
متابعات _ اوراد نيوز
من قريته كفر أبو شنب في محافظة الفيوم المصرية، يروي معوض تجربته قائلاً: “اتهمونا بالتجسس دون دليل، فتشوا هاتفي ومنزلي، لكننا كنا مجرد تجار”. ورغم عدم وجود أي أدلة، عُصبت أعينهم واقتيدوا إلى مركز احتجاز في الخرطوم بعد شهرين من اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023. يشرح معوض أنه لم يتمكن من مغادرة السودان بسبب بضائعه التي خشي سرقتها، بالإضافة إلى ديون كان عليه تسديدها، مما اضطره للبقاء رغم المخاطر.
عاش عماد معوض، التاجر المصري البالغ من العمر 44 عامًا، كابوسًا مرعبًا على مدار عامين تقريبًا، متنقلًا بين عدة أماكن احتجاز في السودان، لم يكن عماد يتوقع أن تتحول حياته الهادئة في الخرطوم، حيث كان يعمل في تجارة الأجهزة المنزلية، إلى جحيم لا يطاق.
كان يعيش في خوف دائم من أن كل يوم قد يكون آخر أيامه، حتى اقتحم مقاتلو الدعم السريع منزله في يونيو 2023، واعتقلوه مع ستة مصريين آخرين.

في حي الرياض بالخرطوم، حُجز معوض وثمانية مصريين آخرين في زنزانة صغيرة بلا نوافذ، بينما كانت زنازين أخرى تضم عشرات المعتقلين، من أطفال في السادسة إلى شيوخ في التسعينيات. يصف أحمد عزيز، أحد المعتقلين معه، الطعام بأنه “عجينة بلا طعم”، وكانت المياه ملوثة، إما من آبار مالحة أو من النيل المحمل بالرواسب، ما تسبب في انتشار الأمراض وموت بعض المعتقلين. يضيف معوض أن الجثث كانت تُترك لتتحلل داخل الزنازين أحياناً، ثم تُلقى في الصحراء دون غسل.
في سجن سوبا جنوب الخرطوم، واجه المعتقلون ظروفاً أقسى، حيث لم تكن هناك مراحيض سوى دلاء داخل الزنازين، وانتشرت الأمراض كالحمى والملاريا بسبب الحشرات والمياه الملوثة. يقول عزيز: “كنا نفقد إحساسنا بآدميتنا”. ويضيف محمد شعبان، تاجر مصري آخر (43 عاماً)، أن الحراس كانوا يهينون المعتقلين ويضربونهم بلا رحمة.

ورغم ذلك، أُطلق سراح معوض وعزيز وشعبان بعد 20 شهراً، فيما يعتقدون أنه نتيجة جهود استخباراتية مشتركة بين مصر والجيش السوداني. عادوا إلى مصر يحاولون التعافي من الآثار الجسدية والنفسية، بينما يقول شعبان: “لا خيار سوى محاولة النسيان”. وتشير تقارير الأمم المتحدة بأن عشرات الآلاف من الأشخاص قد تم احتجازهم في السودان داخل سجون تديرها قوات الدعم السريع وذلك وفقاً لتقرير نُشر في وقت سابق من مارس 2025.
ومنذ اندلاع النزاع قبل نحو عامين، سجل نشطاء حقوق الإنسان حالات اعتقال وتعذيب شملت عمال إغاثة يعملون في المناطق الأمامية، ومدافعين عن حقوق الإنسان، بالإضافة إلى مدنيين تم استهدافهم بشكل عشوائي.
المصدر: الفرنسية