
متابعات _ اوراد نيوز
يشير وزير الصحة بولاية الخرطوم، الدكتور فتح الرحمن محمد الأمين، إلى أن السيطرة على تفشي الكوليرا في الولاية باتت وشيكة، متوقعاً ذلك بحلول عيد الأضحى. ويؤكد الوزير أن حالات الإصابة بدأت في التراجع بشكل ملحوظ، ومن المتوقع انخفاضها بشكل كبير خلال الأيام السبعة المقبلة، رغم التحديات الصحية والمعيشية القاسية التي فرضتها الحرب.
تحديات قائمة: الكهرباء والمياه والنزوح
على الرغم من عودة جزئية لخدمات الكهرباء والمياه في بعض مناطق الخرطوم، يشير الوزير إلى أن هذه الخدمات لم تستعد كفاءتها الكاملة بعد، وأن المياه لا تزال غير صالحة تمامًا للشرب. ويلفت الانتباه إلى استمرار موجات النزوح ومعاناة المصابين من ظروف معيشية بالغة الصعوبة، مؤكداً أن الولاية لم تصل بعد إلى مرحلة الاستقرار الصحي الشامل.
منشأ الكوليرا وتفشيها
يوضح وزير الصحة أن ظهور الكوليرا كان قبل ثلاثة أشهر في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض، وهي منطقة هادئة ومتاخمة لجنوب السودان، مرجحاً أن يكون مصدر العدوى من الحدود. انتشر المرض لاحقاً إلى شمال النيل الأبيض، المنطقة المتاخمة للخرطوم، حيث كانت الأعراض غير واضحة في البداية، متمثلة في “إسهالات مائية” فقط دون تشخيص دقيق.
دور النزوح والممارسات القسرية في الانتشار
أكد الوزير أن النزوح الكثيف كان عاملاً رئيسياً في تفشي الكوليرا، خاصة بعد تحرير مناطق “الصالحة” و”الجموعية” وانتقال النازحين. وزاد الوضع سوءًا إجبار مليشيا الدعم السريع المواطنين على استخدام مياه غير صالحة للاستهلاك، مما أدى إلى انتشار واسع للمرض في أم درمان، كرري، وأمبدة. وقد تدخلت وزارة الصحة بسرعة في جبل أولياء للحد من الحالات.
تحسن المؤشرات رغم الأرقام الكبيرة
ذكر الدكتور فتح الرحمن أن عدد الإصابات في أم درمان وحدها بلغ 11017 حالة. ومع ذلك، بدأ عدد الوفيات في التناقص، حيث انخفض من 40 إلى 35، ووصل الآن إلى 23 حالة وفاة، مما يعد مؤشراً إيجابياً لنجاح التدخلات الصحية.
عزا الوزير تفشي المرض الواسع إلى استهداف م_ليشيا الدعم السريع لمحطات الكهرباء والمياه، إضافة إلى النزوح الشامل والدمار الذي لحق بالبنية التحتية، مما دفع الناس للعيش في ظروف بدائية.
جهود مكثفة لمكافحة الوباء
استعرض الوزير جهود الوزارة في مكافحة الكوليرا، بما في ذلك إنشاء 15 غرفة عزل مجهزة بالمواد الطبية والكادر المؤهل. كما شملت التدخلات المجتمعية مكافحة الذباب وتحسين نوعية الغذاء والماء.
وأشار إلى تراجع حالات الإصابة بشكل ملحوظ، حيث بدأ المرضى بالوصول إلى مراكز العلاج فرادى بعد أن كانوا يأتون جماعات، مما يعكس تحسناً في معدلات الانتشار. وأكد أن مقارنة أعداد حالات الدخول والخروج والوفيات تؤكد وجود نتائج إيجابية ملموسة.
نفي وجود تسمم كيميائي
نفى وزير الصحة بشكل قاطع مزاعم وجود تسمم كيميائي، مؤكداً أن جميع الأعراض الظاهرة على المصابين تتطابق مع أعراض الكوليرا (الإسهال والاستفراغ). وأوضح أن هذه الاتهامات لا تستند إلى أي دليل وتندرج ضمن الحرب الإعلامية والنفسية.
تعاون مشترك لمواجهة الأزمة
أكد الوزير أن حكومة الولاية كانت أول المستجيبين للوباء، ومع تزايد الحالات والنزوح، تدخلت الحكومة الاتحادية والمنظمات الدولية، مما أثمر تعاوناً كبيراً. وقد تم تطعيم المواطنين في أربع محليات، بدءاً بجبل أولياء، ولم يتبق سوى ثلاث محليات لإكمال حملة التطعيم وتحقيق السيطرة الكاملة على المرض.
دعوة إلى عدم تسييس الأزمة الإنسانية
أعرب الوزير عن أسفه “لتسييس المرض”، مشدداً على أن الكوليرا هي نتيجة إنسانية سلبية للحرب. وصرح: “يمكننا أن نختلف سياسياً، لكن لا ينبغي أن يكون ذلك على حساب صحة الناس.” وأكد أن الهدف الأسمى يجب أن يكون حماية المواطن من الأوبئة والأمراض، بغض النظر عن أي خلافات، مشيراً إلى أن الوضع الصحي في الولاية يشهد تحسناً كبيراً مقارنة بما كان عليه سابقاً.