
متابعات _ اوراد نيوز
في خضم الادعاءات التي تروج لـ”حياد” مصر تجاه الأزمة السودانية، تتجلى الحقائق الميدانية لتؤكد عكس ذلك تمامًا. فمصر، بمسؤولية وطنية بعيدة عن الشعارات الجوفاء والمغامرات غير المحسوبة، لم تتخل يومًا عن التزامها التاريخي تجاه السودان وشعبه.
جهود دبلوماسية وإنسانية منذ البداية
منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب ، تصدرت مصر المشهد الدبلوماسي، داعيةً لوقف فوري لإطلاق النار وبدء حوار سوداني-سوداني، وهي دعوات حظيت بترحيب واسع من الأشقاء السودانيين. لم تكتفِ القاهرة بالدعوات النظرية، بل تحركت على الأرض بدبلوماسية رفيعة المستوى، مقدمةً مساعدات إنسانية عاجلة ومستقبلةً ملايين اللاجئين السودانيين دون قيود، خلافًا لبعض الدول الأخرى.
لم الشمل السوداني على أرض الكنانة
في خطوة تاريخية، استضافت العاصمة الإدارية الجديدة مؤتمر “معًا لوقف الحرب في السودان”. نجحت القاهرة في جمع مختلف القوى السياسية والوطنية السودانية للمرة الأولى منذ بدء الحرب، مما أثمر عن توافق تاريخي تضمنه البيان الختامي، وذلك برعاية مصرية كاملة. كما استضافت القاهرة قمة دول جوار السودان في 13 يوليو 2023، لمناقشة سبل إنهاء الصراع، وتبعها اجتماع لوزراء خارجية دول الجوار في نيويورك بتنسيق مصري كامل، مما يؤكد استمرار التنسيق بين الدول المعنية بالأزمة.
رؤى سياسية ومبادرات بناءة في مواجهة تزويد السلاح
بينما تورطت أطراف إقليمية في دعم م_يليشيا الدعم السريع بالسلاح والمقاتلين، اختارت مصر نهجًا أكثر نضجًا، رافضةً الانخراط في دعم أي طرف عسكريًا. وبدلاً من ذلك، قدمت رؤى سياسية توافقية تهدف إلى الحفاظ على وحدة السودان وسلامته. وشهدت القاهرة أيضًا مؤتمر “القضايا الإنسانية في السودان 2023” بمشاركة واسعة من منظمات المجتمع السوداني، مما يعكس حرص مصر على دعم الشعب السوداني بكافة أطيافه بعيدًا عن أي استقطاب.
خارطة طريق للحل الشامل ودعم “هادئ”
في 9 مايو 2024، استضافت القاهرة اجتماعات القوى السياسية السودانية التي توجت بالتوقيع على وثيقة إدارة الفترة التأسيسية. هذه الوثيقة تقدم رؤية موحدة لإنهاء الحرب وتفتح الباب أمام خارطة طريق سودانية للحل الشامل. وفي سياق متصل، كشفت مصادر دبلوماسية مصرية عن تكثيف القاهرة لتحركاتها الإقليمية والدولية لدعم السودان بالتنسيق مع الجيش السوداني، مشيرةً إلى رفع منسوب الدعم السياسي والإعلامي والعسكري “ضمن الإطار الدبلوماسي” بهدف تعديل موازين القوى لصالح استقرار السودان.
مصر عضو فاعل في المجموعة الرباعية
تأكيدًا لدورها المحوري، انضمت مصر رسميًا إلى المجموعة الرباعية المعنية بالملف السوداني، لتصبح طرفًا رئيسيًا ومسموع الكلمة في جهود حل الأزمة السودانية. وقد أكد السفير حسام عيسى، مساعد وزير الخارجية الأسبق لشؤون السودان، أن انضمام مصر خطوة منطقية نظرًا لأهمية السودان، مشيرًا إلى استضافة مصر لما يقارب مليوني لاجئ سوداني دون احتجاز، ودعمها للمؤسسة العسكرية السودانية دون الانخراط كطرف في النزاع المسلح.
التزام راسخ رغم حملات التشكيك
على الرغم من حملات التشكيك الإعلامية، تؤكد الوقائع والمبادرات والجهود الدبلوماسية والإنسانية أن القاهرة لم تغب يومًا عن المشهد السوداني. بل كانت حاضرة بصمتها وتأثيرها ودورها المحوري، مؤمنة بأن الحل الحقيقي يجب أن يكون سودانيًا خالصًا بدعم الأشقاء، وليس بفرض حلول من الخارج. هذا الدور الراسخ سيبقى محفورًا في ضمير الشعبين، مهما تعالت الأصوات المؤقتة.