اخبار

رحيل الفيلسوف المتواضع.. الذي علّم العالم أن يفكر

متابعات _ اوراد نيوز

متابعات _ اوراد نيوز

في صباح اليوم الجمعة 18 يوليو 2025، غابت قامة فكرية شاهقة وُصفت بـ”ضمير العقل الإسلامي”، حيث توفي الدكتور جعفر شيخ إدريس عن عمر ناهز الـ94 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا فكريًا عابرًا للأزمنة والحدود، ومكتبة حافلة بالفكر، والحكمة، والرؤية العميقة.

فيلسوف على منهج النبوة
ولد في مدينة بورتسودان عام 1931، وبدأ رحلته من حلقات الخلوة إلى مدرجات أعرق الجامعات في لندن، حيث حصل على الدكتوراه في فلسفة العلوم، ليجمع بين دقة العقل الفلسفي وحرارة الإيمان العميق، ويصبح لاحقًا من أهم المفكرين الإسلاميين المعاصرين.

بصمات لا تموت
من طلابه خرج العشرات من الدعاة والمفكرين، ومن أفكاره استلهم كثيرون طريقهم في مجالات الفكر الإسلامي الحديث. ظل حتى سنواته الأخيرة يكتب ويُحاضر، متحديًا المرض والشيخوخة، بإيمان لا يلين، وعقل لا يهدأ.

من الخلوة إلى الفلسفة.. ومن بورسودان إلى لندن

بدأ دراسته في الخلوة، ثم التحق بمدرسة حنتوب الثانوية النخبوية، حيث انخرط مبكرًا في العمل الإسلامي، منضمًا إلى “حركة التحرير الإسلامي” متأثرًا بكتابات سيد قطب. تخرج لاحقًا من جامعة الخرطوم في الفلسفة والاقتصاد، ثم ابتُعث إلى جامعة لندن حيث تعمّق في فلسفة العلوم.

وتوّج رحلته الأكاديمية بالحصول على درجة الدكتوراه عام 1970، ليُصبح لاحقًا من المؤسسين الفعليين لمفهوم “أسلمة العلوم” وممن وضعوا اللبنة الأولى لفهم إسلامي عقلاني حديث.

 أستاذ ومفكر.. بين الجامعات والميكروفونات

عمل في جامعات عدة بالسودان والسعودية والولايات المتحدة، وتولى مناصب أكاديمية في جامعة الخرطوم، جامعة الملك سعود، وجامعة الإمام محمد بن سعود، وأسهم بتأسيس الجامعة الأمريكية المفتوحة، وأشرف على عشرات رسائل الماجستير والدكتوراه.

ألقى محاضرات في أكثر من 30 دولة، وشارك في مؤتمرات كبرى، وكان له حضور مميز في الإعلام الفكري الإسلامي المعاصر، خاصة في مواجهة المادية الجدلية، والشيوعية، والإلحاد.

 مؤلفاته.. قصيرة بحجمها، عميقة بأثرها

عرفت كتاباته بالبساطة والعمق، ومن أبرزها:

  • الفيزياء ووجود الخالق

  • نظرات في منهج العمل الإسلامي

  • الأسس الفلسفية للمذهب المادي

  • وكتب بالإنجليزية منها: The Pillars of Faith وIslamization: Philosophy & Methodology

وتحوّلت مقالاته، مثل “جنة الشوك” في صحيفة الميثاق الإسلامي، و”الإسلام لعصرنا” في مجلة البيان، إلى مرجعيات فكرية لطلاب النهضة الإسلامية المعاصرة.

 وداع الفيلسوف المتواضع.. الذي علّم العالم أن يفكر

توفي الشيخ في الرياض يوم الجمعة 23 المحرم 1447هـ الموافق 18 يوليو 2025، ونعاه مجمع الفقه الإسلامي وعدد من كبار العلماء والمفكرين والهيئات الإسلامية حول العالم.

لقد كان جعفر شيخ إدريس موسوعة تمشي على قدمين، علّم أجيالًا كيف يربطون بين النص والعقل، بين العقيدة والعصر، ورحل كما عاش.. هادئًا، متفكرًا، صادقًا مع الله وفكر الأمة.

وداعًا يا منارة الوعي
رحل الشيخ جعفر شيخ إدريس، وترك فراغًا لا يُملأ بسهولة في ساحة الفكر والدعوة. نعى وفاته علماء ومفكرون من مختلف أنحاء العالم، مؤكدين أن برحيله، خسر السودان والعالم الإسلامي عقلًا مضيئًا وفكرًا لم يُهادن يومًا الجهل أو الغلو.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى