
متابعات _ اوراد نيوز
كشفت تقارير وكالة الصحافة الفرنسية أن دولة الإمارات العربية المتحدة باتت الوجهة الرئيسة لتجارة الذهب السوداني، وسط حرب مدمرة أنهكت اقتصاد البلاد منذ أبريل 2023.
وأوضحت الوكالة أن الذهب، الذي يُعد شريان الحياة للصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يمر معظمه عبر الإمارات، سواء عبر قنوات رسمية أو تهريب أو استحواذ مباشر على مناجم رئيسة، مما يعزز مواردهم المالية.
إنتاج قياسي وسط الخراب
رغم الدمار الاقتصادي الذي خلفته الحرب، أعلنت شركة “الموارد المعادنية السودانية” في فبراير 2025 تحقيق إنتاج ذهب بلغ 64 طناً في 2024، مقارنة بـ41.8 طناً في 2022، بقيمة صادرات رسمية وصلت إلى 1.57 مليار دولار. لكن مدير الشركة، محمد طاهر، أقر من بورتسودان بأن نحو نصف الإنتاج يتم تهريبه خارج البلاد، مما يحرم الخزينة العامة من عوائد حيوية.

الإمارات: مركز الذهب السوداني
تشير تحقيقات منظمة “سويس إيد” ومصادر في قطاع التعدين إلى أن الإمارات تستحوذ على الجزء الأكبر من ذهب السودان، سواء عبر التجارة القانونية أو التهريب. وأوضح مارك أوميل، باحث في المنظمة، أن تتبع مسار الذهب السوداني يقود حتماً إلى الإمارات، التي أصبحت ثاني أكبر مصدر للذهب عالمياً في 2023، وفق بورصة دبي للسلع. وأشار إلى أن الذهب المهرب من مناطق سيطرة الجيش وقوات الدعم السريع يمر عبر دول مثل تشاد، مصر، جنوب السودان، وأوغندا، قبل أن يستقر في الإمارات.
في قلب الأراضي التي يسيطر عليها الجيش، يبرز منجم “كوش” كأحد أهم المناجم الحكومية، والذي تديره شركة “إميرال ريسورسز” المملوكة إماراتياً ومقرها دبي. المنجم، الذي اشترته جهات إماراتية في 2020 مع الإبقاء على إدارة روسية، ينتج مئات الكيلوغرامات شهرياً، مما يعزز مكانة الإمارات كشريك أساسي في صناعة الذهب السودانية. وبحسب محمد طاهر، فإن 90% من الصادرات الرسمية تتجه إلى الإمارات، رغم مساعي الحكومة لاستكشاف أسواق بديلة مثل قطر وتركيا.

اتهامات بالتهريب ونفي إماراتي
اتهمت السودان الإمارات رسمياً أمام محكمة العدل الدولية في 2025 بالتواطؤ في أعمال عنف ارتكبتها قوات الدعم السريع في دارفور، وهي اتهامات وصفتها أبوظبي بـ”الحيلة الدعائية”، مؤكدة عزمها على التصدي لها.
كما رفض مسؤول إماراتي مزاعم التهريب أو الاستفادة غير القانونية من الذهب السوداني، مشيراً إلى تبني سياسات صارمة لتنظيم تجارة الذهب منذ يناير 2023. لكن أوميل يرى أن هذه اللوائح لا تُطبق بفعالية، مشيراً إلى أن بيانات 2023 تظهر استيراد الإمارات لكميات ذهب من تشاد تفوق قدرتها الإنتاجية بأضعاف، مما يؤكد وجود تهريب واسع النطاق.
ذهب الدعم السريع: شبكة عابرة للحدود
في دارفور، تسيطر قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، على مناجم ذهب رئيسة، جمعت ثروتها عبر شركة “الجنيد” العائلية، التي تخضع لعقوبات أمريكية وأوروبية.
ووفق تقرير للأمم المتحدة في 2024، ساهمت هذه المناجم في بناء شبكة تمويل عسكري عابرة للحدود، بأرباح سنوية تقدر بمليار دولار على الأقل. وكشف مهندس سابق في “الجنيد” أن المناجم الحدودية في دارفور تنتج ما لا يقل عن 150 كيلوغراماً شهرياً، يتم نقلها جواً عبر جنوب السودان وأوغندا إلى الإمارات.
ذهب يغذي الحرب
يؤكد المراقبون أن تجارة الذهب، سواء الرسمية أو المهربة، تلعب دوراً محورياً في استمرار الحرب السودانية، حيث تمول المليشيات المتمردة عملياتها العسكرية. ويحذر أوميل من أن الإمارات، رغم لوائحها التنظيمية، تظل مركزاً رئيساً لتدفق الذهب المرتبط بالصراع، داعياً إلى فحص أكثر صرامة لمصادر الذهب. ومع تصاعد التوترات بين السودان والإمارات، يبقى الذهب في صدارة الأزمة، كعامل يعيق جهود السلام ويطيل أمد المعاناة الإنسانية في البلاد.