منابعات _ اوراد نيوز
تعرّضت مليشيات الدعم السريع، لخسائر كبيرة في الآونة الأخيرة في مختلف الجبهات. فقد فشلت في إحكام السيطرة بالكامل على إقليم دارفور غرب السودان ، كما خسرت منطقة جبل موية الاستراتيجية في ولاية سنار.
وبفقدانها لجبل موية، فقدت المليشيا القدرة على فتح خطوط إمداد قريبة من هذه الجبهة، مما جعلها تعتمد بشكل أكبر على قواعدها الخلفية في دارفور. تجدر الإشارة إلى أن ولاية سنار تضم أكبر قاعدة جوية جنوب العاصمة الخرطوم.
يُعزي الأكاديمي المتخصص في الشأن السوداني، الدكتور محمد تورشين، تراجع المليشيا العسكري إلى فشل إستراتيجية حرب العصابات التي اتبعتها منذ بداية الحرب في أبريل 2023، والتي تعتمد على المفاجأة واستنزاف قدرات العدو.
وقد تمكن الجيش السوداني بتكتيكاته الحربية المتقدمة والخبرة الطوبلة فى الحروب والولاء العالى للمؤسسة من امتصاص الضربات المتتالية التي وُجهت إليه، وإعادة تنظيم صفوفه والتعامل بفعالية معها.
ويُضاف إلى ذلك سبب آخر في رأيه، يتمثل في نجاح الجيش السوداني في جذب موارد بشرية جديدة من خلال فتح باب التجنيد، بالإضافة إلى انضمام بعض الحركات المسلحة إلى صفوفه. والأهم من ذلك، حصول الجيش على أسلحة ومعدات عسكرية متطورة، مما ساعد في تعزيز قدراته العسكرية ورفع فرصه في تحقيق التفوق خلال المواجهات.
ويشير المحلل السياسي محمد جمال عرفة إلى أن التحولات الإقليمية والدعم العربي المتزايد للجيش السوداني، بالإضافة إلى العوامل المحلية، قد لعبت دورًا حاسمًا في ترجيح كفة الجيش في الحرب .
يتفق المحلل السياسي محمد جمال عرفة مع تورشين على أن انضمام العديد من القوى المحلية، خاصة التيارات الإسلامية التي اكتسبت خبرة قتالية واسعة في حرب جنوب السودان، قد عزز بشكل كبير من قوة الجيش السوداني. بالإضافة إلى ذلك، فإن الدعم العربي المكثف الذي تلقاه الجيش، بدافع حماية المصالح العربية المتضررة من الأزمة السودانية، قد لعب دوراً حاسماً في تحقيق هذا التفوق.
وفقاً لتقارير دولية متعددة، حقق الجيش السوداني تفوقاً جوياً ملحوظاً بعد تعزيز أسطوله بأكثر من 200 طائرة من مختلف الدول. وفي المقابل، يشير الخبير تورشين إلى أن بعض الجهات الداعمة لقوات الدعم السريع قد قلصت دعمها مؤخراً، وذلك بعد تقييمها للموقف العسكري وتوقعها لهزيمة محتملة.
تشير التطورات الأخيرة إلى تراجع الدعم الدولي لحميدتي، خاصة من قبل روسيا وقوات فاغنر. ويعود السبب الرئيسي لهذا التراجع إلى التحركات الدبلوماسية المكثفة التي يقوم بها البرهان لاستمالة موسكو، والتي من شأنها أن تعزز النفوذ الروسي في السودان وتضعف من موقع حميدتي.
على الجانب الآخر، اتخذت الولايات المتحدة موقفًا أكثر حذرًا من روسيا تجاه الأزمة السودانية، حيث بدأت تميل تدريجياً نحو معارضة حميدتي. جاء هذا التحول بعد سلسلة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ارتكبتها مليشيات الدعم السريع، والتي أدت إلى فرض عقوبات أمريكية على بعض قادتها، مثل علي يعقوب جبريل وعثمان محمد حامد ، وذلك في مايو الماضي.
مستقبل الدعم السريع :
يرى الخبير العسكري تورشين أن التطورات الميدانية الأخيرة، لا سيما السيطرة على مدينة سنجة، تشير إلى تحول حاسم في ميزان القوى لصالح الجيش السوداني.
هذه المكاسب الاستراتيجية، مدعومة بالتفوق الجغرافي في مناطق دارفور وكردفان، تضع قوات الدعم السريع في موقف دفاعي ضعيف. من المتوقع أن يستغل الجيش هذه الميزة لشن هجمات مضادة واسعة النطاق، مما قد يؤدي إلى حسم المعركة في المستقبل القريب.
يرى الخبير عرفة أن الأوضاع الميدانية المتأرجحة في السودان قد تدفع حميدتي وقوات الدعم السريع إلى اتخاذ أحد الخيارات الاستراتيجية التالية، والتي تتأثر بشكل كبير بالتطورات العسكرية والسياسية والإقليمية:
- تتزايد احتمالات هزيمة قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، مما قد يدفعه للانسحاب الكلي من الخرطوم واللجوء إلى إثيوبيا. هذا السيناريو بات أكثر ترجيحاً مع تراجع الدعم الإقليمي الذي كانت تتلقاه قواته، خاصة بعد تعرضها لضربات عسكرية موجعة وكشف انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان في مناطق متعددة، أبرزها ولاية الجزيرة. هذه التطورات مجتمعة قد تزعزع الثقة في قدرة قوات الدعم السريع على تحقيق أهدافها، وتدفع قياداتها إلى اتخاذ قرارات صعبة لحماية مصالحها.
- يشير الخبراء إلى أن حميدتي قد يسعى، في ظل التطورات العسكرية الأخيرة، إلى تحصين نفسه في إقليم دارفور، المعقل التقليدي لقوات الدعم السريع. قد يكون هذا التحرك جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى إنشاء كيان مستقل في غرب السودان، خاصة إذا فشل في السيطرة على الخرطوم. هذا السيناريو يثير مخاوف من تكرار تجربة انفصال جنوب السودان، حيث قد يعلن حميدتي عن انفصال دارفور، مستندًا إلى الدعم الشعبي الذي يتمتع به في بعض مناطق الإقليم، والتضاريس الجغرافية الصعبة التي تعيق أي تدخل عسكري محتمل.
المصدر : الجزيرة