإمارات) وبالتعاون مع قطر وبريطانيا، متوقعاً “حلًا إيجابيًا سلميًا للنزاع في السودان قريبًا”.

أمريكا والسعودية ومصر والإمارات

 

“خريطة طريق” معهد واشنطن: تفاصيل خطة الرباعية المنتظرة

عن السيناريو المتوقع أن تتبناه المجموعة الرباعية في السودان، يشير الكاتب ورئيس تحرير جريدة “الأحداث”، عادل الباز، إلى أن المجموعة تتجه لتبني خريطة طريق أعدها “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى”، وهو مركز أبحاث استراتيجي يؤثر في صُنّاع القرار الأميركي.

خطة “معهد واشنطن“: دمج مساري جدة والرباعية لإنقاذ السودان

يوضح الكاتب الصحفي، عادل الباز، في تصريح خاص للجزيرة نت، أن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أصدر تقريرًا في الثاني من يوليو الجاري. يقترح هذا التقرير دمج مساري منبر جدة والمجموعة الرباعية عبر صيغة جديدة تجمع بين الشرعية المحلية للحلول السودانية والضغط الدولي الفعال لضمان تنفيذها.

4 توصيات حاسمة من واشنطن: خطة لإنقاذ السودان بـ”عصا العقوبات وجزرة الإعمار”

يكشف التقرير الصادر عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى عن أربع توصيات رئيسة موجهة للمجموعة الرباعية، تهدف إلى إقرار خطة سلام شاملة للسودان:

  1. إعلان سياسي موحد: تصدره المجموعة الرباعية مع الاتحاد الأفريقي وهيئة “إيغاد”، يقرّ منبر جدة كمظلة وحيدة لحل النزاع.
  2. بنية إدارية موحدة: تتضمن إنشاء أمانة تنفيذية في جدة، تضم ممثلين عن الرباعية، الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، والمجتمع المدني السوداني.
  3. شرعية قانونية ملزمة: بتحويل “إعلان جدة” إلى اتفاق سياسي ملزم عبر قرار من مجلس الأمن الدولي، مع إشراك المبعوث الأممي للسودان رمطان لعمامرة في التنسيق.
  4. دمج المجتمع المدني: إشراك حقيقي لممثلي القبائل والأقليات والمنظمات، لمنع “عسكرة العملية السياسية” أو “اختطافها” من قبل وكلاء خارجيين.

ويرى الكاتب عادل الباز أن تنفيذ هذا السيناريو يتطلب توافقًا بين المجموعة الرباعية، بالإضافة إلى قطر وبريطانيا، على تسوية ملزمة بإشراف دولي صارم. هذه التسوية ستضمن تنفيذ وقف إطلاق النار تحت تهديد عقوبات شاملة (مالية، عسكرية، وسياسية)، وبالمحاكم الدولية لمن يرفضها.

بعد “عصا” العقوبات، تأتي “جزرة” الربط بين التسوية وبرنامج إعادة إعمار بضمانات دولية، ووعود بـشطب ديون السودان، على غرار ما حدث في اتفاق دايتون بشأن البوسنة عام 1994.

لاجئون سودانيون بمنطقة أدري الحدودية بين تشاد والسودان حيث يأمل السودانيون إنهاء الحرب (موقع الأمم المتحدة)
لاجئون سودانيون بمنطقة أدري الحدودية بين تشاد والسودان حيث يأمل السودانيون إنهاء الحرب (موقع الأمم المتحدة)

 

تحديات كبرى تهدد الخطة: “تقسيم البلاد” أو “حلول مفروضة”؟

لكن الباز يحذر من أن مشروع التسوية هذا يواجه تحديات جمة، أبرزها عدم تطابق مواقف الرباعية وشركائها. كما أن فرض وقف إطلاق النار بناءً على الوضع الميداني الحالي قد يعني عمليًا تقسيم البلاد.

ويضيف أن أي عودة لقوات الدعم السريع للمشهد السياسي والعسكري لن تكون مقبولة من الشعب، مؤكداً أن الحل الأمثل هو أن يترك العالم الخارجي السودان وشأنه.

انقسام سوداني حاد: “الرباعية” أمل السلام أم “تدخل سلبي”؟

تتصادم المواقف السياسية في السودان مع اقتراب موعد اجتماع المجموعة الرباعية في واشنطن. فبينما تُعلّق بعض القوى والكتل السياسية آمالها على مساعي هذه المجموعة لجلب السلام إلى البلاد، ترى قوى أخرى أن هذه التحركات تمثل تدخلاً سلبيًا.

البرهان فى القصر الرئاسى
البرهان فى القصر

“فرصة تاريخية” أم “مخطط مشبوه”؟

دعا القيادي في التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود”، خالد عمر يوسف، إلى اغتنام ما وصفها بـ”الفرصة التاريخية” لتحقيق السلام. حذّر يوسف من محاولات القوى المنتفعة من استمرار الحرب لإطالة أمد الكارثة الإنسانية، مؤكدًا أن التنسيق الدولي يمكن أن يوحّد الضغوط لإنهاء الصراع. لكنه شدد في الوقت ذاته على أن العامل الخارجي وحده لا يكفي، وأن “السلام العادل والمستدام لن يتحقق إلا بإرادة السودانيين أنفسهم”.

في المقابل، توقع رئيس تحالف التراضي الوطني وزعيم حزب الأمة، مبارك الفاضل المهدي، نجاح جهود أميركا في وقف الحرب عبر لقاء المجموعة الرباعية بواشنطن الثلاثاء المقبل. وتوقع المهدي أن يصدر عن اللقاء “قرار ملزم بوقف الحرب، غير قابل للرفض” من طرفي النزاع (البرهان وحميدتي)، إلى جانب مناقشة وثيقة تسوية نهائية للمستقبل السياسي للسودان.

وعلى الجانب الآخر، يعتقد رئيس تحالف قوى الحراك الوطني، التجاني السيسي، أن “هناك إطارًا جديدًا، عبر رباعية جديدة، يُطبخ على نار لاهبة، وقطعًا لا يتسق مع مصالح البلاد، ويحاول الانتقاص من الانتصارات التي حققها الشعب السوداني بدماء شهدائه”. وتساءل السيسي على منصة “إكس”: “لمصلحة من يتم تعقيد الأزمة السودانية وإطالة أمد الحرب؟”.

التجاني السيسي يتساءل: “لمصلحة من تُعقد الأزمة السودانية وتُطال الحرب؟”

في تغريدة على منصة “إكس”، طرح رئيس تحالف قوى الحراك الوطني، التجاني السيسي، سؤالاً حاداً ومباشراً: “لمصلحة من يتم تعقيد الأزمة السودانية وإطالة أمد الحرب؟”.

“تدخل سافر” أم “الفرصة الأخيرة”؟ جدل سوداني حول مبادرة الرباعية للسلام

تثير التحركات الأخيرة لـالمجموعة الرباعية بشأن الأزمة السودانية جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والمجتمعية. فبينما يرى البعض فيها أملاً أخيرًا للسلام، يعتبرها آخرون تدخلاً غير مقبول.

 

“حلول مغلقة تفاقم الصراع”: اتهامات للرباعية بتجاهل الإرادة الشعبية

انتقد الأمين العام لتنسيقية القوى الوطنية، محمد سيد أحمد الجاكومي، ما وصفه بـ**”تجاهل الآلية الرباعية للحكومة السودانية وللإرادة الشعبية”** في مناقشاتها حول الأزمة. وفي تصريح للجزيرة نت، أكد الجاكومي أن هذه “الاجتماعات التي تعقد خلف أبواب مغلقة تمثل تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي، وتسهم في تعميق الصراع”. وتعهد الجاكومي بـ**”مناهضة أي محاولات لفرض أي حلول خارجية”** على السودان.

 

مناطق سيطرة الجيش
الجيش

 

“ضغط حاسم” أم “سلام مؤقت”؟ سيناريوهان للحل الخارجي

على الجانب الآخر، يرى المدير العام السابق لمركز دراسات السلام في جامعة الخرطوم، منزول العسل، أن التحرك الجديد للمجموعة الرباعية هذه المرة سيكون “جاداً وربما الأخير” لوقف الحرب في السودان. ويتوقع العسل أن يشهد هذا التحرك “ضغطاً كبيراً على الحكومة والدعم السريع” لوقف القتال، خاصة على الحكومة بعد تشكّل رأي عام حول “تعنتها”.

ومع ذلك، يعتقد العسل أن “الحلول المفروضة من الخارج لن تنجح بحل الأزمة السياسية في البلاد حتى لو أوقفت الحرب”. مؤكداً للجزيرة نت أن “الحل المستدام يكون عبر حوار سوداني بين القوى المساندة للجيش والموالية للدعم السريع.” كما حذر من أن “الموقف الصفري” الذي تتبناه أطراف مساندة للجيش تجاه قوات الدعم السريع، أو تمسك تحالف “صمود” بإقصاء الإسلاميين، لن يحقق سلاماً واستقراراً في البلاد.

المصدر : الجزيرة

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى