
متابعات _ اوراد نيوز
شهيد الكرامة: الطيب الأرباب يروي وحشية “الدعم السريع”
في فصول مظلمة تكشف مدى وحشية م_ليشيا الدعم السريع، فقد السودان مهندسًا شريفًا، الطيب الطاهر إبراهيم الأرباب، الذي ارتقى شهيدًا داخل أحد معتقلات الم_ليشيا في الصالحة جنوب أم درمان. لم يمت الطيب في معركة، بل قضى نحبه بعد أيام من التعذيب الممنهج، حُرم خلالها من أبسط مقومات الحياة: الماء والدواء وأدنى حقوق الإنسان.
الطيب الأرباب.. قصة اختطاف ومأساة
في أكتوبر 2024، خطف الطيب، ابن قرية السريحة بولاية الجزيرة، أمام مرأى ومسمع أسرته وجيرانه. لم يكن له أي انتماء سياسي أو عسكري، ولم يكن صوتًا معارضًا؛ كان فقط إنسانًا نزيهًا اختار الكرامة طريقًا، فدفع حياته ثمنًا لذلك. الطيب الأرباب لم يكن مجرد رقم في قائمة الضحايا، بل كان رب أسرة، مهندسًا بذل عمره في العمل الشريف، وبنى أحلامه على الصبر والعزيمة. ورغم أن النيل يمر على مرمى حجر من الخرطوم، فإن الطيب مات ظمآنًا في مدينة كان يفترض أن تحتضنه، لا أن تلفظه خلف قضبان الظلم.
سجن “شارون” والانتهاكات الصارخة
احتُجز الطيب في ظروف لا إنسانية داخل معتقل تابع لم_ليشيا الدعم السريع، وحُرم عمدًا من الماء والدواء والطعام. لم يكتف الجلادون بذلك، بل تعرض لأبشع أنواع التنكيل المهين الذي يمس جوهر الكرامة البشرية. وبحسب مصادر من داخل الصالحة، فقد أشرف الجلاد المعروف باسم “شارون” على تعذيب الشهيد بنفسه، جره من لحيته وأهانه قبل أن يتركه لمصيره في زنزانة قاحلة خالية من أي بصيص أمل. روايات شهود عيان أكدت أن الطيب قضى أيامه الأخيرة في عذاب العطش والجوع، دون أن تجد صرخاته أو توسلاته أي استجابة. هذه ليست مجرد واقعة تعذيب، بل هي جريمة قتل مع سبق الإصرار، تكشف اسم “شارون” فيها عن تحول الوحشية إلى سياسة ممنهجة داخل معتقلات الم_ليشيا، وهو ما يدق ناقوس الخطر إزاء ما يحدث في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
صمت عالمي يطيل أمد الجريمة
الشهيد الطيب، الذي ينتمي إلى قرية السريحة ويمتد نسبه إلى منطقة أزرق، يمثل رمزًا لصمود السودانيين في وجه الموت البطيء والانتهاكات الصامتة. فجّرت جريمة قتله موجة عارمة من الغضب والحزن بين أبناء منطقته الذين ودعوه بالدموع ونددوا بالجريمة التي طالت إنسانًا بريئًا.
ما يزيد من ألم هذه الفاجعة هو الصمت العالمي المطبق. لم يصدر أي تعليق من منظمات حقوق الإنسان الدولية، ولا من الجهات المعنية، في وقت تتزايد فيه الانتهاكات بحق المدنيين في مناطق سيطرة الم_ليشيا. هذا الصمت يعد شراكة ضمنية في الجريمة، ويضع الإنسانية كلها في قفص الاتهام.
الطيب الأرباب.. اسم لن يمحوه النسيان
مهما طال الزمن، سيبقى اسم الطيب الأرباب شاهدًا على مرحلة سوداء من تاريخ السودان، وعلى نظام م_ليشياوي لا يعرف الرحمة. سيبقى ذكره محفورًا في الذاكرة الجمعية لشعب لا ينسى من ماتوا عطشى في وطن تحرسه الأنهار.
إنا لله وإنا إليه راجعون. تعازينا الصادقة لأهله في السريحة وأزرق، ولكل قلب سوداني كُسِر بهذا الفقد الأليم.