قراءة الكتب لن تجعل من قارئها كاتبا أو مفكرا ربما ستجعل منه جالبا لإقتباسات وناقلا لعبارات وفي أحسن الأحوال مؤلفا بين أقوال يلفق منها من بين فكرة وفكرة مرقعة مثل جلباب الدرويش... والكتب و لا تصنع مفكرا ، وإنما ما يصنع المفكر ويميزه هو التفكير العميق، وأنه يفكر ويتدبر ليأتي بتأويل جديد يناسب الوقت والمحل وأهل ذاك الوقت والمحل..وبعض الشباب يتعجلون الزعامة في السياسة والفكر ولا بأس من الطموح ولا يصنع التحول من القديم إلى الجديد إلا الشباب، ومن النافد إلى الفاعل إلا الشباب، فالشباب هم الجيل الفاعل الذي يصنع الحياة الجديدة المزهرة الواعدة بخير كثير ..بيد أن الطموح لابد له من مركبة سواء كانت تسير على الأرض أو تطير في الفضاء ... ومركبة السياسة هي الحكمة والبلاغة ،ألم يقرأ القاريء (وأتيناه الحكمة وفصل الخطاب )،فلا ملك ولا سلطان يرام، ولا سياسة تستدام، بغير عقل حكيم، ولسان ذرب مبين. والفكر هو الآخر مركبته الأخذ من عليم، ولا عليم في الحقيقة وفي إيمان المؤمنين إلا الله، ذلك إنك إن كنت تنتسب للإسلام فغاية العلم هو الله سبحانه و تعالى وكل علم دون علم الله علم مشوب بجهل أو هو ناقص غير كامل .فإن أراد أحد في بلاد المسلمين أن ينسب نفسه مفكرا للاسلام فلابد له أن يكون معينه الذي منه يغترف هو القرآن، وليس ما كتب (دو لوز) أو( فوكو )أو (هابرماس)..ومن لم يكن القرآن ورده الذي يرده يوميا وميزابه ومعينه الذي منه يستقي رويا، فلن يكون مفكرا للمسلمين ، فالمسلم سائح مسافر كادح إلى ربه كدحا فملاقيه، وهو يعلم أنه إلى الله المنتهى وعليه في الرحلة المستعان ، وهو لا تلهيه وقائع الرحلة عن مقاصدها و لا هو يمنعه تعلق الفؤاد بمحطة النهاية من متاع في الإرتحال. أما من ظن أن قراءة عنوانين الكتب أو مضامينها سوف تجعل منه مفكرا رائدا في بلاد أهلها حكماء بحكمة القرآن و فقهاء بأحكامه وتعاليمه ، فقد ضل ضلالا بعيدا عن المقصد والمراد.. ومن بحث عن الحكمة في غير قرآنه ومكانه وزمانه فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا تثقل ظهره ولا تلهم فكره ولا تهديه لسواء السبيل. أمين حسن عمر